1583 1525 - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( عن محمد بن يحيى بن حبان ) بفتح المهملة والموحدة الثقيلة ( أن عبدا ) أسود لواسع ابن حبان عم محمد واسم العبد فيل كما في التمهيد ، وهو بلفظ الحيوان المذكور في القرآن ( سرق وديا ) بفتح الواو وكسر الدال المهملة وشد التحتية أي نخلا صغارا قاله أبو عبيد وغيره ، وفي بعض طرق الحديث سرق نخلا صغارا ( من حائط رجل ) لم يسم ، وفي رواية حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى أن غلاما لعمه واسع بن حبان سرق وديا من أرض جار له ( فغرسه في حائط سيده فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده ) في حائط جاره ( فاستعدى على العبد مروان بن الحكم ) أمير المدينة حينئذ من جهة معاوية ( فسجن مروان العبد وأراد قطع يده فانطلق سيد العبد ) واسع بن حبان ( إلى رافع بن خديج ) بفتح الخاء المعجمة وكسر المهملة وسكون التحتية وجيم ابن رافع بن عدي الأنصاري الأوسي الحارثي ، أول مشاهده أحد ثم الخندق مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين ، وقيل قبل ذلك ( فسأله عن ذلك فأخبره ) رافع ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا قطع ) جائز ( في ثمر ) بفتح المثلثة والميم معلق على الشجر قبل أن يجذ ويحرز ( ولو في كثر ) بفتح الكاف والمثلثة ( والكثر الجمار ) بجيم مضمومة وميم ثقيلة أي جمار النخل وهو شحمه الذي يخرج به الكافور وهو وعاء الطلع من جوفه سمي جمارا وكثرا لأنه أصل الكوافير ، وحيث تجتمع وتكثر كما في الفائق ، وهذا التفسير مدرج ، ففي رواية شعبة قلت ليحيى بن سعيد : ما الكثر ؟ فقال : الجمار ، وبه تعقب تفسير ابن الأثير بالتمر الرطب ما دام في النخلة فإذا قطع فهو رطب فإذا كثر فهو تمر والكثر الجمار ، وهو القصد من الودي الذي هو النخل الصغار فلا قطع على سارقه فالدليل طبق [ ص: 259 ] المدلول كما هو واضح ( فقال الرجل : فإن مروان بن الحكم ) بفتحتين ( أخذ غلاما ) عبدا ( لي وهو يريد قطعه وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم فقال : أخذت غلاما لهذا ) الرجل ( قال نعم ) أخذته ( قال : فما أنت صانع ) فاعل ( به ؟ ) وفي هذا من اللطف في الخطاب ما لا يخفى حيث لم يقل له إن هذا قد أخذت له غلاما وأردت قطعه ( قال : أردت قطع يده ) لأنه سرق ( فقال له رافع : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا قطع في ثمر ولا كثر ) زاد في رواية للترمذي وغيره : إلا ما آواه الجرين .
( فأمر مروان بالعبد فأرسل ) أطلق من السجن بعد أن ضربه .
ففي رواية شعبة : فضربه وحبسه .
وفي رواية يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد : فأرسله مروان فباعه أو نفاه أي باعه سيده ، وهذا الحديث أخرجه أحمد والأربعة وصححه ابن حبان من طرق عن مالك وغيره كلها عن يحيى بن سعيد .
قال ابن العربي : فإن كان فيه كلام فلا يلتفت إليه .
وقال الطحاوي : وتلقت الأئمة متنه بالقبول .
وقال أبو عمر : هذا حديث منقطع لأن محمدا لم يسمعه من رافع ، وتابع مالكا عليه سفيان الثوري والحمادان وأبو عوانة ويزيد بن هارون وغيرهم ، ورواه ابن عيينة عن يحيى عن محمد عن عمه واسع عن رافع ، وكذا رواه حماد بن دليل المدائني عن شعبة عن يحيى بن سعيد به ، فإن صح هذا فهو متصل مسند صحيح لكن قد خولف ابن عيينة في ذلك ولم يتابع عليه إلا ما رواه حماد بن دليل فقيل عن محمد من رجل من قومه ، وقيل عنه عن عمة له ، وقيل عنه عن أبي ميمونة عن رافع ولم يتابع عليه ، وقد خولف عن حماد بن دليل أيضا ، فإنما رواه غيره عن شعبة عن يحيى عن محمد عن رافع كما رواه مالك ، وأطال الكلام في ذلك في التمهيد ، والظاهر أن هذا الاختلاف غير قادح كما قد يشير إليه قول ابن العربي فإن كان فيه كلام لا يلتفت إليه ، وأما المتن فصحيح كما أشار إليه الطحاوي وأبو عمر في آخر كلامه ، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود ، ومن حديث أبي هريرة عند ابن ماجه ، وإسناد كل منهما صحيح .