1519 1471 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ) عروة بن الزبير بن العوام ( عن ) خالته ( عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : جاءت nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ) بفتح الموحدة وراءين بلا نقط بينهما تحتية [ ص: 154 ] بوزن فعيلة ، مشتقة من البرير وهو ثمر الأراك ، وقيل كأنها فعيلة من البر بمعنى مفعولة كمبرورة أو بمعنى فاعلة كرحيمة ، هكذا وجهه القرطبي ، قال الحافظ : والأول أولى لأن nindex.php?page=hadith&LINKID=10354968النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم جويرية ، وكان اسمها برة ، وقال : " لا تزكوا أنفسكم " . فلو كانت بريرة من البر لشاركتها في ذلك ، وكانت بريرة لناس من الأنصار كما عند أبي نعيم ، وقيل لناس من بني هلال ، قاله ابن عبد البر ، ويمكن الجمع ، وقيل لآل أبي أحمد بن جحش ، وفيه نظر فإن زوجها مغيث هو الذي كان مولى أبي أحمد ، وقيل لآل عقبة ، وفيه نظر أيضا لأن مولى عقبة سأل عائشة عن حكم هذه المسألة ، فذكرت له قصة nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ، أخرجه ابن سعد ، وكانت nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة تخدم عائشة قبل أن تعتق كما في حديث الإفك ، وعاشت إلى خلافة معاوية وتفرست في عبد الملك بن مروان أنه يلي الخلافة فبشرته بذلك ، ورواه هو عنها كما قدمته . ( فقالت : إني كاتبت أهلي ) يعني ساداتها ، والأهل في الأصل الآل ( على تسع أواق ) بوزن جوار ، والأصل أواقي بشد الياء فحذفت إحدى الياءين تخفيفا والثانية على طريقة قاض ( في كل عام أوقية ) بضم الهمزة وهي أربعون درهما ، وهذا هو المشهور في الروايات ، ومثله في رواية ابن وهب عن يونس عن الزهري عن عروة عند مسلم . ووقع في رواية علقها البخاري عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة : أن nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمس أواق نجمت عليها في خمس سنين ، وجزم الإسماعيلي بأنها غلط ، ويمكن الجمع بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليها ، وبه جزم القرطبي وغيره ، ويعكر عليه قوله في رواية قتيبة عن الليث في الصحيحين : ولم تكن أدت من كتابتها شيئا ، وأجيب بأنها كانت حصلت الأربع أواق قبل أن تستعين بعائشة ثم جاءتها وقد بقي عليها خمسة ، وأجاب القرطبي بأن الخمس هي التي كانت استحقت عليها بحلول نجومها من جملة التسع الأواقي ، ويؤيده قوله في رواية عمرة عن عائشة عند البخاري : فقال أهلها : إن شئت أعطيت ما تبقى ( فأعينيني ) بصيغة أمر المؤنث من الإعانة ، ووقع عند بعض رواة البخاري " فأعيتني " بصيغة الخبر الماضي من الإعياء ، أي أعجزتني الأواقي عن تحصيلها وهو متجه المعنى ، وفي رواية حماد بن سلمة ، عن هشام عند ابن خزيمة وغيره : فأعتقيني ، من العتق بصيغة الأمر ، لكن الثابت عن مالك وغيره عن هشام الأول . ( فقالت عائشة : إن أحب أهلك ) بكسر الكاف ، مواليك ( أن أعدها ) أي التسع أواق ( لهم ) ثمنا ( عنك عددتها ) فيه أن العد في الدراهم المعلومة الوزن يكفي عن الوزن ، وأن المعاملة حينئذ كانت بالأواقي ، وزعم [ ص: 155 ] بعضهم أن أهل المدينة كانوا يتعاملون بالعد حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأمرهم بالوزن ، وفيه نظر لأن قصة بريرة بعد الهجرة بنحو ثمان سنين ، لكن يحتمل أن قول عائشة أن أعدها أي أدفعها لا حقيقة العد ، ويؤيده قولها في رواية عمرة الآتية : أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة ( ويكون ) عطفا