1556 1496 - ( مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله ) بضم العين ( ابن عبد الله ) بفتحها ( ابن عتبة ) بضمها وإسكان الفوقية ابن مسعود ( عن أبي هريرة ) عمرو بن عامر أو عبد الرحمن بن صخر قولان مرجحان من نحو ثلاثين قولا في اسمه واسم أبيه ( وزيد بن خالد الجهني ) بضم الجيم وفتح الهاء ( أنهما أخبراه أن رجلين ) لم يعرف الحافظ اسمهما ( اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : يا رسول الله اقض ) احكم ( بيننا بكتاب الله ) وفي رواية للشيخين : " فقام رجل من الأعراب فقال : أنشدك الله ألا قضيت بيننا بكتاب الله " ( وقال الآخر ) بفتح الخاء ( وهو أفقههما ) قال الحافظ زين الدين العراقي : يحتمل أن الراوي كان عارفا بهما قبل أن يتحاكما فوصف الثاني بأنه أفقه من الأول مطلقا ، ويحتمل في هذه القصة الخاصة لحسن أدبه في استئذانه أولا ، وترك رفع صوته إن كان الأول رفعه ( أجل ) بفتح الهمزة والجيم وخفة اللام أي نعم ( يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله ) إنما سألا ذلك وهما يعلمان أنه لا يحكم إلا بحكم الله ليحكم بينهما بالحكم الصرف لا بالتصالح والترغيب فيما هو الأرفق بهما ، أو أمرهما بالصلح إذ للحاكم أن يفعل ذلك ( وأذن لي ) في ( أن أتكلم قال : تكلم ، فقال : إن ابني ) لم يعرف الحافظ اسمه ( كان عسيفا ) بفتح العين وكسر السين المهملتين وإسكان التحتية وبالفاء أي أجيرا ( على هذا ) أي عنده أو على بمعنى اللام ( فزنى بامرأته ) لم يعرف الحافظ اسمها ( فأخبرني ) بالإفراد قال أبو عمر : هكذا رواه [ ص: 227 ] يحيى وابن القاسم وهو الصواب ، وللقعنبي : فأخبروني أي بالجمع ، وفي رواية عمرو بن شعيب : فسألت من لا يعلم فأخبرني ( أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ) متعلق بافتديت ، ومن للبدل نحو أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، أي افتديت بمائة شاة بدل الرجم ( وبجارية لي ) وفي رواية وجارية بلا موحدة ( ثم إني سألت أهل العلم ) قال الحافظ : لم أقف على أسمائهم ، ولا على عددهم ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10355024فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام ) بالإضافة فيهما لأنه بكر ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10355025وأخبروني أنما الرجم على امرأته ) لأنها محصنة ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ) بالتخفيف ( والذي نفسي بيده ) أقسم تأكيدا ( لأقضين بينكما بكتاب الله ) أي القرآن على ظاهره ، المنسوخ لفظه الثابت حكمه ، ويدل له قول عمر الآتي : الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنا قد قرأناها ، وقد أجمعوا على أن من القرآن ما نسخ حكمه وثبت خطه ، وعكسه في القياس مثله ، أو إشارة إلى قوله تعالى : أو يجعل الله لهن سبيلا ( سورة النساء الآية 15 ) وفسر النبي السبيل برجم المحصن رواه مسلم ، أو المعنى بحكم الله وقضائه كقوله تعالى : كتاب الله عليكم ( سورة النساء الآية 80 ) أي حكمه فيكم وقضاؤه عليكم ، وما قضى به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو حكم الله وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى من يطع الرسول فقد أطاع الله ( سورة النساء : الآية 80 ) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ( سورة الحشر : الآية 7 ) فلما أمر باتباعه وطاعته جاز أن يقال لكل حكم حكم به : حكم الله وقضاؤه ، إذ ليس في القرآن أن من زنى وافتدى يرد فداؤه ، ولا أن عليه نفي سنة مع الجلد ولا أن على الثيب الرجم ، وقد أقسم أن يقضي بينهما بكتاب الله وهو صادق وقال : ( أما غنمك وجاريتك فرد عليك ) أي مردود من إطلاق المصدر على المفعول ، نحو : نسج اليمن أي منسوجه ; ولذا كان بلفظ واحد للجمع والواحد ( وجلد ابنه مائة ) أي أمر من يجلده فجلده ( وغربه عاما ) عن وطنه ، وهذا يتضمن أن ابنه كان بكرا ، وأنه اعترف بالزنى ، فإن إقرار الأب عليه لا يقبل ، وقرينة اعترافه حضوره مع أبيه ، كما في رواية أخرى أن ابني هذا ، وسكوته على ما نسبه إليه .
وفي النسائي عن عمرو بن شعيب ، عن الزهري : كان ابني أجيرا لامرأة هذا ، وابني لم يحصن فصرح بأنه بكر ، وفيه تغريب البكر الزاني خلافا لقول أبي حنيفة لا يغرب ; لأنه زيادة على النص ، والزيادة عليه [ ص: 228 ] بخبر الواحد نسخ فلا يجوز ، وأجيب بأن الزيادة ليست بنسخ إذ حكم النص باق وهو الجلد والتغريب بالسنة .
