806 795 - ( مالك عن ابن شهاب ) الزهري ( عن سليمان بن يسار ) الهلالي ( عن عبد الله بن عباس ، قال : كان الفضل بن عباس ) أكبر ولده ، وبه كان يكنى أبوه ، استشهد في خلافة عمر بأجنادين ، هكذا قال مالك ، وأكثر الرواة عن الزهري أن الحديث من مسند عبد الله ، وخالفهم ابن جريج عن ابن شهاب في الصحيحين ، فقال عن ابن عباس عن الفضل : أن امرأة ، فذكره ، فجعله من مسند الفضل ، وتابعه معمر ، قال الترمذي : سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا ، فقال : أصح شيء في هذا ما روي عن ابن عباس عن الفضل ، قال محمد : ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل ، وغيره ، ثم رواه بلا واسطة ، انتهى .
وكأنه [ ص: 436 ] رجح هذا لأن الفضل كان رديف المصطفى حينئذ ، وكان عبد الله تقدم من مزدلفة إلى منى مع الضعفة ، فكأن الفضل حدث أخاه بما شاهده في تلك الحالة ، لكن عند أحمد ، والترمذي : أن العباس كان حاضرا ، فلا مانع أن عبد الله كان معه ، فحمله تارة عن أخيه ، وتارة حدث به عن مشاهدة ، فقال : كان الفضل ( رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) زاد البخاري من رواية شعيب عن الزهري : على عجز راحلته ، وفيه جواز الإرداف ، وهو من التواضع ، ولا خلاف فيه إذا أطاقته الدابة ، والرجل الجليل جميل به الارتداف ، والأنفة منه تجبر وتكبر ، قاله أبو عمر .
( فجاءته امرأة ) ، قال : الحافظ : لم تسم ( من خثعم ) - بفتح الخاء المعجمة ، وسكون المثلثة ، وفتح المهملة - غير مصروف للعلمية ، والتأنيث باعتبار القبيلة لا العلمية ، ووزن الفعل ، قبيلة مشهورة سميت باسم جدها ، واسمه أفتل بن أنمار ، قال ابن الكلبي عن أبيه إنما سمي خثعم بجمل يقال له : خثعم ، ويقال : إنه لما تحالف ولد أفتل على إخوته نحروا بعيرا ، ثم تخثعموا بدمه ، أي تلطخوا به بلغتهم ، ( تستفتيه ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر ) المرأة ( إليه ) ، وكان جميلا ، قال القرطبي : هذا النظر هو بمقتضى الطباع ، فإنها مجبولة على النظر إلى الصورة الحسنة ، ولذا قال في بعض طرق الحديث : وكان الفضل أبيض وسيما .
وفي مسلم عن جابر : وضع يده على وجه الفضل ، فكأنه صرف وجهه ، بل عنقه ، ووضع يده عليه مبالغة في منعه ، وهذا أولى من قول الولي : فعل كلا منهما في وقت ، فلوى عنقه تارة ، ووضع يده على وجهه تارة ، وبين استفتاء ما يقوله ، ( فقالت : يا رسول الله [ ص: 437 ] إن فريضة الله في الحج أدركت أبي ) - لم يسم أيضا - ( شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة ) ، صفة بعد صفة ، أو من الأحوال المتداخلة ، أو شيخا بدل لكونه موصوفا ، أي وجب عليه الحج بأن أسلم وهو شيخ كبير ، وحصل له المال في هذه الحالة ، والأول أوجه ، قاله الطيبي ، ( أفأحج ) أي : أيصح أن أنوب عنه ، فأحج ( عنه ؟ قال : نعم ) ، أي حجي عنه ، وبه استدل من قال كالشافعي : تجب الاستنابة على العاجز عن الحج الفرض ، قال عياض : ولا حجة فيه ، لأن قولها : إن فريضة الله إلى آخره ، لا يوجب دخول أبيها في هذا الفرض ، وإنما الظاهر من الحديث ، أنها أخبرت أن فرض الحج بالاستطاعة نزل وأبوها غير مستطيع ، فسألت هل يباح لها أن تحج عنه ، ويكون له في ذلك أجر ، ولا يخالفه قوله في رواية : فحجي عنه ، لأنه أمر ندب وإرشاد ، ورخصة لها أن تعل لما رأى من حرصها على تحصيل الخير لأبيها .
وقال أبو عمر : حديث الخثعمية خاص بها لا يجوز أن يتعدى إلى غيرها ، لقوله تعالى : من استطاع إليه سبيلا ( سورة آل عمران : الآية 97 ) ، وكان أبوها ممن لا يستطيع ، فلم يكن عليه الحج ، فكانت ابنته مخصوصة بذلك الجواب ، وممن قال بذلك ، مالك ، وأصحابه ، قال الماري للآية لأن الظاهر في الاستطاعة أنها البدنية ، إذ لو كانت المالية ، لقال : أحجاج البيت ، والحج فرع بين أصلين : أحدهما : عمل بدون صرف كالصلاة ، والصوم ، فلا استنابة فيه .
والثاني : مال صرف كالصدقة .
وقال عياض : الاستطاعة عند مالك هي القدرة ولو على رجليه دون مشقة فادحة ، وقال الأكثر : هي الزاد والراحلة ، وجاء فيه حديث ، لكن ضعفه أهل الحديث ، وتأويله عندنا : أنه أحد أنواع الاستطاعة لا كلها ، ولعمري إنه بين إن صح ، فإن كانت الاستطاعة هي السبب فقد تضمن الزاد ، والراحلة ، أمن الطريق ، وصحة الجسم .
( وذلك في حجة الوداع ) ، وفي رواية شعيب عن الزهري ، يوم النحر .
وفي الترمذي وأحمد ، ما يدل على أن السؤال وقع عند المنحر بعد الفراغ من الرمي ، وهذا الحديث رواه البخاري ، وأبو داود عن القعنبي والبخاري أيضا عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم ، عن يحيى ، والنسائي من طريق ابن القاسم الأربعة عن مالك به ، وتابعه عبد العزيز بن أبي سلمة ، وشعيب ، والأوزاعي عند البخاري ، وابن عيينة ، وصالح بن كيسان ، وأيوب السختياني ، ويحيى بن أبي إسحاق عند النسائي سبعتهم عن الزهري به .