على " أعدها " ( ولاؤك لي ) بعد أن أعتقك ( فعلت ) جواب الشرط ، قال الحافظ : وظاهره أن عائشة طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال المكاتبة ولم يقع ذلك ; إذ لو وقع لكان اللوم على عائشة بطلبها ولاء من أعتقه غيرها ، وقد رواه أبو أسامة ووهيب كلاهما عن هشام بلفظ يزيل الإشكال ، فقال بعد قوله : أن أعدها لهم عدة واحدة ، وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت ، فعرف بذلك أنها أرادت أن تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها ; إذ العتق فرع ثبوت الملك ، ويؤيده رواية الزهري عن عروة عنها ، فقال صلى الله عليه وسلم : ابتاعي فأعتقي ( فذهبت nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة إلى أهلها ، فقالت لهم ذلك ) الذي قالته عائشة ( فأبوا عليها ) أي امتنعوا أن يكون الولاء لعائشة ( فجاءت من عند أهلها ) إلى عائشة ( ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ) عندها ( فقالت لعائشة : إني قد عرضت عليهم ذلك ) بكسر الكاف الذي قلتيه ( فأبوا علي إلا أن يكون الولاء لهم ) استثناء مفرغ ; لأن في أبى معنى النفي ، قال الزمخشري في سورة التوبة : فإن قلت : كيف جاز أبى الله إلا كذا ولا يقال كرهت وأبغضت إلا زيدا ؟ قلت : قد أجرى أبى مجرى لم يرد ، ألا ترى كيف قوبل يريدون أن يطفئوا نور الله بقوله : ويأبى الله ، وكيف أوقع موقع ولا يريد الله إلا أن يتم نوره . ( فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة على سبيل الإجمال ( فسألها ) أي عائشة ، وفي رواية البخاري : فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354969ما شأن nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ؟ ( فأخبرته عائشة ) به على سبيل التفصيل . ولمسلم من رواية أبي أسامة ولابن خزيمة ، واللفظ له من رواية حماد بن سلمة كلاهما عن هشام : فجاءتني nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقالت لي : فيما بيني وبينها ما رد أهلها ، فقلت : لاها الله إذا ورفعت صوتي وانتهرتها ، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسألني فأخبرته ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذيها ) أي اشتريها منهم ، لرواية البخاري عن الزهري عن عروة عن عائشة ، فقال : ابتاعي وأعتقي ، فهذه مفسرة لقوله خذيها ، وكذا رواية البخاري من وجه آخر عن عائشة : دخلت علي بريرة وهي مكاتبة قالت : اشتريني وأعتقيني ، قلت : نعم
وقوله في حديث ابن عمر التالي : لهذا أرادت عائشة أن [ ص: 156 ] تشتري جارية فتعتقها ( فاشترطي ) بصيغة أمر المؤنث من الشرط ( لهم الولاء ، فإنما الولاء لمن أعتق ) فعبر بإنما التي للحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه ، ولولا ذلك لما لزم من إثبات الولاء للمعتق نفيه عن غيره ( ففعلت عائشة ) الشراء والعتق ، قال ابن عبد البر وغيره : كذا رواه أصحاب هشام ، وأصحاب مالك عنه عن هشام ، واستشكل صدور إذنه صلى الله عليه وسلم في البيع على شرط يفسد البيع ، وخداع البائعين ، وشرط ما لا يصح ولا يحصل لهم ، ولذا أنكر ذلك يحيى بن أكثم ، وأشار الشافعي في الأم إلى تضعيف رواية هشام المصرحة بالاشتراط لانفراده بها دون أصحاب أبيه ، وروايات غيره قابلة للتأويل ، وقال غيره : إن هشاما روى بالمعنى ما سمعه من أبيه وليس كما ظن ، وأثبت الرواية آخرون ، وقالوا : هشام ثقة حافظ ، والحديث متفق على صحته فلا وجه لرده ، قال ابن خزيمة : وكلام يحيى بن أكثم غلط ، ثم اختلف في التوجيه فزعم الطحاوي عن المزني عن الشافعي أنه بلفظ : " وأشرطي " بهمزة قطع بغير فوقية ، ومعناه أظهري لهم حكم الولاء ، والاشتراط الإظهار ، قال أوس بن حجر يذكر رجلا نزل من رأس جبل إلى نبقة يقطعها ليتخذ منها قوسا :
