قال ابن بطال : الإحداد ، بالمهملة ، امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينة كلها من لباس وطيب وغيرهما وكل ما كان من دواعي الجماع . وقال المازري : الإحداد الامتناع من الزينة ، يقال أحدت المرأة فهي محد وحدت فهي حاد إذا امتنعت من الزينة ، وكل ما يصاغ من حد كيفما تصرف فهو بمعنى المنع ، فالبواب حداد لمنعه الداخل والخارج ، والسجان حداد ، ولما نزل : ( عليها تسعة عشر ) قال الكفار : ما رأينا سجانين بهذا العدد ، فقال الصحابة : لا تقاس الملائكة بالحدادين ، يعنون السجانين ، ومنه سمي الحديد لامتناعه عمن يحاوله وللامتناع به ، ومنه تحديد النظر لامتناع تقلبه في الجهات ، قال النابغة :
إلا سليمان إذا قال الإله له قم في البرية فاحددها عن الفند
.
أي فامنعها .
1268 1257 - ( مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ) بفتح المهملة وسكون الزاي ( عن حميد بن نافع ) الأنصاري أبي أفلح المدني التابعي ( عن زينب بنت [ ص: 349 ] أبي سلمة ) بن عبد الأسد المخزومية الصحابية ، ربيبته - صلى الله عليه وسلم - ماتت سنة ثلاث وسبعين ( أنها أخبرته ) أي حميدا ( بهذه الأحاديث الثلاثة ) التي بينتها له حيث ( قالت زينب : دخلت على أم حبيبة ) رملة ( زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان ) صخر ( بن حرب ) سنة اثنين وثلاثين عند الجمهور ، وقيل : سنة ثلاث ، ووقع عند البخاري في الجنائز من رواية ابن عيينة : لما جاء نعي أبي سفيان من الشام ، قال الحافظ : وفيه نظر ; لأنه مات بالمدينة بلا خلاف بين أهل الأخبار ، ولم أر في شيء من طرق هذا الحديث تقييده بذلك إلا في رواية ابن عيينة هذه وأظنها وهما ، ولابن أبي شيبة والدارمي من طريق شعبة عن نافع : جاء نعي لأخي أم حبيبة أو حميم لها فدعت بصفرة فلطخت به ذراعها . ورواه أحمد بلفظ : أن حميما لها مات ، بلا تردد ، وإطلاق الحميم على الأخ الأقرب من إطلاقه على الأب ، فقوي الظن أن القصة تعددت لزينب مع أم حبيبة لما جاءها نعي أخيها من الشام سنة ثماني عشرة أو تسع عشرة ، ثم وفاة أبيها أبي سفيان بالمدينة ، لا مانع من ذلك ( فدعت أم حبيبة بطيب ) أي طلبت طيبا ( فيه صفرة خلوق ) بوزن صبور ، نوع من الطيب ( أو غيره ) برفعهما وجرهما روايتان ، اقتصر النووي على الأولى ( فدهنت به جارية ) بالنصب قال الحافظ : لم أعرف اسمها ( ثم مسحت ) أم حبيبة ( بعارضيها ) أي جانبي وجهها ، وجعل العارضين ماسحين تجوز ، والظاهر أنها جعلت الصفرة في يديها ومسحتها بعارضيها ، والباء للإلصاق أو الاستعانة ، ومسح يتعدى بنفسه وبالباء ، تقول : مسحت برأسي ورأسي . وفي الإكمال قال ابن دريد : العارضان صفحتا العنق وما بعد الأسنان ، وفي كتاب العين : عارضة الوجه ما يبدو منه ومبسما الفم والثنايا ، والمراد هنا الأول . وفي المفهم : العوارض ما بعد الأسنان ، أطلقت في الخدين هنا مجازا ; لأنهما عليهما فهو من مجاز المجاورة أو تسمية الشيء بما كان من سببه ، زاد في رواية لهما : وذراعيها ( ثم قالت : والله ما لي بالطيب حاجة ) وفي رواية بزيادة " من " ( غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353664لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ) نفي بمعنى النهي على سبيل