1609 1554 [ ص: 288 ] ( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب ) مرسلا عند رواة الموطأ ووصله مطرف وأبو عاصم النبيل كلاهما عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة عن أبي هريرة ، قال ابن عبد البر : والحديث عند ابن شهاب عنهما جميعا عن أبي هريرة ، فطائفة من أصحابه يحدثون به عنه هكذا ، وطائفة يحدثون به عنه عن سعيد وحده عن أبي هريرة ، وطائفة عنه عن أبي سلمة وحده عن أبي هريرة ، ومالك أرسل عنه حديث سعيد هذا ووصل حديث أبي سلمة واقتصر فيهما على قصة الجنين دون قتل المرأة لما ذكرنا من العلة ، ولما شاء الله مما هو أعلم به انتهى .
ومراده أرسله في رواية الأكثر وإلا فقد رواه النسائي عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى ) حكم ( في الجنين ) حال كونه ( يقتل في بطن أمه ) ذكر أو أنثى أو خنثى ولو مضغة أو علقة أو ما يعلم أنه ولد عند مالك ( بغرة ) بالتنوين ( عبد أو وليدة ) تقسيم لا شك يساوي كل واحد منهما عشر دية أمه كما يأتي ( فقال الذي قضي عليه ) بضم القاف وكسر الضاد بالغرة ، وفي رواية للبخاري : فقال ولي المرأة التي غرت بضم المعجمة ، وفتح الراء الثقيلة أي التي قضي عليها بالغرة ووليها هو ابنها مسروح رواه عبد الغني ، والأكثر أن القائل زوجها حمل بن النابغة الهذلي ، وللطبراني أنه عمران بن عويمر أخو مليكة ، قال الحافظ : فيحتمل تعدد القائلين ، فإسناد هذه صحيح أيضا انتهى .
وفيه دلالة قوية لقول مالك وأصحابه ومن وافقهم أن الغرة على الجاني لا على العاقلة ، كما يقول أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما ; لأن المفهوم من اللفظ أن المقضي عليه واحد معين وهو الجاني ، إذ لو قضي بها على العاقلة لقيل فقال الذين قضي عليهم ، وفي القياس أن كل جانب جنايته عليه إلا بدليل لا معارض له كالإجماع أو السنة وقد قال تعالى : ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ( سورة الأنعام : الآية 164 ) وقال صلى الله عليه وسلم لأبي رمثة في ابنه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353885إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك " ولا ينافي ذلك اختلاف الروايات في تعيين القائل والجمع بينهما باحتمال تعدده ; لأن كلا تكلم عن المرأة الجانية كما في رواية البخاري بلفظ : فقال ولي المرأة التي غرمت فصرح بأن المرأة الجانية هي التي غرمت الغرة ، ولا يخالفه رواية غرت بضم الغين وفتح الراء مشددة وتاء ساكنة بلا ميم لأن معناها التي قضي عليها بغرم الغرة ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353886كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ) [ ص: 289 ] أي صاح عند الولادة وهو من إقامة الماضي مقام المضارع أي لم يشرب . . . . إلخ .
( ومثل ذلك بطل ) بموحدة وطاء مهملة مفتوحتين ولام خفيفة من البطلان ، وفي رواية يطل بتحتية مضمومة بدل الموحدة وشد اللام أي يهدر من الأفعال التي لا تستعمل إلا مبنية للمفعول ، قال المنذري : وأكثر الروايات بالموحدة وإن رجح الخطابي التحتية .
( فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إنما هذا من إخوان الكهان ) لمشابهة كلامه كلامهم ، زاد مسلم من أجل سجعه الذي سجع فيه فشبه بالإخوان ; لأن الأخوة تقتضي المشابهة ، وذمه ; لأنه أراد بسجعه دفع ما أوجبه - صلى الله عليه وسلم - ولم يعاقبه ؛ لأنه مأمور بالصفح عن الجاهلين وهو كان أعرابيا لا علم له بأحكام الدين ، فقال له قولا لينا وتلك سيمته أن يعرض عن الجاهلين ولا ينتقم لنفسه فلا دلالة فيه لمن زعم كراهة التسجيع مطلقا ، نعم ينكر على الإنسان الخطيب أو غيره أن يكون كلامه كله سجعا ، أما إذا كان أقل كلامه فليس بمعيب بل مستحسن محمود فإنه كلام ، وكذلك الشعر فحسنهما حسن وقبيحهما قبيح ، كالكلام المنثور كما دلت على ذلك الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه ، وفيه حجة لقول مالك والشافعي وأصحابهما : تورث الغرة عن الجنين على فرائض الله ، تعالى ، واحتج الشافعي بقوله كيف أغرم . . . إلخ ، قال : فالمضمون لأن العضو لا يعترض فيه بهذا .
وقال أبو حنيفة وأصحابه : تختص بها الأم ; لأنها بمنزلة قطع عضو من أعضائها وليست بدية إذ لم تعتبر فيها هل ذكر أو أنثى كالديات ، وكذا قال الظاهرية واحتج إمامهم داود بأن الغرة لم يملكها الجنين فتورث عنه ، ويرد عليه دية المقتول خطأ فإنه لم يملكها وهي تورث عنه قاله أبو عمر ملخصا ، وهذا الحديث رواه البخاري عن قتيبة عن مالك به مرسلا ففيه أن مراسيل مالك صحيحة عند البخاري .