فأشرط فيها نفسه وهو معصم وألقى بأسباب له وتوكلا
أي أظهر نفسه لما حاول أن يفعل ، انتهى . فأنكر غيره هذه الرواية بأن الذي في الأم ومختصر المزني وغيرهما عن الشافعي عن مالك كرواية الجمهور " واشترطي " بالفوقية ، وقيل : إن اللام بمعنى على كقوله : ( وإن أسأتم فلها ) ( سورة الإسراء : الآية 7 ) قاله الشافعي ، والمزني ، والطحاوي وغيرهم ، وقال ابن خزيمة : إنه لا يصح ، وقال النووي : هو ضعيف ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أنكر الاشتراط ولو كانت بمعنى على لم ينكره ، فإن قيل : إنما أنكر إرادة الاشتراط في أول الأمر . فالجواب أن سياق الحديث يأبى ذلك . وضعفه أيضا ابن دقيق العيد بأن اللام لا تدل بوضعها على الاختصاص النافع بل على مطلق الاختصاص ، فلا بد في حملها على ذلك من قرينة . وقال آخرون : الأمر في اشترطي للإباحة على جهة التنبيه على أنه لا ينفعهم ، فوجوده وعدمه سواء كأنه قال : اشترطي أو لا تشترطي . ويؤيده قوله في رواية عند البخاري : اشتريها ودعيهم يشترطون ما شاءوا . وقيل : كان صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بأن اشتراط البائع الولاء باطل ، واشتهر ذلك بحيث لا يخفى على أهل nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ، فلما أرادوا أن يشترطوا ما تقدم لهم علم بطلانه ، أطلق الأمر مريدا التهديد على مآل الحال كقوله تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ) ( سورة التوبة : الآية : 105 ) وكقول موسى : ( ألقوا ما أنتم ملقون ) ( سورة يونس : الآية : 80 ) فليس بنافعكم ، فكأنه قيل : اشترطي لهم [ ص: 157 ] فسيعلمون أنه لا ينفعهم ، ويؤيده أنه وبخهم في خطبته بأنهم يشترطون ما ليس في كتاب الله مشيرا إلى أنه سبق منه بيان حكم الله بإبطاله ; إذ لو لم يقدم بيان ذلك لبدأ ببيان الحكم في الخطبة لا بتوبيخ الفاعل ; لأنه كان باقيا على البراءة الأصلية ، وقيل : الأمر فيه بمعنى الوعيد الذي ظاهره الأمر وباطنه النهي كقوله : ( اعملوا ما شئتم ) ( سورة فصلت : الآية : 40 ) وقال الشافعي : لما كان من اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصيا وكان في المعاصي حدود وأدب ، كان من أدب العاصين أن تعطل عليهم شروطهم ليرتدعوا عن ذلك ويرتدع غيرهم ، وذلك من أيسر الأدب ، وقيل : معنى " اشترطي " اتركي مخالفتهم فيما شرطوه ولا تظهري نزاعهم فيما طلبوه مراعاة لتنجيز العتق لتشوف الشرع إليه ، وقد يعبر عن الترك بالفعل كقوله تعالى : ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ( سورة البقرة : الآية : 102 ) أي بتركهم يفعلون ذلك ، وليس المراد بالإذن إباحة الإضرار بالسحر ، قال ابن دقيق العيد : وهذا وإن كان محتملا إلا أنه خارج عن الحقيقة من غير دلالة على المجاز من حيث السياق . وقال النووي : أقوى الأجوبة أن هذا الحكم خاص بعائشة في هذه القضية ، وأن سببه المبالغة في الرجوع عن هذا الشرط لمخالفته حكم الشرع ، وهو كفسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بتلك الحجة مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج ، ويستفاد منه ارتكاب أخف الضررين إذا استلزم إزالة أشدهما ، وتعقب بأنه استدلال بمختلف فيه ، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن التخصيص لا يثبت إلا بدليل وبأن الشافعي نص على خلاف هذه المقالة .
