ختم الإمام رحمه الله تعالى بخامس أركان الإسلام كما في الحديث على الموجود في النسخ الصحيحة المقروءة ، وإن كان يوجد في كثير من النسخ تقديم كتاب الأيمان والنذور وكتاب الجهاد على الحج ، فإنه لا يظهر له وجه ولا مناسبة ولا حسن تصنيف ، وإن أمكن أن يتعسف توجيه لذلك بأن للأيمان والنذور تعلقا ما بالصيام من جهة أنه قد يحلف به أو ينذره فألحقهما به وللجهاد به نوع تعلق من جهة أن الصيام جهاد للنفس على ترك شهواتها كما أن في جهاد الكفار ذلك ، إذ هي لا ترضى بالتعب لا سيما المؤدي للعطب .
والحج بفتح الحاء وكسرها لغتان الكسر لنجد والفتح لغيرهم ، وقيل : الفتح الاسم والكسر المصدر ، وقيل عكسه ، ووجوبه معلوم بالضرورة ، ولا يتكرر إجماعا إلا لعارض كالنذر ، وفي أنه على الفور أو التراخي لخوف الفوات خلاف مشهور بين الأئمة ، والقول بفرضه قبل الهجرة شاذ ، والجمهور أنه سنة ست من الهجرة لنزول قوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ( سورة البقرة : الآية 196 ) فيها بناء على أن المراد ابتداء الفرض ، ويؤيده قراءة علقمة ومسروق والنخعي : " وأقيموا " ، أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عنهم ، وقيل : المراد بالإتمام الإكمال بعد الشروع ، وهذا يقتضي تقدم فرضه على ذلك ، وفي قصة ضمام ذكر الحج وقدم سنة خمس عند الواقدي فإن ثبت دل على تقدمه عليها أو وقوعه فيها ، وإنما يجب على المستطيع ، ولا يختص بالزاد والراحلة بل يتعلق بالبدن والمال ، إذ لو اختصت للزم أن يشد على الراحلة من يشق عليه جدا ، قال ابن المنذر : لا يثبت حديث تفسيرها بالزاد والراحلة ، والآية الكريمة عامة ليست مجملة فلا تفتقر إلى بيان ، فكلف كل مستطيع قدر بمال أو بدن .
[ ص: 332 ] - 709 703 ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس ) بضم العين آخره سين مهملتين ، قال أبو عمر : كذا ليحيى ومعن وابن القاسم وقتيبة وغيرهم .
وقال القعنبي وابن بكر وابن مهدي ويحيى النيسابوري : أن أسماء ، وعلى كل هو مرسل فالقاسم لم يلق أسماء ، وقد وصله مسلم وأبو داود وابن ماجه من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة أن nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس ( ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء ) بالمد بطرف ذي الحليفة ، ( فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352862مرها فلتغتسل ثم لتهل ) تحرم وتلبي ، ففيه صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض وأولى منهما الجنب لأنهما شاركتاه في شمول اسم الحدث ، وزادتا عليه بسيلان الدم ولذا صح صومه دونهما ، والاغتسال للإحرام مطلقا ، لأن النفساء إذا أمرت به مع أنها غير قابلة للطهارة كالحائض فغيرهما أولى .
واختلف الأصوليون إذا أمر الشارع شخصا أن يأمر غيره بفعل أيكون أمرا لذلك الغير أم لا ؟ واختاره ابن الحاجب وغيره ، فأمره لأبي بكر أن يأمرها ليس أمرا لها منه صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل أن يكون أمرها بذلك وأبو بكر مبلغ لأمره ، وجعل أمرا لأمر أبي بكر في رواية مسلم وغيره عن عائشة قالت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352863نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل " ، باعتبار أنه وجه الخطاب إليه أو أنه مأمور بالتبليغ ، وفيه كما قال عياض : إن عادة الصحابة تحمل السنن بعضهم عن بعض ، واكتفاؤهم بذلك عن سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم الأمر ليس للوجوب عند الجمهور ، وهو سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه لا يرخص في تركها إلا لعذر ، وهو آكد اغتسالات الحج .
وقال ابن خويز منداد : أنه آكد من غسل الجمعة ، وأوجبه أهل الظاهر والحسن وعطاء في أحد قوليه على مريد الإحرام طاهرا أم لا ، وفيه أن ركعتي الإحرام ليستا شرطا في الحج لأن أسماء لم تصلهما .