التأكيد ( أن تحد ) بضم أوله وكسر الحاء من الرباعي ، ولم يعرف الأصمعي سواه ، وحكى غيره فتح ثانيه من الثلاثي ، يقال : حدت المرأة وأحدت بمعنى ( على ميت فوق ثلاث ليال ) فلها أن تحد على القريب ثلاثا فأقل ، فإن مات في بقية يوم أو بقية [ ص: 350 ] ليلة ألغت تلك البقية وعدت الثلاث من الليلة المستقبلة ، قاله القرطبي ، والمصدر المنسبك من " أن تحد " فاعل يحل ، و " فوق " ظرف زمان لأنه أضيف إلى زمان ( إلا على زوج ) إيجاب للنفي ، والجار والمجرور متعلق بـ " تحد " ، فالاستثناء مفرغ ( أربعة أشهر وعشرا ) أي أيامها عند الجمهور ، فلا تحل حتى تدخل الليلة الحادية عشرة ، فأنث العدد لإرادة المدة ، أو أريد الأيام بلياليها ، خلافا للأوزاعي وغيره أنها عشر ليال فتحل في اليوم العاشر ، ولولا الاتفاق على وجوب إحداد المتوفى عنها لكان ظاهر الحديث الإباحة لأنه استثني من عموم الحظر ، وأشار الباجي إلى أنه من عموم الأمر بعد الحظر ، فيحمل على الندب عند من يقول ذلك من الأصوليين ، وليس الحديث من ذلك إذ ليس فيه أمر بعد حظر إنما هو استثناء من الحظر ، واختلف في الحامل يزيد عليها : هل عليها الإحداد في الزيادة حتى تضع أو لا يلزمها إحداد في الحديث ؟ قاله عياض .
( قالت زينب ) بالسند السابق ، وهذا الحديث الثاني ( ثم دخلت على nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش زوج النبي حين توفي أخوها ) عبد الله بن جحش ، كما سمي في كثير من الموطآت كابن وهب وغيره عند الدارقطني وأبي مصعب عند ابن حبان ، لكن استشكل بأن عبد الله استشهد بأحد وزينب حينئذ صغيرة جدا ; لأن أباها مات بعد بدر ، وأن أمها حلت بوضعها وتزوج - صلى الله عليه وسلم - أمها وهي صغيرة ، وأجيب بأن ابن عبد البر وغيره حكوا أن زينب ولدت بأرض الحبشة ، ومقتضاه أن يكون لها عند وفاة عبد الله بن جحش أربع سنين ومثلها يضبط ذلك ويميزه ، ويجوز أن يراد بالأخ عبيد الله المصغر الذي تنصر ومات بأرض الحبشة ، فتزوج - صلى الله عليه وسلم - بعده أم حبيبة ، فإن زينب ابنة أبي سلمة كانت مميزة لما جاء خبر وفاته ، وقد يحزن المرء على قريبه الكافر لا سيما إذا تذكر سوء مصيره ، ولعل ما وقع في تلك الموطآت عبد الله - بالتكبير - كان عبيد الله - بتصغير عبد - فلم يضبطه الكاتب ، ويجوز أن يراد أخ لها من أمها أو من الرضاعة ، وأما أخوها أبو أحمد بن جحش واسمه عبد ، بلا إضافة ، كان شاعرا أعمى ، فمات بعد أخته nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش بسنة ، كما جزم به ابن إسحاق وغيره ، وحضر جنازة أخته ، وراجع عمر في شيء بسببها كما عند ابن سعد ، فلا يصح إرادته هنا ، هذا ولفظ " ثم " هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب الوقائع ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب ابنة جحش ماتت قبل أبي سفيان بأكثر من عشر سنين على الصحيح المشهور ( فدعت بطيب فمست منه ) وفي رواية " به " أي شيئا من جسدها ( ثم قالت ) زاد التنيسي : " أما " بالتخفيف ( والله ما لي بالطيب حاجة ) ولابن يوسف بزيادة " من " ( غير أني سمعت رسول الله يقول ) زاد التنيسي " على [ ص: 351 ] المنبر " ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ) هو من خطاب التصحيح لأن