63 - باب الصلاة في البيت ، وقصر الصلاة ، وتعجيل الخطبة بعرفة
910 896 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة ) عام فتح مكة كما في البخاري في الجهاد ، عن يونس بن يزيد ، عن نافع عن ابن عمر : " أقبل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم الفتح من أعلى مكة " وله في المغازي ، عن فليح عن نافع ، وهو مردف أسامة على القصواء ثم اتفقا ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ في المسجد .
وفي رواية فليح : عند البيت ، وقال لعثمان : ائتنا بالمفتاح ، فجاءه بالمفتاح ، ففتح له البيت ، فدخل .
ولمسلم وعبد الرزاق عن أيوب عن نافع : ثم دعا عثمان بن طلحة بالمفتاح ، فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه ، فقال : والله لتعطينه ، أو أخرجن هذا السيف من صلبي ، فلما رأت ذلك أعطته ، فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتح الباب .
وظهر من رواية فليح أن فاعل فتح هو عثمان المذكور ، لكن روى الفاكهي من طريق ضعيف عن ابن عمر ، قال : كان بنو أبي طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة غيرهم ، فأخذ - صلى الله عليه وسلم - المفتاح ، ففتحها بيده ، ودخل ( هو وأسامة بن زيد ) بن حارثة الكلبي ، الحب بن الحب ، الخليق كل منهما للإمارة بالنص النبوي ، المختص أبوه بأن الله لم يصرح في كتابه باسم أحد من الصحابة سوى زيد البدري ( وبلال بن رباح ) بفتح الراء والموحدة الخفيفة ، أحد السابقين الأولين ( وعثمان بن طلحة ) ابن أبي طلحة بن عبد العزى بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي ( الحجبي ) بفتح المهملة والجيم ، نسبة إلى حجابة الكعبة ، ولذا يقال لأهل بيته الحجبة ، ويعرفون الآن بالشيبيين نسبة إلى [ ص: 530 ] شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، وهو ابن عم عثمان هذا لا ولده ، له أيضا صحبة ورواية ، زاد مسلم من طريق آخر : ولم يدخلها معهم أحد .
وللنسائي عن ابن عون عن نافع زيادة الفضل بن عباس ، ولأحمد عن ابن عباس : حدثني أخي الفضل ، وكان معه حين دخلها ( فأغلقها ) الحجبي ( عليه ) صلى الله عليه وسلم ، ولمسلم عن ابن عون عن نافع : فأجاف عليهم الباب ، ولبعض رواة الموطأ : فأغلقاها بضمير التثنية لعثمان وبلال ، وفي رواية : فأغلقوا عليهم الباب ، وجمع بينهما بأن عثمان هو المباشر لذلك ، لأنه من وظيفته ، ولعل بلالا ساعده في ذلك ، ورواية الجمع يدخل فيها الأمر بذلك والراضي به ، زاد أبو عوانة : من داخل ( ومكث ) بفتح الكاف وضمها ( فيها ) زاد يونس : نهارا طويلا ، وفليح : زمانا بدل نهارا .
وفي رواية جويرية عن نافع : فأطال .
ولمسلم عن ابن عون عن نافع : فمكث فيها مليا . وله عن عبد الله عن نافع : فأجافوا عليهم الباب طويلا .
وعن أيوب عن نافع : فمكث فيها ساعة .
وللنسائي : فوجدت شيئا فذهبت ، ثم جئت سريعا فوجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - خارجا منها .
( قال عبد الله : فسألت بلالا ) ولمسلم من وجه آخر : بلالا أو عثمان بن طلحة بالشك ، والمحفوظ أنه سأل بلالا كما رواه الجمهور .
ولأبي يعلى ، عن عبد الرحمن بن العلاء عن ابن عمر : أنه سأل بلالا ، وأسامة بن زيد .
