سئل مالك هل يقف الرجل بعرفة أو بالمزدلفة أو يرمي الجمار أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر فقال كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج فالرجل يصنعه وهو غير طاهر ثم لا يكون عليه شيء في ذلك ولكن الفضل أن يكون الرجل في ذلك كله طاهرا ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب أينزل أم يقف راكبا فقال بل يقف راكبا إلا أن يكون به أو بدابته علة فالله أعذر بالعذر
54 - باب وقوف الرجل وهو غير طاهر ، ووقوفه على دابته
( سئل مالك : هل يقف الرجل بعرفة ، أو بالمزدلفة ، أو يرمي الجمار ) يوم النحر ، وغيره ، ( أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر ؟ ) ، أي غير متوض ، ( فقال ) معطيا الحكم بدليله من القياس : ( كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج ، فالرجل يصنعه وهو غير طاهر ، ثم لا يكون عليه شيء في ذلك ) ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للحائض : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353090اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت " فأباح لها الفعل ، ولم يجعل عليها شيئا ، فكذلك الرجل ، ( ولكن الفضل ) ، أي المستحب [ ص: 509 ] ( أن يكون الرجل في ذلك ) المذكور في السؤال ( كله طاهرا ) متوضئا ، لفعله كذلك ، صلى الله عليه وسلم ( ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك ) ، أي عدم الطهارة في تلك الأماكن .
( وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب : أينزل أم يقف راكبا ؟ ) أي : أيهما أفضل ؟ ( فقال : بل يقف راكبا ) لأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ركب حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس كما في مسلم وغيره .
( إلا أن يكون به ، أو بدابته علة فالله أعذر بالعذر ) ، أي بسببه ، قال القاضي عياض فيه : أن الوقوف على ظهور الدواب لمنافع وأغراض لراكبها جائز ما لم يكن ذلك مجحفا بالدابة ، أو لغير غرض صحيح ، وأن النهي في ذلك في الأغلب والأكثر ولمن يتخذ ذلك عادة للتحدث عليها ، كما كانت تفعله الجاهلية ، وأما من كان راكبا عليها فأخذه الحديث مع جماعة ، ولم يطل ذلك كثيرا حتى يضر بها فلا يدخل في النهي ، ومن فعل ذلك قاصدا لغرض صحيح كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ كلامه ، أو لخوف على الدابة إن تركها ، أو على نفسه ، فيركبها ليحرزها ويحرز نفسه بذلك ، فلا حرج عليه .