المؤمن هو الذي ينتفع بالخطاب وينقاد له ، فهذا الوصف لتأكيد التحريم لما يقتضيه سياقه ، ومفهومه أن خلافه مناف للإيمان كما قال - تعالى - : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) ( سورة المائدة : الآية 23 ) فإنه يقتضي تأكيد أمر التوكل بربطه بالإيمان ( تحد ) بضم فكسر وبفتح فضم وحذف " أن " الناصبة ورفع الفعل وهو مقيس ( على ميت فوق ثلاث ليال ) قال ابن بطال : أباح الشارع للمرأة أن تحد على غير الزوج ثلاثة أيام ; لما يغلب من لوعة الحزن ويهجم من أليم الوجد ، وليس ذلك واجبا للاتفاق على أن الزوج لو طالبها بالجماع لم يحل لها منعه في تلك الحالة ( إلا على زوج ) فتحد عليه ( أربعة أشهر وعشرا ) فالظرف متعلق بمحذوف في المستثنى دل عليه المذكور في المستثنى منه والاستثناء متصل إن جعل بيانا لقوله : " فوق ثلاث ليال " فالمعنى لا يحل لامرأة تحد أربعة أشهر وعشرا على ميت إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ، وإن جعل معمولا لتحد مضمرا فهو منقطع أي لكن تحد على زوج أربعة أشهر وعشرا ، قالوا : وحكمة هذا العدد أن الولد يتكامل خلقه في مائة وعشرين يوما وهي تزيد على أربعة أشهر لنقص الأهلة فجبر الكسر إلى العقد احتياطا ( قالت زينب ) بالسند السابق ، وهذا هو الحديث الثالث ( وسمعت ) أمي ( nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : جاءت امرأة ) هي عاتكة بنت نعيم بن عبد الله بن النحام كما في معرفة الصحابة لأبي نعيم ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها ) المغيرة المخزومي ، رواه إسماعيل القاضي في الأحكام ، وروى الإسماعيلي في تأليفه مسند يحيى بن سعيد الأنصاري عنه عن حميد بن نافع عن زينب عن أمها قالت : جاءت امرأة من قريش ، قال يحيى : لا أدري ابنة النحام أو أمها بنت سعد ، ورواه الإسماعيلي من طرق كثيرة فيها التصريح بأن البنت عاتكة ، فعلى هذا فأمها لم تسم ، قاله الحافظ .
( وقد اشتكت ) هي ، أي ابنتي ( عينيها ) بالتثنية والنصب مفعول ، وفي رواية التنيسي " عينها " بالإفراد والنصب أيضا كما رجحه المنذري بدليل التثنية بالنصب وبالرفع على الفاعلية ، واقتصر النووي عليه ، ونسبت الشكاية إلى نفس العين مجازا ، وزعم الحريري أن الصواب النصب وأن الرفع لحن ، ورد بأنه يؤيد الرفع أن في رواية لمسلم : اشتكت عيناها ، بالتثنية إلا أن يجيب بأنه على لغة من يعرب المثنى في الأحوال الثلاث بحركات مقدرة ( أفتكحلهما ؟ ) بضم الحاء وهو مما جاء مضموما وإن كانت عينه [ ص: 352 ] حرف حلق ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا ) تكحلهما قال ذلك ( مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول : لا ) تأكيدا للمنع ، ويأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أنه قال : " اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار " . وجمع بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتحقق الخوف هنا على عينيها ; إذ لو تحققه لأباحه لها لأن المنع مع الضرورة حرج ، وإنما فهم عنها إنما ذكرته اعتذارا ، لا على وجه أن الخوف ثبت ، وبأن المنع منه عند عدم الحاجة ولو بالليل ، فإن اضطر إليه جاز بالليل دون النهار ، وأما النهي فإنما هو ندب لتركه