ولأحمد والطبراني أنه سأل أسامة ، ولمسلم والطبراني فقلت : أين صلى ؟ فقالوا : فإن كان محفوظا حمل على أنه ابتدأ بلالا بالسؤال ، ثم أراد زيادة الاستثبات ، فسأل عثمان وأسامة ، ويؤيده قوله ، وفي رواية لمسلم : ونسيت أن أسألهم كم صلى بالجمع وهذا أولى من جزم عياض بوهم رواية مسلم بالشك ، وكأنه لم يقف على بقية الروايات ( حين خرج ) وفي رواية : ثم خرج فابتدر الناس الدخول فسبقتهم ، وفي أخرى : وكنت رجلا شابا قويا فبادرت الناس فبدرتهم ، وفي أخرى : كنت أول الناس ولج على أثره ، وأخرى : فرقيت الدرجة فدخلت البيت ، وفي رواية مجاهد عن ابن عمر : وأجد بلالا قائما بين البابين فسألته : ( ما صنع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) في الكعبة .
وللصحيحين ، عن سالم عن أبيه فسألته : هل صلى فيه ؟ قال : نعم .
وفي رواية : فسألته أين صلى ؟ فظهر أنه سأل أولا هل صلى أم لا ؟ ثم سأل عن موضع صلاته .
( فقال جعل عمودا ) بالإفراد ( عن يمينه ، وعمودين عن يساره ، وثلاثة أعمدة وراءه ) هكذا رواه يحيى الأندلسي ويحيى النيسابوري والشافعي وابن مهدي في إحدى الروايتين عنهما ، وبشر بن عمرو .
قال ابن القاسم والقعنبي وأبو مصعب ومحمد بن الحسن وإسماعيل والشافعي وابن مهدي في إحدى الروايتين عنهما : جعل عمودين عن يمينه ، وعمودا عن يساره بتثنية الأول ، وإفراد الثاني عكس الرواية الأولى ، والجمع باحتمال تعدد الواقعة بعيد الاتحاد يخرج الحديث ، ورجح البيهقي الرواية [ ص: 531 ] الثانية ، ويأتي توجيههما معا ، ولا إشكال في الروايتين مع قوله : ( وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ) أما على رواية عبد الله بن يوسف ، والجمهور بإفراد عمود فيهما ، فمشكل مع قوله : وكان البيت . . . إلخ ، لأنه يشعر بأن ما عن يمينه أو يساره اثنان ، وجمع بأنه حيث ثنى أشار إلى ما كان عليه البيت في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وحيث أفرد ، أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك ، ويومئذ إليه قوله : وكان البيت يومئذ لأنه يشعر بأنه تغير عن هيئته الأولى .
وقال الكرماني : لفظ عمود جنس يحتمل الواحد والاثنين ، فهو مجمل بينته رواية التثنية ، ويحتمل أن الأعمدة لم تكن على سمت واحد بل اثنان على سمت ، والثالث على غير سمتهما ، ويشعر به رواية البخاري ، عن جويرية عن نافع عن ابن عمر : صلى بين العمودين المقدمين .
قال الحافظ : ويؤيده أيضا رواية مجاهد ، عن ابن عمر بلفظ : بين الساريتين اللتان على يسار الداخل ، وهو صريح في أنه كان هناك عمودان على اليسار ، وأنه صلى بينهما ، فيحتمل أنه كان ثم عمود آخر على اليمين لكنه بعيد وعلى غير سمت العمودين ، فيصح رواية : جعل عن يمينه عمودين ، ورواية : جعل عمودا عن يمينه .
قال الكرماني تبعا لغيره : ويجوز أن هناك ثلاثة أعمدة مصطفة ، فصلى إلى جنب الأوسط ، فمن قال : جعل عمودا عن يمينه ، وعمودا عن يساره ، لم يعتبر الذي صلى إلى جنبه ، ومن قال : عمودين اعتبره وفيه بعد ، وأبعد منه قول من قال : انتقل في الصلاة من مكان إلى مكان ، ولا تبطل الصلاة بذلك أقلته ، وفيه اختلاف رابع ، قال عثمان بن عمر عن مالك : جعل عمودين عن يمينه وعمودين في يساره ، ويمكن توجيهه بأن يكون هناك أربعة أعمدة اثنان مجتمعان ، واثنان منفردان ، فوقف عند المجتمعين ، لكن يعكر عليه قوله : وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة بعد قوله : وثلاثة أعمدة وراءه ، وقد قال الدارقطني : لم يتابع عثمان بن عمر على ذلك .
