( والنصارى ) وكأنه قيل ما سبب ذلك ؟ فقال : لأنهم ( اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) أي اتخذوها جهة قبلتهم مع اعتقادهم الباطل ، وأن اتخاذها مساجد لازم لاتخاذ المساجد عليها كعكسه ، وقدم اليهود لابتدائهم بالاتخاذ وتبعهم النصارى فاليهود أظلم ، فإن قيل : النصارى ليس لهم إلا نبي واحد ولا قبر له .
أجيب : بأن الجمع بإزاء المجموع من اليهود والنصارى ، فإن اليهود لهم أنبياء أو المراد الأنبياء وكبار أتباعهم كالحواريين فاكتفى بذكر الأنبياء .
وفي مسلم ما يؤيد ذلك حيث قال في بعض الحديث : كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، أو أنه كان في النصارى أنبياء أيضا غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول ، أو الضمير راجع لليهود فقط بدليل رواية إسقاط النصارى ، أو على الكل ويراد من أمروا بالإيمان بهم وإن كانوا من الأنبياء السابقين كنوح وإبراهيم .
قال البيضاوي : لما كانت اليهود يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة ويتوجهون في الصلاة نحوها فاتخذوها أوثانا لعنهم الله ، ومنع المسلمين عن مثل ذلك ونهاهم عنه ، أما من اتخذ مسجدا بجوار صالح أو صلى في مقبرته وقصد به الاستظهار بروحه ووصول أثر من آثار عبادته إليه لا التعظيم له والتوجه فلا حرج عليه ، ألا ترى أن مدفن إسماعيل في المسجد الحرام عند الحطيم ، ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى المصلي بصلاته .
والنهي عن الصلاة في المقابر مختص بالمنبوشة لما فيها من النجاسة انتهى .