1037 1022 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) اتفقت الرواة على أنه من مسند ابن عمر ، وحكى يعقوب بن شيبة أن عبد الله العمري المكبر الضعيف رواه عن نافع فقال : عن ابن عمر عن عمر ( أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب ) راكبي الإبل عشرة فصاعدا ، وفي مسند يعقوب بن شيبة في غزاة ( وهو يحلف بأبيه ) وفي رواية [ ص: 101 ] عبد الله بن دينار عند مسلم وكانت قريش تحلف بآبائها ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) زاد القعنبي : ألا ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353388إن الله ينهاكم عن أن تحلفوا بآبائكم ) لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=10353390أفلح وأبيه إن صدق فقال ابن عبد البر : إن هذه اللفظة منكرة غير محفوظة يردها الآثار الصحاح ، وقيل : أنها مصحفة من قوله والله وهو محتمل ، ولكن مثل هذا لا يثبت بالاحتمال لا سيما وقد ثبت ذلك من لفظ الصديق في قصة السارق الذي سرق حلي ابنته فقال : وأبيك لأنبئنك أو لأحدثنك .
وأحسن الأجوبة ما قاله البيهقي وارتضاه النووي وغيره أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير أن يقصدوا به القسم ، والنهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف أن في الكلام حذفا ؛ أي : أفلح ورب أبيه ، قاله البيهقي أيضا انتهى .
وقال ابن عبد البر : لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع ، ومراده بنفي الجواز الكراهة أعم من التحريم والتنزيه ، فإنه قال في موضع آخر : أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز لأحد الحلف بها ، وإنما خص الحديث بالآباء لوروده على سببه المذكور أو لكونه غالب حلفهم لقوله في الرواية الأخرى : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353392وكانت قريش تحلف بآبائها ، ويدل على التعميم قوله : ( من كان حالفا ) ؛ أي : مريدا للحلف ( فليحلف بالله ) لا بغيره من الآباء وغيرهم ( أو ليصمت ) بضم الميم كما ضبطه غير واحد وكأن الرواية المشهورة وإلا فقد قال الطوفي سمعناه بكسرها وهو القياس لأن قياس فعل بفتح العين يفعل بكسرها كـ " ضرب يضرب ، ويفعل بضم العين فيه دخيل كما في خصائص ابن جني انتهى .
؛ أي : لا يحلف لا أنه يلزمه الصمت إذا لم يحلف بالله ، فهو نظير قوله تعالى : سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ( سورة الأعراف : الآية 193 ) ؛ أي : أم لم تدعوهم ، والتخيير في حق [ ص: 102 ] من وجبت عليه اليمين فيحلف ليبرأ أو يترك ويغرم ، وظاهره أن اليمين بالله مباحة لأن أقل مراتب الأمر الإباحة وإليه ذهب الأكثر وهو الصحيح نقلا لأنه - صلى الله عليه وسلم - حلف كثيرا وأمره الله به . قل إي وربي إنه لحق ( سورة يونس : الآية 53 ) ونظرا لأنه تعظيم لله تعالى ، و " من " شرطية في موضع رفع بالابتداء وكان واسمها وخبرها في محل الخبر ، وظاهره تخصيص الحلف بالله خاصة ، لكن اتفق الفقهاء على أن بالله وذاته وصفاته العلية ، فكأن المراد بقوله بالله الذات لا خصوص لفظ الله ، فمن حلف بغيره لم تنعقد يمينه كان المحلوف به يستحق التعظيم كالأنبياء والملائكة والكعبة أو لا كالآحاد ، أو يستحق التحقير كالشياطين والأصنام ، وليستغفر الله لإقدامه على ما نهي عنه ولا كفارة ، نعم استثنى بعض الحنابلة من ذلك الحلف بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال : ينعقد به اليمين وتجب الكفارة بالحنث به ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أحد ركني الشهادة التي لا تتم إلا به ، ولا حجة في ذلك إذ لا يلزم منه انعقاد اليمين به ، بل ولا جواز الحلف به ، ولا سيما مع صحة هذا النهي الصريح عنه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، ولله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه كالليل والنهار ليعجب بها المخلوقين ويعرفهم قدرته لعظم شأنها عندهم ولدلالتها على خالقها ، أما المخلوق فلا يقسم إلا بالخالق كما قيل :
ويقبح من سواك الشيء عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا وزاد البخاري ومسلم من طريق سالم عن أبيه قال عمر : فوالله ما حلفت منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاكرا ولا آثرا بمد الهمزة وكسر المثلثة ؛ أي : حاكيا عن غيري ، أي : ما حلفت بأبي عامدا ولا حاكيا عن غيري واستشكل بأن الحاكي لا يسمى حالفا ، وأجيب بأن العامل محذوف ؛ أي : ولا ذكرتها آثرا عن غيري أو ضمن " حلفت " معنى " تكلمت " ، أو معناه يرجع إلى التفاخر بالآباء ، فكأنه قال : ما حلفت بآبائي ذاكرا لمآثرهم ، وحديث الباب رواه البخاري عن القعنبي عن مالك به ورواه مسلم وغيره .