1192 1176 - ( مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ) المدني الفقيه ، المعروف بربيعة الرأي ، [ ص: 273 ] القائل فيه مالك : ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة ( عن القاسم بن محمد ) بن الصديق ( عن ) عمته ( عائشة أم المؤمنين أنها قالت : كان في nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ) بفتح الموحدة وكسر الراء وإسكان التحتية فراء ثانية فهاء تأنيث ، بزنة فعيلة ، من البرير ، وهو ثمر الأراك ، قيل اسم أبيها صفوان وإن له صحبة ، وقيل كانت نبطية وقيل قبطية وقيل حبشية ، مولاة عائشة ، وكانت تخدمها قبل أن تشتريها ، قيل وكانت مولاة لقوم من الأنصار ، وقيل لآل عقبة بن أبي لهب ، وقيل لبني هلال ، وقيل لآل أبي أحمد بن جحش ، قال في الإصابة : وفيه نظر فالذي هو مولاهم إنما هو زوجها والثاني خطأ ، فإن مولى عتبة سأل عائشة عن حكم هذه المسألة فذكرت له قصة nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة . أخرجه ابن سعد ، وأصله عند البخاري ، وأخرج أبو عمر عن زيد بن واقد : أن عبد الملك بن مروان قال : كنت أجالس nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة بالمدينة فكانت تقول لي : إني أرى فيك خصالا وإنك لخليق أن تلي هذا الأمر ، فإن وليته فاحذر الدماء ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليه بملء محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق ، انتهى . عاشت nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة إلى زمن يزيد بن معاوية .
( ثلاث سنن ) أي علم بسببها ثلاثة أحكام من الشريعة ، قال عياض : المعنى أنها شرعت في قصتها وما يظهر فيها مما سوى ذلك كان قد علم قصتها . وقال ابن عبد البر : قد أكثر الناس في تشقيق المعاني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة وتخريجها ، فلمحمد بن جرير في ذلك كتاب ، ولمحمد بن خزيمة فيه كتاب ، ولجماعة في ذلك أبواب ، وأكثر ذلك تكلف واستنباط محتمل لا يستغني عن دليل ، والذي قصدته عائشة هو عظم الأمر في قصتها . وذكر ابن العربي : أن ابن خزيمة استخرج منه ما ينيف عن مائتين وخمسين فائدة ، وجمع بعض الأئمة فوائد هذا الحديث فزادت على ثلاثمائة لخصها في فتح الباري ، ووقع في رواية يزيد بن هارون عن عروة عن nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة قالت : كان في ثلاث سنن ، أخرجه النسائي وقال : إنه خطأ يعنى والصواب عن عروة عن عائشة ، ولأبي داود من وجه آخر عن عائشة " أربع سنن " وزاد وأمرها أن تعتد عدة الحرائر ( فكانت إحدى السنن الثلاث أنها أعتقت ) بضم الهمزة وكسر الفوقية ، والذي أعتقها عائشة كما يأتي في كتاب العتق في حديث عائشة وابن عمر ( فخيرت ) بضم الخاء ( في ) فراق ( زوجها ) وفي البقاء معه على عصمته . وفي رواية الدارقطني من طريق أبان بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=2003922أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال nindex.php?page=showalam&ids=216لبريرة : اذهبي فقد عتق معك بضعك " . وزاد ابن سعد عن الشعبي مرسلا : " فاختاري " وإنما خيرت لتضررها بالمقام تحته من جهة أنها تتعير به وأن لسيده منعه عنها ، وأنه لا ولاية له على ولده وغير ذلك ، وهذا بخلاف ما إذا عتقت تحت حر فلا خيار لها ; لأن الكمال الحادث لها حاصل له ، فأشبه [ ص: 274 ] ما إذا أسلمت كتابية تحت مسلم ، فلو عتق بعضها فلا خيار لبقاء النقصان وأحكام الرق ، وفيه أن بيع الأمة المتزوجة ليس بطلاق ; إذ لو طلقت بمجرد البيع لم يكن للتخيير فائدة ، وإليه ذهب الجمهور ، وقال بعض الصحابة والتابعين : البيع طلاق لظاهر قوله تعالى : ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) ( سورة النساء : الآية 24 ) ، واحتج الجمهور بحديث الباب ، ومن حيث النظر أنه عقد على منفعة فلا يبطل بيع الرقبة ، كما في العين المؤجرة ، والآية نزلت في المسبيات فهن المراد بملك اليمين على ما ثبت في الصحيح من سبب نزولها ، وليس في هذا الحديث تصريح بأن زوج nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة عبد أو حر حين عتقت . وفي البخاري عن ابن عباس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353609كان زوج nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة عبدا يقال له مغيث ، كأني أنظر إليه يطوف خلفها ويبكي ودموعه تسيل على لحيته ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعباس : يا عباس ألا تعجب من حب مغيث nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ومن بغض nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة مغيثا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لو راجعته ، قالت : يا رسول الله تأمرني ؟ قال : إنما أشفع ، قالت : لا حاجة لي فيه " . وفي الصحيحين والسنن الأربعة عن الأسود عن عائشة : أنه كان حرا ، وبه تمسك الحنفية لقولهم : يثبت الخيار للأمة إذا عتقت مطلقا كانت تحت حر أو عبد . وتعقب بأن حديث الأسود اختلف فيه على راويه : هل هو من قول الأسود أو رواه عن عائشة أو هو قول غيره ؟ قال إبراهيم بن أبي طالب ، أحد الحفاظ من طبقة مسلم : خالف الأسود الناس في زوج nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة . وقال الإمام أحمد : وإنما يصح أنه كان حرا عن الأسود وحده ، وصح عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدا ، ورواه علماء المدينة ، وإذا روى علماء المدينة شيئا وعملوا به فهو أصح شيء ، وإذا عتقت الأمة تحت الحر فعقدها المتفق على صحته لا يفسخ بأمر مختلف فيه . وقال البخاري : قول الأسود منقطع ، وقول العباس وابنه عبدا أصح . وقال الدارقطني : لم يختلف على عروة عن عائشة أنه كان عبدا ، وكذا قال جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن عائشة وأبو الأسود أسامة الليثي عن القاسم ، وأما ما أخرجه قاسم بن أصبغ قال : أخبرنا أحمد بن يزيد المعلم ، ثنا موسى بن معاوية ، عن جرير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : كان زوج nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة حرا . فهو وهم من موسى أو من أحمد ، فإن الحفاظ من أصحاب هشام ثم أصحاب جرير قالوا : كان عبدا ، ولم يختلف على ابن عباس أنه كان عبدا ، وبه جزم الترمذي عن ابن عمر ، وحديثه عند الشافعي والدارقطني وغيرهما .