وقال ابن الجوزي : ليس في الحديث أن اشتراط الولاء والعتق كان مقارنا للعقد فيحمل على أنه كان سابقا عليه ، فالأمر بقوله " اشترطي " مجرد وعد لا يجب الوفاء به ، وتعقب باستبعاد أنه صلى الله عليه وسلم يأمر شخصا أن يعد مع علمه بأنه لا يفي بذلك الوعد . وقال ابن حزم : كان الحكم بجواز اشتراط الولاء لغير المعتق فوقع الأمر باشتراطه في الوقت الذي كان جائزا فيه ثم نسخ بالخطبة . وقوله : إنما الولاء لمن أعتق . وتعقب بأنه لا يخفى بعده وسياق طرق الحديث تدفع في وجه هذا الجواب . وقال الخطابي : وجه الحديث أن الولاء لما كان كلحمة النسب ، والإنسان إذا ولد له ولد ثبت نسبه ولم ينتقل عنه ، ولو نسب إلى غيره فكذلك إذا أعتق عبدا ثبت له ولاؤه ، ولو أراد نقل ولائه عنه أو أذن في نقله عنه لم ينتقل لم يعبأ باشتراطهم الولاء ، وقيل : اشترطي ودعيهم يشترطون ما شاءوا ، ونحو ذلك ؛ لأنه غير قادح في العقد ، بل بمنزلة لغو الكلام وأخر إعلامهم ليكون رده وإبطالهم قولا شهيرا يخطب به على المنبر ظاهرا ، وهو أبلغ في النكير وآكد في التغيير ، انتهى . وهو يؤول إلى أن الأمر بمعنى الإباحة كما تقدم .
( ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ) خطيبا ( فحمد الله [ ص: 158 ] وأثنى عليه ) بما هو أهله ( ثم قال : أما بعد ) أي بعد الحمد والثناء ، وفيه القيام في الخطبة وابتداؤها بالحمد والثناء وأما بعد ( فما ) بالفاء في جواب أما ، وفي رواية التنيسي بلا فاء على القليل ( بال ) أي حال ( رجال ) وفيه حسن الأدب والعشرة فلم يواجههم بالخطاب ولم يصرح بأسمائهم ؛ ولأنه يؤخذ منه تقرير شرع عام للمذكورين وغيرهم وللصورة المذكورة وغيرها ، وهذا بخلاف قصة علي في خطبته بنت أبي جهل فكانت خاصة بفاطمة فلذا عينها ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354970يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ) أي ليست في حكمه وقضائه من كتابه أو سنة رسوله ; لأن الله لما أمر باتباعه جاز أن يقال : لما حكم به حكم الله وقضاؤه ، وقد أخبر أن الولاء لمن أعتق ولا يعلم ذلك في نص الكتاب ولا دلالته ، قاله ابن عبد البر . زاد ابن بطال : أو إجماع الأمة ، وقال ابن خزيمة : أي ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه ; لأن كل شرط لم ينطق به القرآن باطل ؛ لأنه قد يشترط الكفيل فلا يبطل الشرط ، ويشترط في الثمن شرط من أوصافه أو نجومه أو نحو ذلك فلا يبطل . وقال القرطبي : أي ليس مشروعا في كتاب الله تأصيلا ولا تفصيلا ، ومعنى هذا أن من الأحكام ما يوجد تفصيله في كتاب الله كالوضوء ، ومنها ما يوجد تأصيله دون تفصيله كالصلاة ، ومنها ما أصل أصله لدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع ، وكذلك القياس الصحيح فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلا فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلا . ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354971ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) جواب ما الموصولة المقتضية لمعنى الشرط ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354972وإن كان مائة شرط ) قال القرطبي وغيره : خرج مخرج التكثير ؛ لأن العموم في قوله : ما كان . . . إلخ ، دال على بطلان جميع الشروط ولو زادت على مائة شرط ، يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة وإن كثرت ، ويستفاد منه أن الشروط المشروعة صحيحة ، وقال المازري : الشروط ثلاثة : شرط العقد كالتسليم