( ثم صلى ) ركعتين كما رواه الشيخان عن مجاهد عن ابن عمر ، وأحمد وغيره عن عثمان بن طلحة ، والبزار عن أبي هريرة ، والطبراني عن عبد الرحمن بن صفوان ، وشيبة بن عثمان .
قال ابن عبد البر : هكذا رواه جماعة من رواة الموطأ .
وزاد ابن القاسم في روايته : وجعل بينه وبين الجدار نحو ثلاثة أذرع .
ولابن مهدي وابن وهب وابن عفير ثلاثة أذرع لم يقولوا نحو ، انتهى .
وللبخاري ، عن فليح عن نافع عن ابن عمر : " بين ذينك العمودين المتقدمين ، وكان البيت على ستة أعمدة سطرين صلى بين العمودين من السطر المتقدم ، وجعل باب البيت خلف ظهره " ، وقال في آخره : " وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء " .
قال الحافظ : وكل هذا إخبار عما كان عليه البيت قبل أن يهدم ويبنى زمن ابن الزبير .
فأما الآن ففي البخاري ، عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر : أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قبل الوجه حتى يدخل ويجعل الباب قبل الظهر يمشي حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريبا من ثلاثة [ ص: 532 ] أذرع فيصلي يتوخى المكان الذي أخبره بلال أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه .
وجزم برفع هذه الزيادة مالك عن نافع عند أبي داود من طريق ابن مهدي ، والدارقطني من طريقه وطريق ابن وهب ، وغيرهما عن مالك عن نافع عن ابن عمر بلفظ : " وصلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع " ، وكذا رواه أبو عوانة من طريق هشام بن سعد عن نافع وهذا فيه الجزم بثلاثة أذرع ، لكن رواه النسائي من طريق ابن القاسم ، عن مالك بلفظ : " نحوا من ثلاثة أذرع " ، وهذا موافق لرواية موسى بن عقبة .
وأما قدر الصلاة ففي الصحيحين من رواية يحيى القطان عن سيف بن سليمان المكي عن مجاهد عن ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353120فسألت بلالا أصلى النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، ركعتين بين الساريتين اللتين عن يسارك إذا دخلت ، ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين " ، واستشكله الإسماعيلي وغيره بأن المشهور عن ابن عمر من طريق نافع وغيره ، أنه قال : ونسيت أن أسأله كم صلى ، فدل على أنه أخبره بالكيفية ، وهي تعيين الموقف في الكعبة ، ولم يخبره بالكمية ، ونسي هو أن يسأله عنها ، وأجيب باحتمال أن ابن عمر اعتمد في قوله : ركعتين على القدر المحقق له ، لأن بلالا ثبت له أنه صلى ، ولم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - تنفل بالنهار بأقل من ركعتين فتحقق فعلهما لما استقرئ من عادته ، فعلى هذا قوله : ركعتين من ابن عمر لا بلال .
ويحمل على أنه لم يتحقق هل زاد على ركعتين أم لا ؟ وجمع بعضهم بأن ابن عمر نسي أن يسأل بلالا ، ثم لقيه مرة أخرى فسأله ، فيه نظر ، لأن راوي قول ابن عمر ونسيت هو نافع مولاه ، ويبعد مع طول ملازمته له إلى موته أن يستمر على حكاية النسيان ، ولا يتعرض لحكاية الذكر أصلا .
