728 722 - ( مالك عن حميد بن قيس ) المكي ( عن عطاء بن أبي رباح ) المكي التابعي فهو [ ص: 352 ] مرسل ، وصله البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه .
( أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، قال الحافظ : لم أقف على اسمه لكن في تفسير الطرطوشي أن اسمه عطاء بن أمية .
قال ابن فتحون : إن ثبت ذلك فهو أخو يعلى راوي الخبر ، ويجوز أن يكون خطأ من اسم الراوي فإنه من رواية عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه ، ومنهم من لم يذكر بين عطاء ويعلى أحدا .
وأما ثانيا ففي الاستدراك غفلة عظيمة لأن من يقول : أتيت النبي لا يتخيل أنه صاحب صاحب مالك بل إن ثبت فهو آخر اتفاقا في الاسم واسم الأب ولم يثبت لأنه انقلب على شيخنا ، وإنما الذي في الشفاء سواد بن عمرو ، وقيل : سوادة بن عمرو ، أخرج حديثه المذكور عبد الرزاق في مصنفه والبغوي في معجمه ، ( وهو بحنين ) أي منصرف من غزوتها ، والموضع الذي لقيه فيه هو الجعرانة قاله ابن عبد البر .
( وعلى الأعرابي قميص ) ، وفي رواية : وعليه جبة ( وبه أثر صفرة ) من زعفران ( فقال : يا رسول الله إني أهللت بعمرة فكيف تأمرني أن أصنع ؟ ) في عمرتي ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بعد سكوته حتى نزل عليه الوحي ثم سري عنه فقال : أين الذي سأل عن العمرة ؟ فأتي به فقال : ( انزع قميصك ، واغسل هذه الصفرة ) ، ولمسلم : اخلع هذه الجبة ، واغسل هذا الزعفران ، ( عنك ) ، زاد الصحيحان : ثلاث مرات ، قال عياض وغيره : يحتمل أنه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فيكون نصا في تكرار الغسل ، ويحتمل أنه من كلام الصحابي وأنه صلى الله عليه وسلم أعاد لفظ اغسل مرة ثم مرة على عادته أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لتفهم عنه .
( وافعل في عمرتك ما تفعل ) ، وفي رواية : واصنع في عمرتك ما تصنع ( في حجك ) مطابقة لقوله : أن اصنع ، وفيه أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك .
قال ابن العربي : كأنهم كانوا [ ص: 353 ] في الجاهلية يخلقون الثياب ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا ويتساهلون في العمرة ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن مجراهما واحد .
وقال ابن المنير : قوله " واصنع " معناه " اترك " لأن المراد ما يجتنبه المحرم فيؤخذ منه فائدة حسنة وهي أن الترك فعل .
قال : وقول ابن بطال أراد الأدعية وغيرها مما يشترك فيه الحج والعمرة فيه نظر ، لأن التروك مشتركة بخلاف الأعمال ، فإن في الحج أشياء زائدة على العمرة كالوقوف وما بعده ، ويستثنى من الأعمال ما يختص به الحج .
وقال الباجي : المأمور به غير نزع الثوب وغسل الخلوق لأنه صرح له بهما فلم تبق إلا الفدية .
قال الحافظ : ولا وجه لهذا الحصر بل المأمور به الغسل والنزع .
وفيه منع استدامة الطيب بعد الإحرام للأمر بغسله من الثوب والبدن وهو قول مالك ومن وافقه .
وأجاب الجمهور بأن هذه القصة كانت بالجعرانة سنة ثمان باتفاق ، وحديث عائشة في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف ، وإنما يؤخذ بالآخر من الأمر وسبق أجوبة عن حديث عائشة ، وفيه أيضا أن من أصابه طيب في إحرامه ناسيا أو جاهلا ثم علم فبادر إلى إزالته فلا كفارة عليه .
وقال مالك : إن طال ذلك عليه لزمه .
وعن أبي حنيفة وأحمد في رواية تجب مطلقا ، وإن المحرم إذا صار عليه مخيط نزعه ولا يمزقه ولا يشقه وهو قول الجمهور ، خلافا لقول النخعي يشقه ، والشعبي يمزقه ، قالا : ولا ينزعه من قبل رأسه لئلا يصير مغطيا لرأسه ، أخرجه ابن أبي شيبة عنهما .
وعن علي والحسن وأبي قلابة نحوه ، ورد بما رواه أبو داود اخلع عنك الجبة فخلعها من قبل رأسه .
وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وتمزيق الثوب إضاعة له فلا يجوز ، وفيه أن المفتي أو الحاكم إذا لم يعلم الحكم يمسك حتى يتبين ، وأن بعض الأحكام بينت بالوحي وإن لم تكن مما يتلى ، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحكم بالاجتهاد إلا إذا لم يحضره الوحي ، ولا دلالة فيه على منع اجتهاده لاحتمال أنه لم يظهر له الحكم ، أو أن الوحي بدره قبل تمام الاجتهاد ، ولا يلزم معرفة الحكم بطريق منع ما سواه من طرق معرفته .