1456 1419 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ) مرسل باتفاق الرواة ، واختلف فيه على هشام : فروته طائفة مرسلا كما رواه مالك وهو أصح ، وطائفة عنه عن أبيه عن سعيد بن زيد ، وطائفة عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر ، وطائفة عنه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن جابر ، وبعضهم يقول عن هشام عن عبيد الله بن أبي رافع عن جابر ، واختلف فيه أيضا على عروة ، فرواه ابنه يحيى عنه عن صحابي لم يسمه ، ورواه جرير عنه فقال : وأكثر ظني أنه أبو سعيد الخدري ، ورواه الزهري عنه عن عائشة . فهذا الاختلاف على عروة يدل على أن الأصح الإرسال ، وهو أيضا صحيح مسند ، وهو حديث تلقاه بالقبول فقهاء المدينة وغيرهم ، قاله ابن عبد البر فصححه من الوجهين . وقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال : حسن غريب ، والنسائي ، وصححه الضياء في الأحاديث المختارة من طريق أيوب عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354841من أحيا أرضا ميتة ) بالتشديد ، قال الحافظ العراقي : ولا يقال بالتخفيف ; لأنه إذا خفف تحذف منه تاء التأنيث ، والميتة والموات والموتان بفتح الميم والواو : الأرض التي لم تعمر ، سميت بذلك تشبيها لها بالميتة التي لا ينتفع بها لعدم الانتفاع بها بزرع أو غرس أو بناء أو نحوها . ( فهي له ) بمجرد الإحياء ولا يحتاج لإذن الإمام في البعيدة عن العمارة اتفاقا . قال مالك : معنى الحديث في فيافي الأرض وما بعد من العمران ، فإن قرب فلا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام . وقال أشهب وكثير من أصحابنا وغيرهم : يحييها من شاء بغير إذنه ، قاله سحنون ، وهو قول أحمد وداود وإسحاق والشافعي ، قائلا : عطية رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من أحيا مواتا [ ص: 62 ] أثبت من عطية من بعده من سلطان وغيره . واستحب أشهب إذنه لئلا يكون فيه ضرر على أحد . وقال أبو حنيفة : لا يحييها إلا بإذن السلطان قربت أو بعدت ، وصار الخلاف هل الحديث حكم أو فتوى ؟ فمن قال بالأول قال : لا بد من الإذن ، ومن قال بالثاني قال : لا يحتاج إليه ، وهذا نظير حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354842من قتل قتيلا فله سلبه " . وروى أبو داود من طريق ابن أبي مليكة عن عروة قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354843أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الأرض لله ، والعباد عباد الله ، ومن أحيا مواتا فهو أحق به " . جاءنا بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم الذين جاءوا بالصلاة عنه . وروى ابن عبد البر والبيهقي وابن الجارود من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354844العباد عباد الله والبلاد بلاد الله ، فمن أحيا من موات الأرض شيئا فهو له " .
( وليس لعرق ) بكسر العين وسكون الراء والتنوين ( ظالم ) صفة للعرق على سبيل الاتساع ، كأن العرق بغرسه صار ظالما حتى كان الفعل له ، قال ابن الأثير : هو على حذف مضاف فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه ، أو يكون الظالم من صفة العرق اهـ ، أي لذي عرق ظالم . وروي بالإضافة فالظالم صاحب العرق وهو الغارس لأنه تصرف في ملك الغير فليس له ( حق ) في الإبقاء فيها . ( قال مالك : والعرق الظالم كل ما احتفر ) بضم التاء وكسر الفاء ، أي حفر ( أو أخذ أو غرس بغير حق ) وظاهر هذا أن الرواية بالتنوين ، وبه جزم في تهذيب الأسماء واللغات فقال : واختار مالك والشافعي تنوين عرق وذكر نصه هذا ، ونص الشافعي بنحوه ، وبالتنوين جزم الأزهري وابن فارس وغيرهما ، وبالغ الخطابي فغلط من رواه بالإضافة وليس كما قال ، فقد ثبتت ووجهها ظاهر فلا يكون غلطا فالحديث يروى بالوجهين . وقال القاضي عياض : أصل العرق الظالم في الغرس يغرسه في الأرض غير ربها ليستوجبها به ، وكذلك ما أشبهه من بناء واستنباط ماء أو استخراج معدن ، سميت عرقا لشبهها في الإحياء بعرق الغرس . وفي المنتقى قال عروة وربيعة : العروق أربعة عرقان ظاهران : البناء والغرس وعرقان باطنان : المياه والمعادن ، فليس للظالم في ذلك حق في بقاء أو انتفاع ، فمن فعل ذلك في ملك غيره ظلما فلربه أن يأمره بقلعه أو يخرجه منه ويدفع إليه قيمته مقلوعا ، وما لا قيمة له بقي لصاحب الأرض على حاله بلا عوض . اهـ . وروى إسحاق بن راهويه وابن عبد البر في التمهيد عن كثير بن عبد الله عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354845من أحيا مواتا من الأرض في غير حق مسلم فهو له ، وليس لعرق ظالم حق " . وكثير ضعيف لكن شاهده حديث الباب .