أي : استحبابه ، قال ابن عبد البر : أحاديث تعجيله وتأخير السحور صحاح متواترة ، وروى عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا " .
- ( مالك ، عن أبي حازم ) بالمهملة والزاي ؛ سلمة بن دينار ( عن سهل بن سعد الساعدي ) نسبة إلى ساعدة بن كعب بن الخزرج ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال الناس بخير ) في دينهم ، ففي أبي داود وابن خزيمة وغيرهما عن أبي هريرة مرفوعا : لا يزال الدين ظاهرا ( ما عجلوا الفطر ) عند تحقق غروب الشمس برؤية أو شهادة ، زاد أحمد من حديث أبي ذر : وأخروا السحور ، و " ما " ظرفية ؛ أي : مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدودها مستنبطين بعقولهم ما يغير قواعدها ، وعلل صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث أبي هريرة المذكور بقوله : لأن اليهود والنصارى يؤخرون ؛ أي : إلى ظهور النجم .
قال الباجي : أما تأخيره على غير هذا الوجه كمن عن له أمر مع اعتقاد أن صومه قد كمل مع الغروب فلا كراهة فيه ، رواه ابن نافع عن مالك في المجموعة ، وتمام الصوم غروب الشمس لقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل ( سورة البقرة : الآية 187 ) وهذا يقتضي الإمساك إلى أول جزء منه ، لكن لا بد من إمساك جزء من الليل لتيقن إكمال النهار ؛ كذا في المنتقى ، وقال هو في الإيمان وهو شرحه الصغير : إن هذا قول أصحابنا ولا يحتاج إليه عندي ؛ لأنه إذا لم يفطر حتى تغيب الشمس فقد استوفى ذلك ، ولا يتصور فيه غير هذا ؛ انتهى .
قال الحافظ : من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان ، وإطفاء المصابيح المجعولة ؛ علامة لانقضاء الليل زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ، وجرهم ذلك إلى أنهم لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكن الوقت فيما زعموا ، فأخروا الفطر وعجلوا السحور فخالفوا السنة ؛ فلذا قل الخير عنهم وكثر الشر فيهم ، ا هـ .
وقد قال المازري : أشار الحديث إلى أن تغيير هذه السنة علم على فساد الأمر " ولا يزالون بخير ما داموا محافظين عليها " وهذا الحديث [ ص: 233 ] رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به ، وتابعه عبد العزيز بن أبي حازم ويعقوب القاري وسفيان الثوري كلاهما عن أبي حازم به عند مسلم .