لا على الوجوب ، قاله عياض وغيره . ( ثم قال : إنما هي ) أي العدة ( أربعة أشهر وعشرا ) بالنصب على حكاية لفظ القرآن ، وفي رواية : " أربعة " بالرفع على الأصل ، والمراد تقليل المدة وتهوين الصبر عما منعت منه وهو الاكتحال في العدة ، ولذا قال : ( وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة ) بفتح الموحدة والعين وتسكن ، واحدة البعر والجمع أبعار ، رجيع ذي الخف والظلف ، وفي ذكر الجاهلية إشارة إلى أن الإسلام صار بخلافه ، لكن التقدير بقوله : ( على رأس الحول ) استمر في الإسلام مدة لقوله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول ) ( سورة البقرة : الآية 240 ) ثم نسخ بقوله : ( يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ( سورة البقرة : الآية 234 ) والناسخ مقدم تلاوة متأخر نزولا ، ولم يوجد في سورة واحدة إلا في هذه ، وأما من سورتين فموجود ، قاله عياض ، وقال غيره مثله ( سيقول السفهاء ) ( سورة البقرة : الآية 142 ) مع قوله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) ( سورة البقرة : الآية 144 ) والحديث يدل على النسخ ، وقيل هو حض للأزواج على الوصية بتمام السنة لمن لا ترث ، واختلف كيف كان قبل النسخ : فقيل كانت النفقة والسكنى من مال الميت فنسخت النفقة بآية المواريث والحول بالأربعة وعشر ، وقيل كانت مخيرة في المقام فلها النفقة والخروج فلا شيء لها . وقال مجاهد : كانت تعتد عند أهل زوجها سنة واجبة ، فأنزل الله : ( متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم ) ( سورة البقرة : الآية 240 ) والعدة عليها باقية ، فجعل لها تمام الحول وصية إن شاءت سكنت وإن شاءت خرجت .
( قال حميد بن نافع ) بالإسناد السابق ( قلت لزينب ) بنت أبي سلمة ( وما ) معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - ( ترمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت زينب : كانت المرأة ) في الجاهلية ( إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ) بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء وشين معجمة ، بيتا [ ص: 353 ] رديئا كما يأتي ، وفي رواية النسائي : عمدت إلى شر بيت لها فجلست فيه ( ولبست شر ثيابها ) أردأها ، وهذه تفسير للرواية الأخرى في الصحيحين : شر أحلاسها ، بمهملتين جمع حلس بكسر فسكون ، ثوب أو كساء رقيق يجعل على ظهر الدابة تحت البردعة ( ولم تمسس ) بفتح أوله وسكون الميم ، وفي رواية : ولم تمس ، بفتحهما بالإدغام ( طيبا ولا شيئا ) تتزين به ( حتى تمر بها سنة ) من موت زوجها ( ثم تؤتى ) بضم أوله وفتح ثالثه ( بدابة حمار ) بالجر والتنوين ، بدل ( أو شاة أو طير ) بأو للتنويع ، وإطلاق الدابة عليهما حقيقة لغوية ، قال المجد : الدابة ما دب من الحيوان وغلب على ما يركب ويقع على المذكر ( فتفتض به ) بفاء ففوقية ففاء ثانية ساكنة ، ففوقية أخرى فضاد معجمة ثقيلة ( فقلما تفتض بشيء ) مما ذكر ، وما مصدرية أي : افتضاضها بشيء ( إلا مات ، ثم تخرج فتعطى ) بضم الفوقية وفتح الطاء ( بعرة ) من بعر الإبل أو الغنم ( فترمي بها ) أمامها فيكون ذلك إحلالا لها ، كذا في رواية ابن الماجشون عن مالك ، وفي رواية ابن وهب عنه : من وراء ظهرها ; إشارة إلى أن