ونقل عياض أن قوله : ركعتين غلط من يحيى القطان لقول ابن عمر : نسيت أن أسأله كم صلى ، وإنما دخل الوهم عليه من ذكر الركعتين بعد مردود ، والمغلط هو الغالط ، فإنه ذكر الركعتين قبل وبعد ، فلم يهم من موضع إلى موضع ، ولم ينفرد يحيى القطان بذلك ، بل تابعه أبو نعيم عند البخاري والنسائي وأبو عاصم عند ابن خزيم ، وعمر بن علي عند الإسماعيلي ، وعبد الله بن نمير عند أحمد ، ولم ينفرد به مجاهد عن ابن عمر ، فقد تابعه عليه ابن أبي مليكة عند أحمد ، والنسائي وعمرو بن دينار عند أحمد [ ص: 533 ] أيضا باختصار ، ولم ينفرد به ابن عمر ، فقد جاء من حديث عثمان بن طلحة عند أحمد والطبراني بإسناد قوي وأبي هريرة عند البزار ، ومن حديث عبد الرحمن بن صفوان قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353122فلما خرج سألت من كان معه ، فقالوا : صلى ركعتين عند السارية الوسطى " أخرجه الطبراني بإسناد صحيح .
ومن حديث شيبة بن عثمان ، قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353123لقد صلى ركعتين عند العمود " أخرجه الطبراني بإسناد جيد ، هذا وفي مسلم ، عن ابن عباس : " أخبرني أسامة أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ، ولم يصل فيه حتى خرج ، فلما خرج صلى في قبل البيت ، وقال : هذه القبلة " وأخرجه البخاري عن ابن عباس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353124لما دخل البيت كبر في نواحيه ، ولم يصل " ، ولم يقل أخبرني أسامة وابن عباس لم يكن معه ، وإنما أسنده قتيبة تارة لأسامة كما في مسلم ، وتارة لأخيه الفضل كما رواه أحمد ، مع أنه لم يأت أن الفضل كان معهم إلا في رواية شاذة ، فيحتمل أن الفضل تلقاه عن أسامة .
وقد روى أحمد وغيره عن ابن عمر عن أسامة إثبات صلاته فيها ، فتعارضت الرواية عن أسامة ، وترجحت رواية بلال لأنه مثبت وأسامة ناف ، ولأنه لم يختلف عليه في الإثبات ، واختلف على من نفى ، وجمع النووي وغيره بين إثبات بلال ونفي أسامة بأنهم لما دخلوا الكعبة ، واشتغلوا بالدعاء ، فرأى أسامة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو فاشتغل أسامة بالدعاء في ناحية والمصطفى في ناحية ، ثم صلى فرآه بلال لقربه منه ، ولم يره أسامة لبعده واشتغاله ، ولأن بإغلاق الباب تكون الظلمة مع احتمال أن يحجبه بعض الأعمدة ، فنفاها عملا بظنه .
وقال المحب الطبري : يحتمل أن أسامة غاب بعد دخوله لحاجة ، فلم يشهد صلاته ، انتهى .
قال : ويمكن حمل الإثبات على التطوع ، والنفي على الفرض .
وجمع غيره بحمل الصلاة المثبتة على اللغوية ، والمنفية على الشرعية ، ورد بأن كونها ركعتين صريح في الشرعية .
وقال المهلب : يحتمل أنه دخل البيت مرتين صلى في إحداهما ، ولم يصل في الأخرى ، وقد يؤيده ما رواه عمر بن شبة بسند صحيح عن حماد بن أبي حمزة قلت لابن عباس : كيف أصلي في الكعبة ؟ قال : كما تصلي على الجنازة ، تسبح وتكبر ، ولا تركع ولا تسجد ، ثم عند أركان البيت سبح وكبر وتضرع واستغفر ، ولا تركع ولا تسجد .
