1641 1593 - ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه ) قال أبو عمر : وصله معن بن عيسى وحده عن مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا يخرج أحد من المدينة ) [ ص: 352 ] ممن استوطنها ( رغبة عنها ) أي عن ثواب الساكن فيها ، وقال المازري : أي كراهة لها من رغبت عن الشيء إذا كرهته ( إلا أبدلها الله خيرا منه ) بمولود يولد فيها أو قدوم خير منه من غيرها ، أما من كان وطنه غيرها فقدمها للقربة ورجع إلى وطنه أو كان مستوطنا بها فسافر لحاجة أو لضرورة شدة زمان أو فتنة فليس ممن يخرج رغبة عنها قاله الباجي .
قال ابن عبد البر : هذا في حياته - صلى الله عليه وسلم - وذلك مثل الأعرابي القائل : أقلني بيعتي ، ومعلوم أن من رغب عن جواره أبدله الله خيرا منه ، وأما بعد وفاته فقد خرج منها جماعة من أصحابه ولم تعوض المدينة خيرا منهم انتهى .
يعني كأبي موسى وابن مسعود ومعاذ وأبي عبيدة وعلي وطلحة والزبير وعمار وحذيفة وعبادة بن الصامت وبلال وأبي الدرداء وأبي ذر وغيرهم ، وقطنوا غيرها وماتوا خارجا عنها ولم تعوض المدينة مثلهم فضلا عن خير منهم ، فدل ذلك على التخصيص بزمنه - صلى الله عليه وسلم .
قال الأبي : الأظهر أن ذلك ليس خاصا بالزمن النبوي ، ومن خرج من الصحابة لم يخرج رغبة عنها بل إنما خرج لمصلحة دينية من تعليم أو جهاد أو غير ذلك انتهى .
لا يقال ليس النزاع في أن خروجهم لما ذكر إنما هو في تعويضها بخير منهم ، وهذا لم يقع فالأظهر التخصيص لأنا نقول : الإبدال مقيد بالخروج رغبة عنها فلا يرد أن الخارج لمصلحة دينية لم تعوض مثلهم .