1639 1591 - ( مالك عن محمد بن المنكدر ) بن عبد الله التميمي المدني ( عن جابر بن عبد الله ) الصحابي ابن الصحابي ( أن أعرابيا ) قال الحافظ : لم أقف على اسمه إلا أن الزمخشري ذكر في ربيع الأبرار أنه قيس بن أبي حازم وهو مشكل لأنه تابعي كبير مشهور ، وصرحوا بأنه هاجر فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات ، فإن كان محفوظا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه .
وفي الذيل لأبي موسى المديني ، في الصحابة قيس بن حازم المنقري ، فيحتمل أن يكون هو هذا أي : زيد في اسم أبيه أداة الكنية سهوا أو غلطا ( بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك ) بفتح الواو وبسكون العين حمى ( بالمدينة فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية سفيان الثوري : فجاء الغد محموما ( فقال يا رسول الله أقلني بيعتي ) على الإسلام قاله عياض ، وقال غيره : إنما استقاله من الهجرة ولم يرد الارتداد عن الإسلام ، قال ابن بطال : بدليل أنه لم يرد حل ما عقده إلا بموافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، ولو أراد الردة ووقع فيها لقتله إذ ذاك ، وحمله بعضهم على الإقالة من المقام بالمدينة ( فأبى ) امتنع ( رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) أن يقيله ( ثم جاءه ) ثانية ( فقال : أقلني بيعتي فأبى ) امتنع ( ثم جاءه ) الثالثة ( فقال : أقلني بيعتي فأبى ) أن يقيله لأنها إن كانت بعد الفتح فهي على الإسلام فلم يقله لأنه لا يحل الرجوع إلى الكفر ، وإن كان قبله فهي على الهجرة والمقام معه بالمدينة ، ولا يحل للمهاجر أن يرجع إلى وطنه كذا قال عياض .
ورده الأبي فقال : الأظهر أنها على الهجرة لقوله وعك ، ولو كانت على الإسلام كانت ردة لأن الرضا بالدوام على الكفر كفر انتهى .
( فخرج الأعرابي ) من المدينة إلى البدو ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما المدينة كالكير ) [ ص: 349 ] بكسر الكاف المنفخ الذي ينفخ به النار أو الموضع المشتمل عليها ( تنفي ) بفتح الفوقية وسكون النون وبالفاء ( خبثها ) بفتح المعجمة والموحدة والمثلثة ما تبرزه النار من وسخ وقذر ، ويروى بضم الخاء وسكون الباء من الشيء الخبيث ، والأول أشبه لمناسبة الكير .
( وينصع ) بفتح التحتية وسكون النون وفتح الصاد وعين مهملتين من النصوع وهو الخلوص أي يخلص ( طيبها ) بكسر الطاء وسكون التحتية خفيفة والرفع فاعل ينصع ، وفي رواية تنصع بالفوقية طيبها على المفعولية مخففا أيضا ، وبه ضبطه القزاز لكنه استشكله بأنه لم ير النصوع في الطيب ، وإنما الكلام يتضوع بضاد معجمة وزيادة واو ، لكن قال عياض معنى ينصع يصفو ويخلص ، يقال طيب ناصع إذا خلصت رائحته وصفت مما ينقصها ، وفي رواية طيبها بشد التحتية مكسورة والرفع فاعل ، قال الأبي : وهي الرواية الصحيحة وهو أقوم معنى لأنه ذكره في مقابلة الخبيث أي مناسبة بين الكير والطيب ، شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وما يصيب ساكنها من الجهد بالكير وما يدور عليه بمنزلة الخبيث من الطيب فيذهب الخبيث ويبقى الطيب ، وكذلك المدينة تنفي شرارها بالحمى والجوع وتطهر خيارهم وتزكيهم انتهى .
وقال غيره : هذا تشبيه حسن لأن الكير بشدة نفخه ينفي عن النار السخام والدخان والرماد حتى لا يبقى إلا خالص الجمر ، هذا إن أريد بالكير المنفخ الذي ينفخ به النار ، وإن أريد به الموضع فالمعنى أن ذلك الموضع لشدة حرارته ينزع خبث الحديد والذهب والفضة ويخرج خلاصة ذلك ، والمدينة كذلك تنفي شرار الناس بالحمى والوصب وشدة العيش وضيق الحال التي تخلص النفس من الاسترسال في الشهوات وتطهر خيارهم وتزكيهم ، وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأحكام عن القعنبي وعبد الله بن يوسف ، وفي الاعتصام عن إسماعيل ومسلم في الحج عن يحيى الأربعة عن مالك به ، وتابعه سفيان الثوري عن ابن المنكدر عند البخاري بنحوه .