وقال ابن حبان : الأشبه عندي في الجمع أن يجعل الخبران في وقتين ، فلما دخل الكعبة في الفتح صلى فيها ، على ما رواه ابن عمر عن بلال ، ونفى ابن عباس الصلاة فيها في حجة الوداع ، لأنه نفاها ، وأسنده إلى أسامة ، وابن عمر أثبتها وأسنده إلى بلال وإلى أسامة أيضا ، فبطل التعارض ، وهذا جمع حسن ، لكن تعقبه النووي بأنه لا خلاف أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة يوم [ ص: 534 ] الفتح لا في حجة الوداع ، ويشهد له ما رواه الأزرقي عن سفيان عن غير واحد من أهل العلم ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح ، ثم حج فلم يدخلها ، وإذا كان كذلك فلا يمتنع أنه دخلها عام الفتح مرتين ، والمراد بالوحدة في خبر ابن عيينة وحدة السفر لا الدخول ، وللدارقطني من طريق ضعيفة ما يشهد لهذا الجمع ، لكن روى أبو داود ، والترمذي وصححه هو وابن خزيمة ، والحاكم nindex.php?page=hadith&LINKID=10353125عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها ، وهو قرير العين ، ثم رجع وهو حزين ، فقال : دخلت الكعبة فأخاف أن أكون شققت على أمتي ، وظاهره أن ذلك في حجة الوداع ، لأن عائشة لم تكن معه في الفتح ، ولا في عمرته ، وبه جزم البيهقي ، ويحتمل أنه قال لها ذلك بالمدينة بعد رجوعه من الفتح ، فليس في السياق ما يمنع ذلك .
وفي حديث الباب استحباب الصلاة في الكعبة ، وهو ظاهر في النفل ، وبه قال مالك لأنه الواقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنع الفرض داخلها للأمر باستقبالها خص منه النفل بالسنة فلا يقاس عليه الفرض ، وقيد بعض الأصحاب النفل بغير الرواتب وما يطلب فيه الجماعة ، وألحق الجمهور به الفرض ، إذ لا فرق بينهما في الاستقبال للمقيم .
وعن ابن عباس : لا تصح الصلاة داخلها مطلقا ، وعلله بلزوم استدبار بعضها ، وقد أمر باستقبالها ، فيحمل استقبال جميعها ، وقال به بعض المالكية والظاهرية وابن جرير .
وقال المازري : مشهور المذهب منع صلاة الفرض داخلها ، ووجوب الإعادة .
وعن ابن عبد الحكم الإجزاء ، وصححه ابن عبد البر وابن العربي ، وأن الأشهر أن يعيد في الوقت .
وعن ابن حبيب : يعيد أبدا ، وعن أصبغ : إن كان متعمدا .
قال الحافظ : ونقل النووي في زوائد الروضة أن صلاة الفرض داخل الكعبة إن لم يرج جماعة أفضل منها خارجها مشكل ، لأن الصلاة خارجها متفق على صحتها بخلاف داخلها ، فكيف يكون المختلف في صحته أفضل من المتفق عليه ؟ وفيه رواية الصحابي وسؤال المفضول والاكتفاء به مع وجود الأفضل والحجة بخبر الواحد ، ولا يقال هو أيضا خبر واحد ، فكيف يحتج للشيء بنفسه ؟ لأنا نقول : هو فرد ينضم إلى نظائر مثله توجب العلم بذلك ، واختصاص السابق بالبقعة الفاصلة والسؤال عن العلم والحرص فيه ، وفضل ابن عمر لحرصه على تتبع آثاره - صلى الله عليه وسلم - ليعمل بها ، وأن الفاضل من الصحابة قد كان يغيب في بعض المشاهد الفاضلة ، ويحضره من هو دونه فيطلع على ما لم يطلع عليه ، لأن العمرين وغيرهما ممن هو أفضل من بلال ومن معه لم يشاركوهم في ذلك ، وجواز الصلاة بين السواري ، لكن روى الحاكم بإسناد صحيح عن أنس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353126نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بين السواري " فدل فعله على أن النهي للكراهة ، وفيه مشروعية الأبواب والغلق للمساجد ، وأن السترة إنما تشرع حيث يخشى المرور لصلاته بين العمودين ، ولم يصل إلى أحدهما ، لكن الظاهر أنه ترك ذلك اكتفاء بقربه من الجدار كما مر أن بين مصلاه والجدار [ ص: 535 ] نحو ثلاثة أذرع .