والتصرف فلا خلاف في جوازه ولزومه وإن لم يشترط . وشرط لا يقتضه بل هو مصلح له كرهن وحميل فهو جائز ولا يلزم إلا بشرط . وشرط مناقض للعقد ، فهذا اضطرب فيه العلماء ، والمشهور في المذهب بطلان العقد والشرط معا لحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354973من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد " ولما في العقد من الجهالة ؛ لأن الشرط وضع له من الثمن فله حصة من المعاوضة ، فيجب بطلان ما قابله وهو مجهول وجهالته تؤدي إلى جهالة ما سواه فيجب فسخ الجميع ، وقيل : يبطل الشرط خاصة ( قضاء الله ) أي حكمه ( أحق ) بالاتباع من الشروط المخالفة .
( وشرط الله ) أي قوله : ( فإخوانكم في الدين ومواليكم ) ( سورة الأحزاب : الآية : 5 ) [ ص: 159 ] وقوله : ( وما آتاكم الرسول فخذوه ) ( سورة الحشر : الآية 7 ) لآية قالها الداودي . قال عياض : والظاهر عندي أنه قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354974إنما الولاء لمن أعتق " . وقوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347627مولى القوم منهم " . وقوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347629الولاء لحمة كلحمة النسب " . ( أوثق ) أقوى باتباع حدوده التي حدها وأفعل فيهما ليس على بابه إذ لا مشاركة بين الحق والباطل ، وقد جاء أفعل لغير التفضيل كثيرا ، ويحتمل أن ذلك ورد على ما اعتقدوه من الجواز . ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354975وإنما الولاء لمن أعتق ) ذكرا كان أو أنثى واحدا أو جمعا ; لأن " من " للعموم لا لمن أسلم على يديه ولا يحلف خلافا للحنفية ولا للملتقط خلافا لإسحاق ، وفيه جواز السجع غير المتكلف ، وإنما نهى عن سجع الكهان وشبهه لتكلفه واشتماله على مطوي الغيب ، وجواز كتابة الأمة كالعبد ، وكتابة المتزوجة وإن لم يأذن الزوج ، وأنه ليس له منعها منها لو كانت تؤدي إلى فراقها ، كما أنه ليس للعبد المتزوج منع السيد من عتق أمته التي تحته وإن أدى إلى بطلان نكاحها ، وجواز سعي المكاتبة وسؤالها واكتسابها وتمكين السيد لها من ذلك ، ومحله إذا علم حل كسبها ، والنهي الوارد عن كسب الأمة محمول على من لم يعرف حله أو غير المكاتبة ، وأن للمكاتب أن يسأل من حين الكتابة ولا يشترط عجزه خلافا لمن شرطه ، وجواز السؤال لمن احتاج إليه من دين أو غرم أو نحو ذلك ، وأنه يجوز تعجيل مال الكتابة ، والمساومة في البيع وغيره وتشديد صاحب السلعة فيها ، وتصرف المرأة الرشيدة لنفسها في البيع وغيره ولو متزوجة خلافا لمن أبى ذلك ، وأن من لا يتصرف بنفسه له أن يقيم غيره مقامه ، وأن العبد إذا أذن له في التجارة جاز تصرفه ، وجواز رفع الصوت عند إنكار المنكر ، وأنه يجوز لمن أراد أن يشتري للعتق إظهار ذلك لأصحاب الرقبة ليساهلوه في الثمن ، ولا يعد ذلك من الرياء وإنكار القول المخالف للشرع وانتهار الرسول فيه ، وأن الشيء إذا بيع بالنقد فالرغبة فيه أكثر مما إذا بيع بالنسيئة ، وأن المكاتب لو عجل بعض كتابته قبل المحل على أن يضع عنه سيده الباقي يجبر ، وجواز الكتابة على قيمة الرقيق وأقل منها وأكثر ; لأن من الثمن المنجز والمؤجل فرقا ، ومع ذلك فقد بذلت عائشة المؤجل ناجزا فدل على أن قيمتها بالتأجيل أكثر مما كوتبت به وكان أهلها باعوها به ، وأن المراد بالخير في قوله تعالى : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) ( سورة النور : الآية : 33 ) القدرة على الكسب والوفاء بما وقعت الكتابة عليه ، وليس المراد به المال .