ما فعلته من التربص والصبر على البلاء الذي كانت فيه هين بالنسبة إلى فقد زوجها وما يستحقه من المراعاة كما يهون الرامي بالبعرة بها ( ثم تراجع ) بضم الفوقية فراء فألف فجيم مكسورة فمهملة ( بعد ) أي بعد ما ذكر من الافتضاض والرمي ( ما شاءت من طيب أو غيره ) مما كانت ممنوعة منه في العدة ، وهذا التفسير لم تسنده زينب ، وساقه شعبة عن حميد بن نافع مرفوعا ، ولفظه في الصحيحين عن زينب عن أمها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353665أن امرأة توفي زوجها فخافوا على عينيها فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنوه في الكحل ، فقال : لا ، قد كانت إحداكن تكون في شر بيتها في أحلاسها أو شرسها فإذا كان حول فمر كلب رمت ببعرة فخرجت ، أفلا أربعة أشهر وعشرا " . قال الحافظ : حديث الباب لا يقتضي الإدراج في رواية شعبة ; لأنه من أحفظ الناس فلا يقضى على روايته برواية غيره بالاحتمال اهـ . وقد يرد عليه أن ذلك ليس بالاحتمال ، فقد صرح هو في شارح نخبته تبعا لغيره بأن مما يعرف به الإدراج مجيء رواية مبينة للقدر المدرج وما هنا من ذلك ، فإن رواية مالك عن شيخه عن حميد بينت أن التفسير من زينب ، وكون شعبة من الحفاظ لا يقتضي أنه لا يروي ما فيه المدرج ، فلم تزل الحفاظ يروونه كثيرا كابن شهاب وغيره .
( قال مالك : الحفش البيت الرديء ) وللقعنبي عنه : الصغير جدا ، وهما بمعنى : فرداءته لصغره ، ولابن القاسم عنه : الحفش الخص وهو بضم المعجمة ومهملة ، [ ص: 354 ] وللشافعي : الذليل الشعث البناء ، وفي المعلم : الحفش البيت الحقير . وفي الحديث أنه قال في الذي بعثه ساعيا على الزكاة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353666هلا قعد في حفش أمه ينظر هل يهدى إليه أم لا ؟ وقيل : الحفش البيت الذليل القصير السمك ، شبهه به لضيقه ، والتحفش الانضمام والاجتماع ، زاد عياض : وقيل الحفش شبه القفة من الخوص تجمع المرأة فيها غزلها وأسبابها ( و ) معنى ( تفتض : تمسح به جلدها كالنشرة ) قال ابن وهب : معناه تمسح بيدها عليه أو على ظهره ، وقيل معناه : تمسح به ثم تفتض أي تغتسل بالماء العذب ، والافتضاض الاغتسال بالماء العذب للإنقاء حتى تصير كالفضة ، وقال الأخفش : معناه تتنظف وتنتقي ، مأخوذ من الفضة تشبيها بنقائها وبياضها . وقال ابن قتيبة : سألت الحجازيين عن الافتضاض فقالوا : كانت المعتدة لا تغتسل ولا تمس طيبا ولا تقلم ظفرا ولا تزيل شعرا ثم تخرج بعد الحول في أشر منظر ثم تفتض ، أي تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه فلا يكاد يعيش ، وهذا أخص من تفسير مالك لأنه أطلق الجلد وهذا قيده بجلد القبل . وعند النسائي : تقبض ، بقاف فموحدة فمهملة مخففة ، وهي رواية الشافعي ، قال ابن الأثير : هو كناية عن الإسراع ، أي تذهب بعدو وسرعة نحو منزل أبويها لكثرة حيائها بقبح منظرها أو لشدة شوقها إلى التزويج لبعد عهدها به ، قال : والمشهور في الرواية الفاء والفوقية والضاد المعجمة ، وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى ، وأبو داود عن القعنبي ، والترمذي من طريق معن بن عيسى ، وأبو داود والترمذي أيضا والنسائي من طريق ابن القاسم ، خمستهم عن مالك به ، وتابعه جماعة ، وله طرق عندهم .