1552 1492 - ( مالك ، عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( عن سعيد بن المسيب ) مرسل باتفاق الرواة عن مالك ، وتابعه طائفة على إرساله عن يحيى بن سعيد ، ورواه الزهري فاختلف عليه فيه ، فرواه يونس عنه عن أبي سلمة عن جابر ، وشعيب ، وعقيل عنه عن أبي سلمة ، وابن المسيب عن أبي هريرة . ورواه مالك عن ابن شهاب مرسلا كما يأتي قريبا ، قاله ابن عبد البر ، وهو موصول في الصحيحين وغيرهما من طرق عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، وعن أبي هريرة ( أن رجلا من أسلم ) هو ماعز بن مالك ، كما صرح به في كثير من طرق الحديث واتفق عليه الحفاظ ( جاء إلى أبي بكر الصديق ) عبد الله بن عثمان رضي الله عنه ( فقال : إن الأخر زنى ) قال ابن عبد البر : الرواية بكسر الخاء وهو الصواب ، ومعناه الرذل الدني زنى ، كأنه يدعو على نفسه ويعيبها بما نزل به من مواقعة الزنى ، قال أبو عبيد : ومن هذا قولهم : السؤال أخر كسب الرجل ، أي أرذل كسب الرجل . وقال الأخفش : كنى عن نفسه بكسر الخاء وهذا إنما يكون لمن حدث من نفسه بقبيح فكره أن ينسب ذلك إلى نفسه ، انتهى . وقال النووي : الأخر بهمزة مقصورة وخاء مكسورة ومعناه الأرذل والأبعد والأدنى ، وقيل اللئيم ، وقيل الشقي ، وكله متقارب ، ومراده نفسه فحقرها وعابها بما فعل ( فقال له أبو بكر : هل ذكرت هذا لأحد غيري ؟ ) وفي رواية : لأحد قبلي ( فقال : لا ، فقال له أبو بكر : ) لما جبل عليه من الرأفة بالأمة ، وفي الحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354996أرأف أمتي بأمتي أبو بكر " . ( فتب إلى الله ) بالندم على ما فعلت والعزم على عدم العود والاستغفار ( واستتر بستر الله ) الذي أسبله عليك إذ لو شاء لأظهره للناس وفضحك فلا تظهر أنت ما ستره عليك . ( فإن الله يقبل التوبة عن عباده ) أي منهم ( فلم تقرره ) بضم الفوقية وإسكان القاف وكسر الراء الأولى ، أي لم تمكنه ( نفسه ) من الثبوت على ما قال أبو بكر لما علم من رأفته وشفقته ، وماعز رضي [ ص: 221 ] الله عنه حصل له شدة خوف من ذنبه ( حتى أتى عمربن الخطاب ) لما علم من صلابته في الدين وفي الحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354997وأشدهم في أمر الله عمر " . ( فقال له مثل ما قال لأبي بكر ، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر ) لأنه وإن كان شديدا في أمر الله لكنه عالم بأن الإنسان مطلوب بالستر على نفسه فهو من جملة أمر الله ( فلم تقرره نفسه ) لشدة إشفاقه ( حتى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وهو في المسجد ، فناداه ( فقال : إن الأخر ) بهمزة مقصورة وخاء مكسورة ، أي الرذل الدني ( زنى ، قال سعيد ) ابن المسيب ( فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وعند البخاري من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة ، وابن المسيب عن أبي هريرة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354998فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله ، فقال : يا رسول الله إني زنيت ، فأعرض عنه ، فجاء لشق وجهه الذي أعرض عنه ، فقال : إني زنيت ( حتى إذا أكثر عليه ) بالمرة الرابعة ، ففي حديث أبي هريرة المذكور : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354999فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه صلى الله عليه وسلم فقال : أبك جنون ؟ قال : لا ، فقال : أحصنت ؟ قال : نعم " ولا ينافي سؤاله عن ذلك قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10355000بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال : أيشتكي ) مرضا أذهب عقله ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10355001أم به جنة ؟ ) بكسر الجيم ، أي جنون ; لأنه سأله أولا ثم بعث إلى أهله ؛ لأنه استنكر ما وقع منه ; إذ مثل ذلك لا يقع من صحيح عاقل .
فتقرب إلى الله أولا بنصحه بأمره بالتوبة والستر فلما ثبت على الإقرار تقرب ثانيا إلى الله فكان رأس من رجمه . واحتج الحنفية والحنابلة بظاهره في اشتراط الإقرار أربع مرات وإنه لا يكتفى بما دونها قياسا على الشهود ، وأجاب المالكية والشافعية في عدم اشتراط ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 222 ] " nindex.php?page=hadith&LINKID=10355006واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " . ولم يقل أربع مرات . وبحديث الغامدية إذ لم ينقل أنه تكرر إقرارها ، وإنما كرر على ماعز ؛ لأنه شك في عقله ولذا قال : أبك جنون ؟ وقال لأهله : أيشتكي أم به جنة ؟ فإن الإنسان غالبا لا يصر على إقرار ما يقتضي هلاكه من غير سؤال ، مع أنه له طريقا إلى سقوط الإثم بالتوبة ، ولذا سأل أهله مبالغة في تحقيق حاله وصيانة دم المسلم ، فيبنى عليه الأمر لا على مجرد إقراره بعدم الجنون ، فإنه لو كان مجنونا لم يفد قوله أنه ليس به جنون لأن إقرار المجنون غير معتبر .
قال ابن عبد البر : وفيه أن المجنون المعتوه لا حد عليه وهو إجماع ، وأن إظهار الإنسان ما يأتيه من الفواحش جنون لا يفعله إلا المجانين ، وأنه ليس من شأن ذوي العقول كشف ذلك ، والاعتراف به عند السلطان وغيره ، وإنما من شأنهم الستر على أنفسهم والتوبة ، وكما يلزمهم الستر على غيرهم يلزمهم الستر على أنفسهم ، وإن حد الثيب غير حد البكر ، ولا خلاف فيه لكن قليل من العلماء رأى على الثيب الجلد والرجم معا ، روي ذلك عنعلي ، وعبادة وتعلق به داود وأصحابه ، والجمهور أنه يرجم ولا يجلد . وقال الخوارج والمعتزلة : لا رجم مطلقا وإنما الحد الجلد لثيب أو بكر ، وهو خلاف إجماع أهل الحق والسنة .