1462 1425 - ( مالك ، عن ابن شهاب ) محمد بن مسلم الزهري ، وقال خالد بن مخلد : عن مالك ، عن أبي الزناد بدل الزهري ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ، وقال بشر بن عمر ، وهشام بن يوسف : عن مالك ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بدل الأعرج ، وكذا قال معمر ، رواها الدارقطني في الغرائب وقال : المحفوظ عن مالك الأول ، أي ما في الموطأ ، وبه جزم ابن عبد البر ، ثم أشار إلى احتمال أنه عند الزهري عن الجميع ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يمنع ) بالرفع خبر بمعنى النهي ، وفي رواية بالجزم على أن " لا " ناهية ، ولأحمد : " لا [ ص: 68 ] يمنعن " بزيادة نون التوكيد وهي تؤكد رواية الجزم ( أحدكم جاره ) الملاصق له ( خشبة ) بالتنوين مفرد ، وفي رواية بالهاء بصيغة الجمع ، وقال المزني عن الشافعي عن مالك : " خشبة " بلا تنوين ، وقال عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن مالك " خشبة " بالتنوين ، قال ابن عبد البر : والمعنى واحد لأن المراد بالواحدة الجنس ، قال الحافظ : وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين وإلا فقد يختلف المعنى لأن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير . وروى الطحاوي عن جماعة من المشايخ أنهم رووه بالإفراد ، وأنكره عبد الغني بن سعيد ، فقال : كل الناس يقولونه بالجمع إلا الطحاوي فقال : " خشبة " بالتوحيد ، ويرد عليه اختلاف الرواية المذكورة إلا إن أراد خاصا من الناس كالذين روى عنهم الطحاوي فله اتجاه اهـ . وفي المفهم : إنما اعتنى الأئمة بضبط هذا الحرف لأن الواحدة تخف على الجار أن يسمح بها بخلاف الخشب الكثير لما فيه من ضرره ، ورجح ابن العربي رواية الإفراد لأن الواحدة مرفق وهي التي يحتاج للسؤال عنها ، وأما الخشب فكثير يوجب استحقاق الحائط على الجار ويشهد له وضع الخشب ، يعني فلا يندبه الشرع إلى ذلك وفيه نظر .
( يغرزها ) ، أي الخشبة أو الخشب ، وللقعنبي : أن يغرز خشبة ( في جداره ) أي الأحد المنهي تنزيها فيستحب أن لا يمنع ولا يقضى عليه عند الجمهور ، ومالك وأبي حنيفة والشافعي في الجديد جمعا بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354851لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه " . رواه الحاكم بإسناد على شرط الصحيحين . القرطبي : وإذا لم يجبر المالك على إخراج ملكه بعوض فأحرى بغير عوض . ابن العربي : ويدل على أنه للندب أن مثل هذا التركيب جاء للندب في قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354852إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها " . وقال الشافعي في القديم وأحمد وإسحاق وابن حبيب وأصحاب الحديث : يجبر إن امتنع لأن الأصح في الأصول أن صيغة " لا تفعل " للتحريم ، فالإذن لازم بشرط احتياج الجار ، وأن لا يضع عليه ما يتضرر به المالك ، وأن لا يقدم على حاجة المالك ، ولا فرق بين أن يحتاج في وضع الجذع إلى ثقب الجدار أو لا; لأن رأس الجذع يسد المنفتح ويقوي الجدار ، واشترط بعضهم تقدم استئذان الجار في ذلك لرواية أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354853من سأله جاره " . وكذا لابن حبان من طريق الليث عن مالك ، ومثله في رواية ابن عيينة وعقيل عند أبي داود ، وزياد بن سعد عند أبي عوانة ، الثلاثة عن الزهري . وجزم الترمذي وابن عبد البر عن الشافعي بالقول القديم وهو نصه في البويطي ، قال البيهقي : لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا ينكر أن يخصها ، وقد حمله الراوي على ظاهره وهو أعلم بالمراد بما حدث به ، يشير إلى [ ص: 69 ] قوله : ( ثم يقول أبو هريرة ) بعد روايته لهذا الحديث محافظة على العمل به وحضا عليه لما رآهم توقفوا عنه ، ففي الترمذي : أنه لما حدثهم بذلك لما طاطوا رءوسهم . وفي أبي داود : فنكسوا رءوسهم ، فقال : ( ما لي أراكم عنها ) أي عن هذه السنة أو المقالة ( معرضين ) إنكارا لما رأى من إعراضهم واستثقالهم ما سمعوا منه وعدم إقبالهم عليها بل طاطوا رءوسهم ( والله لأرمين بها ) أي لأصرخن بهذه المقالة ( بين أكتافكم ) رويناه بالفوقية ، جمع كتف ، وبالنون جمع كنف بفتحها وهو الجانب ، وهذا بين في أنه حمله على الوجوب ، قاله ابن عبد البر ، أي لأشيعن هذه المقالة فيكم ولأقرعنكم بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه فيستيقظ من غفلته ، أو الضمير للخشبة ، والمعنى : إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلن الخشبة بين رقابكم كارهين ، وأراد بذلك المبالغة ، قاله الخطابي .
وبهذا التأويل جزم إمام الحرمين تبعا لغيره وقال : إن ذلك وقع من أبي هريرة حين كان يلي إمرة المدينة ، لكن عند ابن عبد البر من وجه آخر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354854لأرمين بها بين أعينكم وإن كرهتم " . وهذا يرجح التأويل الأول . وقال الطيبي : هو كناية عن إلزامهم بالحجة القاطعة على ما ادعاه ، أي لا أقول الخشبة ترمى على الجدار بل بين أكتافكم لما وصى به صلى الله عليه وسلم من بر الجار والإحسان إليه وحمل أثقاله ، وهذا من أبي هريرة ظاهر في أنه يرى الوجوب ، وبه جزم ابن عبد البر ، وقال القرطبي : إنه الظاهر ، وقول الباجي : يحتمل أن مذهبه الندب ؛ إذ لو كانت عنده للوجوب لوبخ الحكام على تركه ولحكم بذلك لأنه كان مستخلفا بالمدينة ، فيه نظر; لأنه إنما كان يلي إمرة المدينة نيابة عن مروان في بعض الأحيان ، فلعله لم يترافع إليه حين توليته ولم يوبخ الحكام لعدم علمه بأنهم لم يحكموا به ، واستدل المهلب وتبعه عياض بقول أبي هريرة هذا على أن العمل كان في ذلك العصر على خلاف مذهبه ; لأنه لو كان على الوجوب لما جهل الصحابة تأويله ولا أعرضوا عنه لأنهم لا يعرضون عن واجب ، فدل على أنهم حملوا الأمر على الاستحباب ، وتعقبه الحافظ فقال : ما أدري من أين له أن المعرضين صحابة وأنهم عدد لا يجهل مثلهم الحكم ، ولم لا يجوز أن الذين خاطبهم أبو هريرة لم يكونوا فقهاء بل هو المتعين; إذ لو كانوا صحابة أو فقهاء ما واجههم بذلك اهـ . والحديث رواه البخاري في المظالم ، وأبو داود في القضاء عن القعنبي ، ومسلم في البيوع عن يحيى التميمي ، كلاهما عن مالك به .