وعن ابن عباس : أن المراد بالخير المال مع أنه يقول : إن العبد لا يملك ، فنسب إلى التناقض لأن المال الذي في يد المكاتب لسيده فكيف يكاتبه بماله ؟ ومن يقول : العبد يملك ، لا يرد هذا عليه ، قال الحافظ : والذي يظهر أنه لا يصح عن ابن عباس أحد الأمرين . وفيه جواز من لا حرفة له وقال به الجمهور ، واختلف عن مالك وأحمد وذلك أن بريرة استعانت على [ ص: 160 ] كتابتها ، فلو كان لها حرفة أو مال لم تحتج إلى الاستعانة ؛ لأن كتابتها لم تكن حالة . وعند الطبري من رواية أبي الزبير ، عن عروة أن عائشة ابتاعت nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة مكاتبة ، وهي لم تقبض من كتابتها شيئا . وجواز أخذ الكتابة من مسألة الناس ، والرد على من كره ذلك وزعم أنها أوساخ الناس . ومشروعية إعانة المكاتب بالصدقة ، وجواز التأقيت في الديون في كل شهر كذا من غير بيان أوله أو وسطه ، ولا يكون ذلك مجهولا ؛ لأنه يتبين بانقضاء الشهر الحلول ، قاله ابن عبد البر ، ونظر فيه باحتمال أن قول nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة في كل عام أوقية ، أي في غرته مثلا ، وعلى تسليمه فيفرق بين الكتابة والديون بأن المكاتب إذا عجز حل لسيده ما أخذه منه بخلاف الأجنبي . وقال ابن بطال : لا فرق بين الديون وغيرها ، وقصة nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة محمولة على أن الراوي قصر في بيان تعيين الوقت وإلا يصير الأجل مجهولا ، وقد نهى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن البيع إلا إلى أجل معلوم وفيه غير ذلك .
وقد ذكر أبو عمر أن الناس أكثروا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة من الاستنباط ، فمنهم من أجاد ومنهم من خلط وأتى بما لا معنى له ، كقول بعضهم : فيه إباحة البكاء في المحبة لبكاء زوج nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ، وذكر في الحديث المتقدم في النكاح أن ابن خزيمة ، وابن جرير ألف كل منهما كتابا في ذلك ، قال الحافظ : وبلغ بعض المتأخرين فوائده أربعمائة أكثرها مستبعد متكلف ، كما وقع نظير ذلك للذي صنف في الكلام على حديث المجامع في رمضان فبلغ به ألف فائدة وواحدة . وأخرجه البخاري في البيوع عن عبد الله بن يوسف ، وفي الشروط عن إسماعيل كلاهما عن مالك به ، وتابعه أبو أسامة وجماعة بكثرة عن هشام في الصحيحين وغيرهما وطرقه كثيرة عندهم .