وفي رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353554لا شغار في الإسلام ( والشغار أن يزوج الرجل ابنته ) أو أخته أو أمته ( على أن يزوجه آخر ابنته ) أو وليته ( ليس بينهما صداق ) بل يضع كل منهما صداق الأخرى ، مأخوذ من قولهم : شغر البلد عن السلطان إذا خلا عنه لخلوه عن الصداق أو لخلوه عن بعض الشرائط .
وقال ثعلب : من قولهم شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول كأن كلا من الوليين يقول للآخر : لا ترفع رجل ابنتي حتى أرفع رجل ابنتك ، وفي التشبيه بهذه الهيئة القبيحة تقبيح للشغار وتغليظ على فاعله ، وأكثر رواة مالك لم ينسبوا هذا التفسير لأحد ، ولذا قال الشافعي - رضي الله عنه - : لا أدري أهو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ابن عمر أو نافع أو مالك ؟ حكاه البيهقي .
وقال الخطيب وغيره : هو قول مالك ، وصله بالمتن المرفوع ، بين ذلك ابن مهدي والقعنبي ومحرز بن عون فيما أخرجه أحمد .
وقال الباجي : قوله نهى عن الشغار مرفوعا اتفاقا وباقيه من تفسير نافع ، والظاهر أنه من جملة الحديث حتى يتبين أنه من قول الراوي . انتهى . وقد تبين ذلك : ففي مسلم هنا والبخاري في ترك الحيل من طريق عبيد الله قلت لنافع : ما الشغار ؟ قال : فذكره ، ولذا قال الحافظ : الذي تحرر أنه من قول نافع .
قال عياض عن بعض العلماء : كان الشغار من نكاح الجاهلية يقول شاغرني وليتي بوليتك أي عاوضني جماعا بجماع ، ولا خلاف أن غير البنت من الإماء والأخوات وغيرهن حكم البنت ، وتعقبه الأبي بأن مذهب مالك اختصاصه بذوات الجبر وهو في غيرهن بمنزلة من تزوج على أن لا صداق فيمضي بالدخول ، قال : ولا حجة فيما وقع عند مسلم في حديث أبي هريرة " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353555نهى - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار " زاد ابن نمير : وللشغار أن يقول : زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي وزوجني أختك وأزوجك أختي ؛ لأنه ليس من لفظه صلى الله عليه وسلم .
قال عياض : ولا خلاف في النهي عنه ابتداء ؛ فإن وقع أمضاه الكوفيون والزهري وعطاء إذا صحح بصداق المثل ، وأبطله [ ص: 217 ] مالك والشافعي ، واختلف في علة البطلان فقيل : لأن كلا من الفرجين معقود به وعليه ، وقيل : لخلوه من الصداق ، فعلى الأول فساده في عقده فيفسخ بعد البناء ، وعلى الثاني فساده في صداقه فيمضي بالبناء وهما قولان لمالك ، رضي الله عنه .
قال غيره : وإنما اختلف قول مالك للاختلاف في النهي هل يدل على الفساد ؟ أو للخلاف في تفسيره هل هو مرفوع أو من قول ابن عمر وأبي هريرة وهما أدرى بما سمعا لأنهما عربيان عالمان بمواقع الألفاظ ، وإنما النظر إذا كان من تفسير نافع فإنه عجمي تعرب ، ولذا اختلف نظر العلماء ، وليس البطلان لترك ذكر الصداق لصحة النكاح بدون تسميته ، لكن قال ابن دقيق العيد : قوله ليس بينهما صداق يشعر بأن جهة الفساد ترك ذكر الصداق . انتهى . أي مع جعل بضع كل منهما صداقا للأخرى وهذا صريح الشغار .
قال مالك في المدونة : يفسخ وإن طال وولدت الأولاد ، قال ابن القاسم : بطلاق .
وأما وجه الشغار وهو أن يسمي لكل صداقا على أن يزوج كلا منهما الآخر فيفسخ قبل البناء ويثبت بعده بالأكثر من المسمى وصداق المثل ، وأما المركب منهما وهو أن يسمى لإحداهما صداقا والأخرى بلا صداق فالمسمى لها حكم وجهه والأخرى كصريحه ، وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى ، كلاهما عن مالك به ، ورواه أصحاب السنن الأربعة من طريق مالك ، وتابعه عبيد الله بن عمر في الصحيحين وعبد الرحمن السراج وأيوب عند مسلم ، الثلاثة عن نافع عن ابن عمر ، وتابعه أبو هريرة وجابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسلم أيضا .