848 838 [ ص: 484 ] - ( مالك عن أبي الزناد ) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا ) ، قال الحافظ : لم أقف على اسمه بعد طول البحث ، ( يسوق بدنة ) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد : مقلدة ، وللبخاري من وجه آخر : مقلدة نعلا ، والبدنة تقع على الجمل ، والناقة والبقرة ، وكثر استعمالها فيما كان هديا .
وفي البخاري : قال مجاهد : سميت البدن ببدنها ، بفتح الموحدة ، والمهملة للأكثر ، وبضمها ، وسكون الدال .
( فقال : يا رسول الله إنها بدنة ) ، أي : هدي ، ( فقال : اركبها ويلك في الثانية ، أو الثالثة ) بالشك من الراوي ، وفي رواية همام عند مسلم : " ويلك اركبها ويلك اركبها " ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق ، والثوري ، كلاهما عن أبي الزناد ، ومن طريق ابن عجلان ، عن أبي هريرة ، قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353072اركبها ويحك قال : إنها بدنة ، قال : اركبها ويحك " ، زاد البخاري من رواية عكرمة ، عن أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353073فلقد رأيته راكبها يساير النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها " ، وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت ، إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم ، فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديا ، فقال : إنها بدنة ، والحق أن ذلك لم يخف على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها كانت مقلدة ، ولذا قال لما زاد في مراجعته : ويلك تأديبا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه ، وبه جزم ابن عبد البر ، وابن العربي ، وبالغ فقال : الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ، ولولا أنه - صلى الله عليه وسلم - اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة .
قال القرطبي : ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة ، وغيرها ، فزجره عن ذلك ، فعلى الحالتين فهي دعاء ، ورجحه عياض وغيره قالوا : والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد; لكنه استحق الذم لتوقفه عن امتثال الأمر ، والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادا ، ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها ، أو إثم ، وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه ، فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال ، وقيل : لأنه أشرف على هلكة من الجهد ، وويل يقال لمن وقع في هلكة ، فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب ، فعلى هذا هي إخبار ، وقيل : هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ، ولا تقصد معناها كقولهم : لا أم لك ، ويقويه ما تقدم في بعض الروايات [ ص: 485 ] بلفظ ويحك بدل ويلك ، فإنه يقال : ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها ، وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها .
وفي الحديث تكرير الفتوى ، والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر ، وزجر من لم يبادر ، وتوبيخه ، وجواز مسايرة الكبار في السفر ، وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها ، واحتج بإطلاقه ، وبقوله تعالى : لكم فيها منافع ( سورة الحج : الآية 33 ) ، من أجاز ركوب الهدي اختيارا حيث لا يضرها .
ورواه ابن نافع عن مالك ، وكرهه الجمهور ، ومالك في المشهور إلا لضرورة ، لحديث مسلم عن جابر ، مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353074اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا " ، قال المازري : لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ، ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ، ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ، ولا يجوز باتفاق ، ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابا لإباحة الركوب ، وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك ، وعنه أيضا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها ، وقال بعض أهل الظاهر : يجب ركوبها تمسكا بظاهر الأمر ، ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة .
ورواه البخاري ، عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى ، وأبو داود عن القعنبي ، والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به ، وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن ، عند مسلم ، وسفيان الثوري عند ابن ماجه ، كلاهما عن أبي الزناد به .