( وأمر أنيسا ) بضم الهمزة مصغر ( الأسلمي ) جزم ابن حبان وابن عبد البر بأنه أنيس بن الضحاك ، وفيه نظر ، والظاهر في نقدي أنه غيره ، وقال ابن السكن : لا أدري من هو ولم أجد له رواية غير ما ذكر في هذا الحديث ، ويقال : هو أنيس بن الضحاك ، وقال غيره : يقال هو أنيس بن أبي مرثد ، وهو خطأ ; لأنه غنوي وهذا أسلمي ، كذا في الإصابة ، وقال في المقدمة : أنيس هو ابن الضحاك نقله ابن الأثير عن الأكثرين ، ويؤيده قوله في الحديث ( الأسلمي ) ، ووهم ابن التين في قوله أنه أنس بن مالك ، ولكنه صغر انتهى .
فإنه خص الأسلمي قصدا إلى أنه لا يؤمر في القبيلة إلا رجل منهم لنفورهم عن حكم غيرهم ، وكانت المرأة أسلمية .
( أن يأتي امرأة الآخر ) ليعلمها أن الرجل قذفها بابنه فلها عليه حد القذف فتطالبه أو تعفو عنه .
( فإن اعترفت ) بأنه زنى بها ( رجمها فاعترفت فرجمها ) أنيس لأنه حكمه في ذلك ، لكن في رواية الليث عن الزهري فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت ، وهو ظاهر في أن أنيسا إنما كان رسولا ليسمع إقرارها فقط ، وأن تنفيذ الحكم إنما كان منه صلى الله عليه وسلم ، ويشكل كونه اكتفى بشاهد واحد .
وأجيب بأن رواية مالك أولى لما تقرر من ضبطه وخصوصا في حديث الزهري ، فإنه أعرف الناس به ، فالظاهر أن أنيسا كان حاكما ، ولئن سلم أنه رسول فليس في الحديث نص على انفراده بالشهادة ، فيحتمل أن غيره شهد عليها ، وقال القاضي عياض : يحتمل أن ذلك ثبت عنده صلى الله عليه وسلم بشهادة هذين الرجلين ، قال الحافظ : والذي تقبل شهادته من الثلاثة والد العسيف فقط ، وأما العسيف والزوج فلا ، وغفل بعض من تبع عياضا فقال : لا بد من هذا الحمل وإلا لزم الاكتفاء بشاهد واحد في الإقرار بالزنى ولا قائل به ، ويمكن الانفصال عن هذا بأن أنيسا بعث حاكما فاستوفى شروط الحكم ، ثم استأذنه صلى الله عليه وسلم في رجمها فأذن له ، قال المهلب : فيه حجة في جواز إنفاذ الحاكم رجلا واحدا في الإعذار ، وفي أن يتخذ واحدا يثق به يكشف له عن حال الشهود في السر ، كما يجوز له قبول الواحد فيما طريقه الخبر لا الشهادة انتهى .
وذكر ابن سعد من حديث سهل بن أبي حثمة أن الذين كانوا يفتون على عهد النبي عمر وعثمان وعلي ، وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت .
وعن ابن عمر كان أبو بكر وعمر يفتيان في زمنه صلى الله عليه وسلم .
وعن حراش الأسلمي : كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتي في زمنه صلى الله عليه وسلم ، وفيه أن الحد لا يقبل الفداء ، وهو مجمع عليه في الزنى والسرقة والشرب والحرابة ، واختلف في القذف والصحيح [ ص: 229 ] أنه كغيره ، وإرسال الإمام إلى المرأة ليسألها عما رميت به ، وقد صحح النووي وجوبه ، وهو ظاهر مذهبنا ، واحتج له ببعث أنيس ، لكن تعقب بأنه فعل في واقعة حال لا دلالة فيه على الوجوب لاحتمال أن سبب البعث ما وقع بين زوجها ، وبين والد العسيف من الخصام ، والمصالحة على الحد ، واشتهار القصة حتى صرح والد العسيف بما صرح به ، ولم ينكر عليه زوجها ، فالإرسال إلى هذه يختص بمن كان على مثلها من التهمة القوية بالفجور .
( قال مالك : والعسيف الأجير ) وزنا ومعنى لأنه يعسف الطرق أي يسلكها مترددا في الاشتغال ، والجمع عسفاء بزنة أجراء ، وفيه أن الأولى بالقضاء الخليفة العالم بوجوه القضاء ، وأن المدعي أولى بالقبول ، والطالب أحق بالتقدم بالكلام ، وإن بدأ المطلوب برد هذا الباطل ، وأنه لا يدخل بقبضه في ملكه ولا يصححه له ، وعليه رده ، وأنه لا جلد مع الرجم ، وقاله الجمهور خلافا للظاهرية ، وبعض السلف لحديث مسلم عن عبادة مرفوعا : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة " .
وأجيب بأنه منسوخ ; لأنه رجم جماعة ولم يجلدهم ، ورجم أبو بكر وعمر وعثمان ولم يجلدوا ، وما روي عن علي في شراحة الهمدانية : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله ، فمنقطع لا حجة فيه ، كما قال ابن عبد البر وغيره ، وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك وتابعه الليث ، وابن أبي ذئب ، وابن عيينة ، وصالح بن كيسان ، وابن جريج ، ويحيى بن سعيد ، وغيرهم في الصحيحين وغيرهما كلهم عن ابن شهاب بنحوه .