961 944 - ( مالك عن إبراهيم بن عقبة ) بالقاف ، ابن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني ، وثقه أحمد وابن معين والنسائي ، وروى عنه أيضا السفيانان وحماد بن زيد وابن المبارك وآخرون .
وقال ابن عبد البر : ثقة حجة أسن من أخيه موسى ، ومحمد أسن منه ، وسمع إبراهيم من nindex.php?page=showalam&ids=11503أم خالد بنت خالد بن سعيد ، وهي من المبايعات ، وزعم ابن معين أنهم مواليها ، لم يتابع عليه ، والصواب أنهم موالي آل الزبير ، كما قال مالك والبخاري وغيرهما في الموطأ ، مرفوعا ، هذا الحديث الواحد ( عن كريب مولى عبد الله بن عباس ) مرسلا ، عند أكثر رواة الموطأ ووصله الشافعي وابن وهب ومحمد بن خالد وأبو مصعب وعبد الله بن يوسف ، فزادوا ( عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة ) ولمسلم وغيره : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353192أنه - صلى الله عليه وسلم - لقي ركبا بالروحاء فقال : من القوم ؟ فقالوا : المسلمون ، فقالوا : من أنت ؟ قال رسول الله : فرفعت إليه امرأة صبيا " ( وهي في محفتها ) بكسر الميم ، كما جزم به الجوهري وغيره ، وحكي في المشارق الكسر ، والفتح بلا ترجيح شبه الهودج إلا أنه لا قبة عليها .
( فقيل لها : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بضبعي صبي ) بفتح الضاد المعجمة وإسكان الموحدة وفتح العين ، مثنى ، وهما باطنا الساعد ( كان معها ) ولأبي داود : ففزعت امرأة ، فأخذت بعضو صبي ، فأخرجته من محفتها ، وهو بكسر الزاي ، أي ذعرت خوفا أن يفوتها المصطفى ويتعذر عليها سؤاله ، ويحتمل أن المراد بالفزع هنا : الاستغاثة ، والالتجاء ، أي استغاثت به ، أو بادرت أو قصدته .
[ ص: 593 ] قال عياض : والأجر لها فيما تتكلفه من أمره في ذلك وتعليمه وتجنيبه ما يجتنب المحرم .
وقال عمر وكثيرون : إن الصبي يثاب وتكتب حسناته دون السيئات .
واختلف هل هو مخاطب على وجه الندب ، أو إنما المخاطب الولي بحمله على أدب الشريعة للتمرين ، وهذا هو الصحيح ، وعلى هذا فلا يبعد أن الله سبحانه يدخر للصبي ثواب ما عمل .
قال النووي : والصبي الذي يحرم عنه الولي ، الصحيح عندنا أنه الولي الذي له النظر في ماله من أب أو جد أو وصي أو مقدم قاض أو ناظر ، ولا يصح إحرام الأم عنه ، إلا أن تكون وصية أو مقدمة من القاضي ، وقيل : يصح إحرامها وإحرام العصبة ، وإن لم يكن لهم نظر في المال نقله الأبي وأقره ، وهو مقتضى مذهب مالك ، رحمه الله .
قال الشيخ ولي الدين : لا يصح الاستدلال بهذا الحديث على صحة الإحرام عنه مطلقا لاحتمال أن هذا الصبي كان مميزا فأحرم هو عن نفسه ، وعلى تقدير أنه لم يميز ، فلعل له وليا أحرم عنه ، وعلى تقدير أنها التي أحرمت فلعلها ولية مال ، وفيه المبادرة إلى استفتاء العلماء ، والأخذ عنهم قبل فواتهم ، وجواز ركوب المحفة والمحمل ، وإن كان الأفضل الركوب على القتب في حق من أطاقه ، لكن الظاهر أن المحمل في حق المرأة أولى ، لأنه أستر لها ، وفيه مشروعية الحج بالصغار ، وبه قال الأئمة .
قال ابن عبد البر : وعليه جمهور العلماء في كل قرن .
وقالت طائفة : لا يحج بهم ، وهو قول لا يشتغل به ، ولا يعرج عليه .
وقال عياض : لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان ، وإنما منعه طائفة من أهل البدع لا يلتفت إليهم ، بل هو مردود بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وإجماع الأمة ، وفيه انعقاد حج الصبي ، وصحته ، ووقوعه نفلا ، وإنه مثاب عليه فيجتنب ما يجتنبه الكبير مما يمنعه الإحرام ، ويلزمه من الفدية والهدي ما يلزمه ، وبه قال الأئمة الثلاثة والجمهور .
وقال أبو حنيفة : لا ينعقد ، وإنما يجنب من ذلك ، ويفعل للتمرين ليفعله إذا بلغ .
قال المازري وغيره : والحديث حجة للجمهور ، وتأوله الحنفية على أنه إنما يفعل به ذلك للتمرين ، واحتمال أن الصبي كان بالغا لا يصح إذ لا فائدة لقولها : ألهذا حج ؟ على أنه في بعض طرق الحديث صرح بأنه صغير ، ويدل عليه رفعها له ، إذ لا يرفع الكبير ، ويدل له أيضا فأخذت بضبعي صبي وهي في محفة ، وفي رواية : فأخرجته من محفتها .
قال عياض : وأجمعوا على أنه لا يجزئ إذا بلغ عن حجة الفرض ، إلا فرقة شذت ، فقالت : يجزئه ، ولم يلتفت العلماء إلى قولها .
وحكى ابن عبد البر عن داود في المملوك البالغ إذا حج قبل عتقه يجزئه عن حجة الإسلام دون الصبي ، وفرق بخطاب المملوك عنده به والصبي غير مخاطب وجمهور العلماء على أن العبد لا يخاطب بالحج ، وأنه لا يجزئه عن الفرض كالصبي ، وهذا الحديث رواه النسائي من طريق محمد بن خالد ، وابن وهب والطحاوي وغيره من طريق الشافعي ، وابن عبد البر من طريق ابن أبي [ ص: 594 ] مصعب ، الأربعة عن مالك به متصلا ، وتابعه سفيان بن عيينة عند مسلم وأبي داود والنسائي وغيرهم ، ولم يختلف عليه في اتصاله ، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة كلاهما عند البيهقي موصولا ، وأخوه موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق ، رواهما ابن عبد البر متصلا ، وسفيان الثوري مرسلا ، في رواية ابن مهدي عنه عند مسلم ، وموصولا في رواية أبي نعيم الفضل بن دكين عنه عند النسائي ، فاختلف عليه في وصله وإرساله كما اختلف على مالك في ذلك ، والظاهر أن كلا من مالك وشيخه إبراهيم حدث به على الوجهين ، فإن الرواة عن كل منهما بالوصل والإرسال حفاظ ثقات ، ويقوي ذلك أنه اختلف على ابن القاسم ، فرواه سحنون عنه عن مالك مرسلا ، ورواه يوسف بن عمرو والحارث بن مسكين عنه عن مالك متصلا ، فكأنه سمعه من مالك بالوجهين ، وقد أخرجه مسلم بالوجهين من طريق السفيانين ، وكأن البخاري ترك تخريجه في صحيحه لهذا الاختلاف ، لكن قال ابن عبد البر : من وصل هذا الحديث وأسنده ، فقوله أولى وأصح ، والحديث صحيح مسند ثابت الاتصال لا يضره تقصير من قصر به لأن الذين أسندوه حفاظ ثقات ، انتهى . وسبقه إلى ذلك الإمام أحمد فصحح وصله .