واعترضه الإسماعيلي بأنه لم يقل أحد أن من يحسن القرآن لا يغزو العدو في دارهم ، قال الحافظ هذا اعتراض من لم يفهم مراد البخاري ، وادعى المهلب أن مراده تقوية القول بالتفرقة بين الجيش الكثير فيجوز والطائفة القليلة فيمنع .
( قال مالك : وإنما ذلك ) أي النهي ( مخافة أن يناله العدو ) فيؤدي إلى استهانته ، قال ابن عبد البر : كذا قال [ ص: 16 ] يحيى الأندلسي وابن بكير وأكثر الرواة عن مالك ، ورواه ابن وهب عنه فقال : خشية أن يناله العدو فجعله من المرفوع ، وكذا قال عبيد الله بن عمر وأيوب عن نافع : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353235نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو " قال الحافظ : أشار إلى تفرد ابن وهب برفعها عن مالك وليس كذلك فقد تابعه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ثم ابن ماجه بلفظ : مخافة أن يناله العدو ، ولم يجعله قول مالك .
وقد رفعها ابن إسحاق أيضا عند أحمد والليث ، وأيوب عند مسلم ، فصح أن التعليل مرفوع وليس بمدرج ، ولعل مالكا كان يجزم برفعه ثم صار يشك فيه فجعله من تفسير نفسه .
قال ابن عبد البر : أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالمصحف في السرايا والعسكر لصغير المخوف عليه وفي التكبير المأمون خلاف فمنع مالك أيضا مطلقا .
وفصل أبو حنيفة وأدار الشافعي الكراهة مع الخوف وجودا وعدما واستدل به على منع بيع المصحف من الكافر للعلة المذكورة فيه وهو التمكن من استهانته ، ولا خلاف في تحريم ذلك إنما اختلف هل يصح لو وقع ويؤمر بإزالة ملكه عنه أم لا ، واستدل به على منع تعليم الكافر القرآن وبه قال مالك مطلقا ، وأجازه أبو حنيفة مطلقا .
وعن الشافعي القولان .
وفصل بعض المالكية بين القليل لأجل مصلحة قيام الحجة عليهم فأجازه وبين الكثير فمنعه ، ويؤيده كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل بعض آيات .
ونقل النووي الاتفاق على جواز الكتابة إليهم بمثله ، زاد بعضهم منع بيع كتب فقه فيها آثار ، قال السبكي : بل الأحسن أن يقال كتب علم وإن لم يكن فيها آثار تعظيما للعلم الشرعي ، قال ولده التاج : وينبغي منع ما يتعلق بالشرعي ككتب النحو والفقه ، وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود عن القعنبي ومسلم عن يحيى كليهما عن مالك به ، غير أن البخاري ومسلما لم يذكرا التعليل للاختلاف في رفعه ، وذكره أبو داود مخافة . . . إلخ