1645 1597 - ( مالك عن عمرو ) بفتح العين وسكون الميم ابن أبي عمرو واسمه ميسرة المدني الثقة المتوفى بعد الخمسين ومائة ( مولى المطلب ) بن عبد الله بن حنطب المخزومي ، وعمرو قال أحمد : لا بأس به روى عنه مالك وضعفه بعضهم ، قال ابن عبد البر : ولم يفرده مالك بحكم له في الموطأ هذا الحديث الواحد انتهى .
وفي مقدمة الفتح وثقه أحمد [ ص: 357 ] وأبو زرعة وأبو حاتم والعجلي ، وضعفه ابن معين والنسائي وعثمان الدارمي لروايته عن عكرمة عن ابن عباس : " من أتى البهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة " وقال أبو داود : ليس هو بذاك حدث بحديث البهيمة .
وقد روى عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس : " ليس على من أتى البهيمة حد " وقال الساجي : صدوق إلا أنه يهم انتهى .
وقد علم أن مالكا لم يخرج عنه عن عكرمة شيئا وإنما أخرج له هذا الحديث فقط ( عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع ) بفتح الطاء واللام مخففا ظهر ( له أحد ) حين رجع من خيبر ، ففي رواية محمد بن جعفر عن عمرو عن أنس قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353928خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر أخدمه فلما قدم صلى الله عليه وسلم راجعا وبدا له أحد " ( فقال : هذا ) مشيرا إلى أحد ( جبل ) خبر موطئ لقوله : ( يحبنا ) حقيقة كما رجحه جماعة ، وقد خاطبه صلى الله عليه وسلم مخاطبة من يعقل فقال لما اضطرب : اسكن أحد . . . الحديث .
فوضع الله الحب فيه كما وضع التسبيح في الجبال مع داود والخشية في الحجارة التي قال فيها : وإن منها لما يهبط من خشية الله [ سورة البقرة : الآية 74 ] وكما حن الجذع لفراقه حتى سمع الناس حنينه ، فلا ينكر وصف الجماد بحب الأنبياء وقد سلم عليه الحجر والشجر وسبحت الحصيات في يده وكلمته الذراع وأمنت حوائط البيت وأسكفة الباب على دعائه صلى الله عليه وسلم ، إشارة إلى مزيد حب الله إياه حتى أسكن حبه في الجماد وغرس محبته في الحجر مع فضل يبسه وقوة صلابته .
وقيل : لأنه كان يبشره بلسان الحال إذا قدم من سفر بقربه من أهله ولقائهم وذلك فعل المحب بمن يحب ، فكان يفرح إذا طلع له استبشارا بالأوبة من سفره والقرب من أهله ، وضعف بما في رواية الطبراني عن أنس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=2003930فإذا جئتموه فكلوا من شجره ولو من عضاهه " بكسر المهملة وضاد معجمة ، كل شجرة عظيمة ذات شوك ، فحث على عدم إهمال الأكل [ ص: 358 ] حتى لو فرض أنه لا يوجد إلا ما يؤكل كالعضاه ، يمضغ منه تبركا ولو بلا ابتلاع .
قال السهيلي : ويقوي الأول أي الحقيقة - قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353932المرء مع من أحب " مع أحاديث أنه في الجنة فتناسبت هذه الآثار وشد بعضها بعضا ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ولا أحسن من اسم مشتق من الأحدية ، وقد سماه الله بهذا الاسم تقدمة لما أراده من مشاكلة اسمه لمعناه ، إذ أهله وهم الأنصار نصروا التوحيد والمبعوث بدين التوحيد واستقر عنده حيا وميتا ، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يستعمل الوتر ويحبه في شأنه كله استشعارا للأحدية ، فقد وافق اسمه أغراضه ومقاصده ، ومع أنه مشتق من الأحدية فحركات حروفه الرفع وذلك يشعر بارتفاع دين الأحدية وعلوه ، فتعلق الحب به منه صلى الله عليه وسلم اسما ومسمى ، فخص من بين الجبال بأن يكون معه في الجنة إذا بست الجبال بسا انتهى .
وأخذ من هذا أنه أفضل الجبال ، وقيل : عرفة ، وقيل : أبو قبيس ، وقيل : الذي كلم الله عليه موسى ، وقيل : قاف ، قيل : وفيه قبر هارون أخي موسى عليهما الصلاة والسلام ولا يصح .
( اللهم إن إبراهيم حرم مكة ) بتحريمك لها على لسانه ( وأنا أحرم ) بتحريمك على لساني ( ما بين لابتيها ) بخفة الموحدة تثنية لابة ، قال ابن حبيب : أرض ذات حجارة سود وجمعها في القلة لابات وفي الكثرة لوب كساحة وسوح يعني الحرتين الشرقية والغربية وهي حرار أربع لكن القبلية والجنوبية متصلتان ، وقد ردها حسان إلى حرة واحدة في قوله :
لنا حرة مأطورة بجبالها بنى العز فيها بيته فتأثلا
قال : ومأطورة يعني معطوفة بجبالها لاستدارة الجبال بها ، وإنما جبالها تلك الحجارة السود التي تسمى الحرار ، قال : وتحريمه صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها إنما يعني في الصيد ، فأما الشجر فبريد في بريد في دورها كلها ، كذلك أخبرني مطرف عن مالك وعمر بن عبد العزيز انتهى .
وكذا قاله ابن وهب .
زاد في رواية في الصحيحين : " كما حرم إبراهيم مكة " والتشبيه في الحرمة فقط لا الجزاء ; لأنه كما قال ابن عبد البر عن العلماء لم يكن في شريعة إبراهيم جزاء الصيد وإنما هو شيء ابتلى الله به هذه الأمة كما قال : ليبلونكم الله بشيء من الصيد [ سورة المائدة : الآية 94 ] ولم يكن قبل ذلك ، والصحابة فهموا المراد في تحريم صيد المدينة فتلقوه بالوجوب دون جزاء والأصل براءة الذمة ، ولا يجب فيها شيء إلا بيقين ، هذا قول أكثر العلماء .
وقالت فرقة : في صيدها الجزاء ; لأنه حرم نبي كما مكة حرم نبي انتهى .
وزاد في الصحيح من حديث جابر وأبي سعيد : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353933لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها " ووقع في رواية إسماعيل بن جعفر عن عمرو : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353934اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به [ ص: 359 ] إبراهيم مكة " فزعم بعض الحنفية أن الحديث مضطرب ؛ نصرة لقولهم بجواز صيدها وقطع شجرها ، وتعقب بأن بمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة ، فالجمع واضح ولو تعذر ، فرواية لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها ولا ينافيها رواية جبليها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة المشرق والمغرب ، وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر ، والحديث رواه البخاري في أحاديث الأنبياء عن القعنبي ، وفي المغازي عن عبد الله بن يوسف ، كلاهما عن مالك به ، وتابعه محمد بن أبي كثير عند البخاري وإسماعيل بن جعفر ويعقوب بن عبد الرحمن عند مسلم ، الثلاثة عن عمرو بنحوه .