63 61 - ( مالك عن سهيل ) بضم السين وفتح الهاء ( ابن أبي صالح ) ذكوان المدني يكنى أبا يزيد ، صدوق تغير بآخرة ، وهو أحد الأئمة المشهورين المكثرين ، وثقه النسائي والدارقطني وغيرهما .
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وقال ابن معين : صويلح ، وقال البخاري كان له أخ فمات فوجد عليه فساء حفظه .
وله في البخاري حديث واحد في الجهاد مقرون بيحيى بن سعيد الأنصاري ، وذكر له حديثين آخرين متابعة في الدعوات واحتج به الباقون ، ومعلوم أن رواية مالك ونحوه عنه كانت قبل التغير ، وله في الموطأ عشرة أحاديث مرفوعة مات في خلافة المنصور .
( عن أبيه ) أبي صالح ذكوان السمان الزيات لأنه كان يبيع السمن والزيت ويختلف بهما من العراق إلى الحجاز المدني ، ثقة ثبت كثير الحديث ، روى عن سعيد وأبي الدرداء وأبي هريرة وعائشة وخلق ، وعنه بنوه سهيل وصالح وعبد الله وعطاء بن أبي رباح والأعمش وغيرهم ، مات سنة إحدى ومائة من الهجرة .
( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن ) قال الباجي : شك من الراوي على الظاهر قال غيره : وفيه تحري المسموع وإلا فهما متقاربان ، ويحتمل أن يكون تنبيها من النبي صلى الله عليه وسلم على الترادف فإنهما يستعملان مترادفين ، وعبر بالعبد إشارة إلى كونه عبادة وجواب الشرط قوله : ( فغسل وجهه ) والفاء مرتبة له على الشرط أي إذا أراد الوضوء فغسل وجهه كذا قال بعض شراح مسلم وفيه تعسف ، والمتبادر أن الجواب قوله : ( خرجت من وجهه كل خطيئة ) إثم ( نظر إليها بعينه ) بالإفراد ويروى بالتثنية [ ص: 158 ] أي نظر إلى سببها إطلاقا لاسم المسبب على السبب مبالغة ، وفيه دلالة على أن الوضوء يكفر عن كل عضو ما اختص به من الخطايا .
( مع الماء أو مع آخر قطر الماء ) شك من الراوي وقيل ليس بشك بل لأحد الأمرين نظرا إلى البداية والنهاية ، فإن الابتداء بالماء والنهاية بآخر قطر الماء ، وتخصيص العين في هذا الحديث والوجه مشتمل على العين والفم والأنف والأذن لأن جناية العين أكثر ، فإذا خرج الأكثر خرج الأقل فالعين كالغاية لما يغفر ، وقال الطيبي : لأن العين طليعة القلب ورائده فإذا ذكرت أغنت عن سواها .
( فإذا غسل يديه ) بالتثنية ( خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها ) أي عملتها ( يداه ) والبطش الأخذ بعنف ، وبطشت اليد إذا عملت فهي باطشة وبابه ضرب وبه قرأ السبعة وفي لغة من باب قتل ، وبها قرأ الحسن البصري وأبو جعفر المدني ( مع الماء أو مع آخر قطر الماء ) مصدر قطر من باب نصر أي سيلانه كذا لأكثر رواة الموطأ ، وزاد ابن وهب : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10351061فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه ) أي مشى لها بهما أو مشت فيها قال تعالى : ( كلما أضاء لهم مشوا فيه ) ( سورة البقرة : الآية 20 ) فالضمير يرجع إلى خطيئة ونصب بنزع الخافض أو هو مصدر أي مشت المشية رجلاه .
( مع الماء أو مع آخر قطر الماء ) وقوله : بعينه ويداه ورجلاه تأكيدات تفيد المبالغة في الإزالة ( حتى يخرج نقيا ) بالنون والقاف نظيفا ( من الذنوب ) بخروجها عنه ، وخص العلماء هذا ونحوه من الأحاديث التي فيها غفران الذنوب بالصغائر ، أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة لحديث الصحيحين : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351062الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينها ما اجتنبت الكبائر " فجعلوا التقييد في هذا الحديث مقيدا للإطلاق في غيره ، لكن قال ابن دقيق العيد : فيه نظر .
وقال ابن التين : اختلف هل يغفر له بهذا الكبائر إذا لم يصر عليها أم لا يغفر سوى الصغائر ؟ قال : وهذا كله لا يدخل فيه مظالم العباد ، وقال في المفهم : لا يبعد أن بعض الأشخاص تغفر له الكبائر والصغائر بحسب ما يحضره من الإخلاص ويراعيه من الإحسان والآداب ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
وقال النووي : ما وردت به الأحاديث أنه يكفر إن وجد ما يكفره من الصغائر كفره ، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتب له به حسنات ورفع به درجات ، وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر اهـ .
وهذا الحديث أخرجه مسلم حدثنا سويد بن سعيد عن مالك عن أنس وحدثني أبو طاهر واللفظ له قال : أخبرنا عبد الله بن وهب عن مالك بن أنس فذكره .
ورواه الترمذي عن قتيبة ومن [ ص: 159 ] طريق معن بن عيسى كليهما عن مالك به كرواية الأكثر دون زيادة ابن وهب لكنها زيادة ثقة حافظ غير منافية فيجب قبولها لأنه حفظ ما لم يحفظ غيره .