[ ص: 492 ] 47 - باب العمل في الهدي إذا عطب ، أو ضل
862 852 - ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) مرسل صورة لكنه محمول على الوصل ؛ لأن عروة ثبت سماعه من ناجية - بالنون والجيم - الصحابي ، فقد أخرجه ابن خزيمة من طريق عبد الرحيم بن سليمان ، عن هشام عن عروة قال : حدثني ناجية ، ورواه أبو داود ، وابن عبد البر من طريق سفيان بن سعيد الثوري ، والترمذي ، وقال : حسن صحيح ، والنسائي من رواية عبدة بن سليمان ، وابن ماجه من رواية وكيع ، والطحاوي من طريق سفيان بن عيينة ، وابن عبد البر من طريق وهيب بن خالد خمستهم عن هشام عن أبيه عن ناجية الأسلمي ، وكذا رواه جعفر بن عون ، وروح بن القاسم ، وغيرهم ، عن هشام ، قال : في الإصابة : ولم يسم أحد منهم والد ناجية ، لكن قال بعضهم : الخزاعي ، وبعضهم : الأسلمي ، ولا يبعد التعدد ، فقد ثبت من حديث ابن عباس أن ذؤيبا الخزاعي حدثه أنه كان مع البدن أيضا .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث ناجية الخزاعي عينا في فتح مكة " ، وقد جزم أبو الفتح الأزدي ، وأبو صالح المؤذن بأن عروة تفرد بالرواية عن ناجية الخزاعي ، فهذا يدل على أنه غير الأسلمي ، انتهى .
لكن جزمها بذلك لا يدل على أن هذا الحديث وكذا بعثه عينا في الفتح . وكون ذؤيب مع البدن لا دلالة فيه على أنه السائل ، فلعل الصواب ، ورواية من قال : إنه الأسلمي لا سيما ، وهم حفاظ ثقات ، وقد جزم ابن عبد البر بأنه ناجية بن جندب الأسلمي ، ثم قال : إنه اختلف على ابن عباس ، فطائفة روت عنه ما يدل على أنه ناجية الأسلمي ، وطائفة روت : أن ذؤيبا الخزاعي والد قبيصة حدثه ، وربما بعث - صلى الله عليه وسلم - أيضا معه هديا ، فسأله كما سأله ناجية ، انتهى .
وقال ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن رجال من أسلم : أن ناجية بن جندب الأسلمي صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( قال : يا رسول الله كيف أصنع بما عطب ) - بكسر الطاء - أي هلك ( من الهدي ) ؟ قال في المشارق ، والنهاية : وقد يعبر بالعطب عن آفة تعتريه تمنعه عن السير ، ويخاف عليه الهلاك ، ( فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353080كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها ) وجوبا ، ( ثم ألق قلادتها في دمها ) ، قال مالك مرة أمره بذلك ، ليعلم أنه هدي ، فلا يستباح إلا على الوجه الذي [ ص: 493 ] ينبغي ، وتأوله مرة على أنه نهى أن ينتفع منها بشيء حتى لا تحبس قلادتها لتقلد بها غيرها ، ( ثم خل بينها ، وبين الناس يأكلونها ) ، زاد في مسلم وغيره في حديث ابن عباس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353081ولا تأكل منها أنت ، ولا أهل رفقتك " ، قال المازري : قيل : نهاه عن ذلك حماية أن يتساهل ، فينحره قبل أوانه ، قال القرطبي : لأنه لو لم يمنعهم أمكن أن يبادر بنحره قبل أوانه ، وهو من المواضع التي وقعت في الشرع ، وحملها مالك على سد الذرائع ، وهو أصل عظيم لم يظفر به غير مالك ، لدقة نظره ، قال عياض : فما عطب من هدي التطوع لا يأكل منه صاحبه ، ولا سائقه ، ولا رفقته لنص الحديث ، وبه قال مالك ، والجمهور ، وقالوا : لا يدل عليه لأنه موضع بيان ، ولم يبين ذلك - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الهدي الواجب إذا عطب قبل محله ، فيأكل منه صاحبه والأغنياء ؛ لأن صاحبه يضمنه لتعلقه بذمته ، وأجاز الجمهور بيعه ، ومنعه مالك ، فإن بلغه محله لم يأكل من جزاء وفدية ، ونذر مساكين وأكل مما سوى ذلك على مشهور المذهب ، وبه قال فقهاء الأمصار ، وجماعة من السلف .