وأخرج النسائي بسند صحيح عن صفية بنت أبي عبيد قالت : كان زوج nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة عبدا . قال النووي : ويؤيد ذلك قول عائشة : كان عبدا ولو كان حرا لم يخيرها . فأخبرت وهي صاحبة القصة بأنه كان عبدا ثم عللت بقولها : ولو كان حرا لم يخيرها ، وهذا لا يكاد أحد يقوله إلا توقيفا ، وقول من قال : كان عبدا قبل العتق حرا عنده لأن الرق يعقبه الحرية لا العكس ، فلا منافاة بين الروايتين ، تعقب بأن محل الجمع المذكور إذا تساوت [ ص: 275 ] الروايتان في القوة ، أما مع التفرد في مقابلة الجمع فالمفردة شاذة والشاذ مردود ، ولهذا لم يعتبر الجمهور الجمع بينهما بما ذكر مع قولهم لا يصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع بينهما ; لأن محله عندهم ما لم يظهر الغلط في إحداهما ، وقد روى الترمذي عن ابن عباس أنه كان عبدا أسود يوم أعتقت ، وهذا يبطل الجمع ، " ومغيث " بضم الميم وكسر المعجمة وإسكان التحتية آخره مثلثة كما جزم به ابن ماكولا وغيره ، وهو أثبت ممن قال " معتب " بفتح العين المهملة وشد الفوقية آخره موحدة .
( و ) السنة الثانية ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) حين أرادت عائشة أن تشتريها وقال أهلها : الولاء لنا ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353610الولاء لمن أعتق ) وفي رواية : إنما الولاء . ويأتي إن شاء الله شرحه في كتاب الولاء . ( و ) السنة الثالثة ( دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) حجرة عائشة ( والبرمة ) بضم الموحدة وإسكان الراء ، قال ابن الأثير : هي القدر مطلقا وجمعها برم ، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز ( تفور ) بالفاء ( بلحم ) وفي رواية التنيسي : والبرمة على النار ، وكذا لابن وهب وزاد : فدعا بطعام ( فقرب ) بضم القاف وكسر الراء الثقيلة : قدم ( إليه خبز وأدم من أدم البيت ) بضم الهمزة وإسكان المهملة ، جمع إدام ، وهو ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان ، والإضافة للتخصيص nindex.php?page=hadith&LINKID=10353611 ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألم أر برمة ) على النار ( فيها لحم ؟ ) والهمزة للتقرير ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353612فقالوا : بلى يا رسول الله ، ولكن ذلك لحم تصدق ) بضم التاء والصاد وكسر الدال المشددة ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353613به على nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة وأنت لا تأكل الصدقة ) لحرمتها عليك nindex.php?page=hadith&LINKID=10353614 ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هو عليها ) وفي رواية لها ( صدقة وهو لنا هدية ) حيث أهدته لنا لأن الصدقة يسوغ للفقير التصرف فيها بالإهداء والبيع وغير ذلك كتصرف الملاك في أملاكهم ، وأفاد أن التحريم إنما هو على الصفة لا على العين ، فإذا تغيرت صفة الصدقة تغير حكمها ، فيجوز للغني ولو هاشميا أكلها وشراؤها ، وسأل الأبي : هل من ذلك ما ينفق من نزول المرابطين ببعض أحياء العرب فيضيفونهم بحرام أو الغالب عليه الحرام فيجعلون بعض فقرائهم يقبل ذلك منهم صدقة ثم يهبه لهم . قال : وكان شيخنا أبو عبد الله - يعني ابن عرفة - يقول : لا ينجيهم ذلك لأنه تحيل ، نعم إذا تحققت المفسدة بعدم الأكل جاز . ومن المصالح المجوزة للأكل خوفهم إن لم يأكلوا عدم قبولهم في رد ما نهبوه من أموال الناس ، ولكن الأولى تقليل الأكل . قال عياض : وفيه أن سؤال الرجل عما يرى في بيته ليس بمذموم ولا مناف لمكارم الأخلاق ، وقوله في حديث أم زرع : ولا يسأل عما عهد ليس من هذا وإنما [ ص: 276 ] ذلك أن يقول فيما عهد : أين هو وما صنع به ؟ وأما شيء يجده فيقول : ما هذا فليس منه ، مع أن سؤاله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان ليبين لهم حكم ما جهلوا لأنه علم أنهم لم يقدموا له إدام البيت دون سيد الأدم إلا لأمر اعتقدوه ، فكان كذلك فبين لهم حكمه ، وأخرجه البخاري في النكاح عن عبد الله بن يوسف ، وفي الطلاق عن إسماعيل ، ومسلم في الزكاة والعتق من طريق ابن وهب ، الثلاثة عن مالك به .