960 943 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل ) بقاف ثم فاء ، بزنة رجع ، ومعناه : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353190من غزو أو حج أو عمرة يكبر ) الله تعالى ( على كل شرف ) بفتح المعجمة والراء ثم فاء ، أي مكان عال ( من الأرض ) ولمسلم من رواية عبيد الله عن نافع : إذا أوفى على ثنية أو فدفد كبر ، أي ارتفع على ثنية ، بمثلثة فنون فتحتية ، هي العقبة ، وفدفد بفتح الفاءين بعد كل دال مهملة ، الأشهر أنه المكان المرتفع ، وقيل : الأرض المستوية ، وقيل : الفلاة الخالية من شجر وغيره ، وقيل : غليظ الأودية ذات الحصى .
( ثلاث تكبيرات ) قال الطيبي : وجه التكبير على الأماكن العالية هو ندب الذكر عند تجدد الأحوال والتقلبات ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يراعي ذلك في الزمان والمكان .
وقال الحافظ الزين العراقي : مناسبته أن الاستعلاء محبوب للنفس ، وفيه ظهور وغلبة ، فينبغي للمتلبس به أن يذكر عنده أن الله أكبر من كل شيء ، ويكرر ذلك ، ويستمطر منه المزيد .
( ثم يقول : لا إله إلا الله ) بالرفع على الخبرية بلا ، أو على البدلية من الضمير المستتر في الخبر المقدر ، أو من اسم لا باعتبار محله قبل دخولها ( وحده ) حال ، أي منفرد ( لا شريك له ) عقلا لاستحالته ، ونقلا : ( وإلهكم إله واحد ) ( سورة البقرة الآية : 163 ) في آيات أخر ، وهو تأكيد لوحده ، لأن المتصف بها لا شريك له ( له الملك ) بضم الميم ، السلطان والقدرة وأصناف المخلوقات ( وله الحمد ) زاد في رواية للطبراني : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352387يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت بيده الخير " ( وهو على كل شيء قدير ) قال الحافظ : يحتمل أنه كان يأتي بهذا الذكر عقب التكبير على المكان المرتفع ، ويحتمل أنه يكمل الذكر مطلقا ، ثم يأتي بالتسبيح إذا هبط ، قال القرطبي : وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المنفرد [ ص: 591 ] بإيجاد جميع الموجودات ، وأنه المعبود في جميع الأماكن .
( آيبون ) بالرفع خبر مبتدأ محذوف ، أي نحن آيبون ، جمع آيب بوزن راجع ، ومعناه : أي راجعون إلى الله ، وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع ، فإنه تحصيل الحاصل ، بل الرجوع في حالة مخصوصة ، وهي تلبسهم بالعبادة المخصوصة ، والاتصاف بالأوصاف المذكورة ( تائبون ) من التوبة ، وهي الرجوع عما هو مذموم شرعا إلى ما هو محمود شرعا ، وفيه إشارة إلى التقصير في العبادة ، وقاله - صلى الله عليه وسلم - تواضعا ، أو تعليما لأمته ، أو المراد أمته ، وقد تستعمل التوبة لإرادة الاستمرار على الطاعة ، فيكون المراد أن لا يقع منهم ذنب .
وهذا في سفر الغزو ، ومناسبته للحج والعمرة قوله : ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) ( سورة الفتح : الآية 27 ) ( ونصر عبده ) محمدا ، صلى الله عليه وسلم ( وهزم الأحزاب وحده ) من غير فعل أحد من الآدميين ، ولا سبب من جهتهم ، وهذا معنى الحقيقة ، فإن العبد وفعله خلق لربه ، والكل منه وإليه ، ولو شاء أن يبيد الكفار بلا قتال لفعل ، وفيه التفويض إلى الله تعالى ، قيل الأحزاب هنا : كفار قريش ، ومن وافقهم ، الذين تحزبوا ، أي تجمعوا في غزوة الخندق ، ونزل فيهم سورة الأحزاب ، وقيل : المراد أعم من ذلك ، أي أحزاب الكفار في جميع الأيام والمواطن ، قال النووي : والمشهور الأول قيل : فيه نظر لأنه يتوقف على أن هذا الذكر ، إنما شرع من بعد الخندق ، وأجيب بأن غزواته التي خرج فيها بنفسه محصورة ، والمطابق منها لذلك غزوة الخندق لظاهر قوله تعالى : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ) ( سورة الأحزاب : الآية 25 ) وقوله قبل ذلك : ( إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ) ( سورة الأحزاب : الآية 9 ) الآية .
وأصل الحزب : القطعة المجتمعة من الناس ، فاللام إما جنسية ، أي كل من تحزب من الكفار ، وإما عهدية ، والمراد : من تقدم وهو الأقرب .
قال القرطبي : ويحتمل أن يكون هذا الخبر بمعنى الدعاء ، أي اللهم اهزم الأحزاب ، والأول أظهر .
ثم ظاهر الحديث اختصاص ذلك بالغزو والحج والعمرة ، والجمهور على أنه يشرع قول ذلك في كل سفر طاعة كصلة رحم ، وطلب علم لما يشمل الجميع من اسم الطاعة ، وإنما اقتصر الصحابي على الثلاث لانحصار سفره - صلى الله عليه وسلم - فيها ، وقيل : يتعدى أيضا إلى السفر المباح ، لأن المسافر فيه لا ثواب له ، فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب [ ص: 592 ] وقيل : يشرع في سفر المعصية أيضا ، لأن مرتكبها أحوج إلى تحصيل الثواب من غيره ، وتعقب بأن هذا يخصه بسفر الطاعة لا يمنع من سافر في مباح ولا معصية من الإكثار من ذكر الله ، وإنما النزاع في خصوص هذا الذكر في هذا الوقت المخصوص ، فذهب قوم إلى الاختصاص لكونها عبادات مخصوصة ، شرع لها ذكر مخصوص ، فتختص به كالذكر المأثور عقب الأذان ، وعقب الصلاة ، انتهى .
وفيه جواز السجع في الدعاء بلا تكلف ، وإنما ينهى عن المتكلف ، لأنه يشغل عن الإخلاص ، ويقدح في النية ، ورواه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف .
وفيه الدعوات عن إسماعيل ومسلم من طريق معن ، الثلاثة عن مالك به ، وتابعه عبيد الله وأيوب والضحاك عن نافع عند مسلم .