1001 985 [ ص: 53 ] - ( مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : والذي نفسي بيده ) بقدرته أو في ملكه ( لا يكلم ) بضم الياء وسكون الكاف وفتح اللام أي يجرح ( أحد ) مسلم كما قيد به في الصحيحين من رواية همام عن أبي هريرة ( في سبيل الله عز وجل ) أي الجهاد ( والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) جملة معترضة بين المستثنى منه والمستثنى مؤكدة مقررة لمعنى المعترض فيه وتفخيم شأن من يكلم في سبيل الله ، ونظيره قوله تعالى : ( قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت ) ( سورة آل عمران : الآية 93 ) أي بالشيء الذي وضعت وما علق به من عظائم الأمور ، ويجوز أن يكون تتميما للصيانة عن الرياء والسمعة وتنبيها على الإخلاص في الغزو ، وأن الثواب المذكور إنما هو لمن أخلص لتكون كلمة الله هي العليا .
( إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب ) بفتح الياء وإسكان المثلثة وفتح المهملة فموحدة ( دما ) أي يجري متفجرا أي كثيرا ( اللون لون الدم والريح ريح المسك ) أي كريحه إذ ليس هو مسكا حقيقة بخلاف لون الدم فلا تقدير فيه لأنه دم حقيقة فليس له من أحكام الدماء وصفاتها إلا اللون فقط .
قال العلماء : الحكمة كذلك ليكون معه شاهد فضيلته ببذله نفسه في طاعة الله تعالى وعلى من ظلمه ، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يستشهد أو تبرأ جراحته .
قال الحافظ : ويحتمل أن المراد ما مات صاحبه به قبل اندماله لا ما اندمل في الدنيا ، فإن أثر الجراحة وسيلان الدم يزول ، ولا ينفي ذلك أن له فضلا في الجملة ، لكن الظاهر أن الذي يجيء يوم القيامة وجرحه يثعب دما من فارق الدنيا كذلك .
وقال النووي : قالوا وهذا الفضل وإن كان ظاهره أنه في قتال الكفار فيدخل فيه من جرح في سبيل الله في قتال البغاة وقطاع الطريق ، وفي إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك .
وكذا قال ابن عبد البر واستشهد بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352517من قتل دون ماله فهو شهيد " لكن توقف الولي العراقي في دخول من قاتل دون ماله في هذا الفضل لإشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اعتبار الإخلاص بقوله : " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " والمقاتل دون ماله لا يقصد وجه الله بذلك وإنما يقصد [ ص: 54 ] صون ماله وحفظه فهو يفعل ذلك بداعية الطبع لا بداعية الشرع ، ولا يلزم من كونه شهيدا أن يكون دمه يوم القيامة كريح المسك رأى بذل نفسه فيه لله حتى يستحق هذا الفضل .
وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به وتابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد به عند مسلم وغيره .