628 626 - ( مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عياض بن عبد الله بن سعد ) بإسكان العين ( ابن أبي سرح ) بفتح المهملة وسكون الراء بعدها مهملة ، القرشي ( العامري ) المكي من كبار التابعين مات على رأس المائة ( أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=10354817سمع أبا سعيد الخدري يقول : كنا نخرج زكاة الفطر ) قال عياض : مذهب مالك والشافعي أن قول الصحابي " كنا نفعل كذا " من قبيل المرفوع ؛ لأنه أضافه إلى زمنه صلى الله عليه وسلم ، والسنة قوله وفعله وإقراره وهذا إقراره ، وأما الرواية التي فيها إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأخرى في عهد رسول الله فلا خلاف أنها مسندة ؛ أي : مرفوعة لا سيما في هذه الصدقة التي كانت تجمع عنده ، ويأمر بقبضها ودفعها ، ا هـ .
( صاعا من طعام ) أي : حنطة ، فإنه اسم خاص له ، وبدليل ذكر الشعير وغيره من الأقوات ، والحنطة أعلاها ، فلولا [ ص: 220 ] أنه أرادها بذلك لذكرها عند التفصيل كغيرها ، ولا سيما حيث عطفت عليها بحرف " أو " الفاصلة ، وقد كان الطعام يستعمل في الحنطة عند الإطلاق ، حتى إذا قيل اذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق القمح ، وإذا غلب العرف نزل اللفظ عليه ؛ لأن ما غلب استعماله ، خطوره عند الإطلاق أغلب ؛ كذا قاله الخطابي وغيره ، بل حكى بعضهم اتفاق العلماء على ذلك ، لكن قال ابن المنذر : غلط من ظن أنه الحنطة ؛ لأن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354818كنا نخرج صاعا من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر كما في الصحيح ، زاد الطحاوي : ولا نخرج غيره ، قال : وفي قوله : " ولما جاء معاوية وجاءت السمراء دليل على أنها لم تكن لهم قوتا قبل هذا ولا كثيرة ، ولا نعلم في الفتح خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه ، ولم يكن البر يومئذ بالمدينة إلا الشيء اليسير منه ، فكيف يتوهم أنهم أخرجوا ما لم يكن قوتا موجودا ؟ وأيده الحافظ بروايات ، ثم قال : فهذه الطرق كلها تدل على أن المراد بالطعام غير الحنطة ، فيحتمل أنه الذرة فإنه المعروف عندأهل الحجاز وهي قوت غالب لهم .
وقال الكرماني : يحتمل أن قوله أو صاعا من شعير . . . إلخ ، بعد قوله : " من طعام " من عطف الخاص على العام ، لكن محله أن يكون الخاص أشرف وليس الأمر هنا كذلك .
( أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر ) أو للتقسيم لا للتخيير لاقتضائه أن يخرج الشعير من قوته أو التمر مع وجوده وليس كذلك .
( أو صاعا من أقط ) بفتح الهمزة وكسر القاف وهو لبن فيه زبدة .
( أو صاعا من زبيب ) فيخرج من أغلب القوت من هذه الخمس ، وخالف في البر والزبيب من لا يعتد بخلافه ، فقال : لا يخرج منهما ، ورده الباجي وعياض بالإجماع السابق عليهما ، وقاس عليها مالك ما في معناها وهو الأرز والدخن والذرة والسلت ، وأجاز مالك إخراجها من الأقط وأباه الحسن ، واختلف فيه قول الشافعي ، وكيف هذا مع نص الحديث عليه ( وذلك بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ) وهو أربعة أمداد ، والمد رطل وثلث عند مالك والشافعي والجمهور ، وقال أبو حنيفة وصاحباه : المد رطلان والصاع ثمانية أرطال ، ثم رجع أبو يوسف إلى قول الجمهور لما تناظر مع مالك فأراه الصيعان التي توارثها أهل المدينة عن أسلافهم من زمنه صلى الله عليه وسلم ، زاد البخاري من رواية سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عياض ، عن أبي سعيد : " فلما جاء معاوية " .
وفي رواية مسلم : " فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر " ، زاد ابن خزيمة : " وهو يومئذ خليفة ، وجاءت السمراء قال : أرى مدا من هذا يعدل مدين " ، ولمسلم : " أرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعا من تمر " ، وبهذا ونحوه تمسك الحنفية في أن الواجب في القمح مدان لكن لم يوافق معاوية على [ ص: 221 ] ذلك .
ففي مسلم ؛ قال أبو سعيد : أما أنا فلا أزال أخرجه أبدا ما عشت . وله من وجه آخر فأنكر ذلك أبو سعيد وقال : لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأبي داود : لا أخرج أبدا إلا صاعا .
وللدارقطني وابن خزيمة والحاكم : فقال له رجل مدين من قمح ؟ فقال : لا ؛ تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها . ولابن خزيمة : فكان ذلك أول ما ذكر الناس المدين ، وهذا يدل على وهن ما ذكر عن عمر وعثمان أنهما قالا بالمدين فليس في المسألة إجماع سكوتي ، خلافا للطحاوي ، قال النووي : وتمسك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة وفيه نظر ؛ لأنه فعل صحابي قد خالف فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد صرح معاوية بأنه رأي رآه لا أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الاتباع والتمسك بالآثار وترك الاجتهاد مع النص .
وفي فعل معاوية ومن وافقه دلالة على جواز الاجتهاد وهو محمود لكنه مع النص فاسد الاعتبار ، فالأشياء المذكورة في حديث أبي سعيد متساوية في مقدار ما يخرج منها متخالفة في القيمة ، وذلك يدل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان ، فلا فرق بين الحنطة وغيرها ، وأما جعل نصف صاع من الحنطة بدل صاع من غيرها ، فهو اجتهاد مبني على أن قيم ما عدا الحنطة متساوية ، وكانت الحنطة غالية الثمن إذ ذاك ، لكن يلزم على ذلك اعتبار القيمة في كل زمان فيختلف الحال ولا ينضبط ، وربما لزم في بعض الأحيان إخراج آصع من حنطة .