وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة وأنا معه في البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ابن العشيرة ثم أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فلم أنشب أن سمعت ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم معه فلما خرج الرجل قلت يا رسول الله قلت فيه ما قلت ثم لم تنشب أن ضحكت معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من شر الناس من اتقاه الناس لشره
1672 1623 - ( مالك أنه بلغه ) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من طريق سفيان [ ص: 400 ] بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن عروة ( عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : استأذن رجل ) في الدخول ( على النبي صلى الله عليه وسلم ) بينه وهو عيينة بن حصن الفزاري كما جزم به ابن بطال وعياض والقرطبي ونقله الباجي عن ابن حبيب عن مالك ، ورواه عبد الغني في المبهمات عن مالك بلاغا ، وابن بشكوال عن يحيى بن أبي كثير أن عيينة استأذن فذكره مرسلا ، وقيل : هو مخرمة بن نوفل أخرجه عبد الغني عن عائشة ، قال الحافظ : فيحمل على التعدد .
وقد حكى ابن المنذر القولين ، فقال : هو عيينة ، وقيل : مخرمة وهو الراجح اهـ .
وتعقب بأن حديث تسميته عيينة صحيح وإن كان مرسلا ، وخبر تسميته مخرمة فيه راويان ضعيفان ; ولذا قال الخطيب وعياض وغيرهما : الصحيح أنه عيينة ، قالوا : ويبعد أن يقول صلى الله عليه وسلم في حق مخرمة ما قال لأنه كان من خيار الصحابة .
( قالت عائشة : وأنا معه في البيت ) قبل نزول الحجاب فقال : من هذه ؟ قال : عائشة ، قال : ألا أنزل لك عن أم البنين ؟ فغضبت عائشة وقالت : من هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم هذا الأحمق المطاع ، رواه سعيد بن منصور يعني في قومه لأنه كان يتبعه منهم عشرة آلاف قناة لا يسألونه أين يريد .
وقال القرطبي : فيه جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش ونحو ذلك مع جواز مداراتهم اتقاء لشرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة [ ص: 401 ] في دين الله ، والفرق بينهما وبين المداراة أنها بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا وهي مباحة ، وربما استحسنت ، والمداهنة بذل الدين لصلاح الدنيا ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه حسن عشرته والرفق في مكالمته ، ومع ذلك فلم يمدحه بقول فلم يناقض قوله فيه فعله ، فإن قوله فيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354017بئس ابن العشيرة " حق ، وفعله معه حسن عشرة ، فيزول بهذا التقرير الإشكال ا هـ .
أي الذي هو أن النصيحة فرض ، وطلاق الوجه وإلانة القول يستلزمان الترك ، وحاصل جوابه أن الفرض سقط لعارض ، وقال عياض : لم تكن غيبة والله أعلم حين إذ أسلم فلم يكن القول فيه غيبة أو كان أسلم ولم يكن إسلامه ناصحا فأراد صلى الله عليه وسلم بيان ذلك لئلا يغتر به من لم يعرف باطنه فيكون ما وصفه به من علامات النبوة ، وأما إلانة القول بعد أن دخل فعلى سبيل الاستئلاف .
وقال القرطبي في هذا الحديث : إن عيينة ختم له بسوء لأنه صلى الله عليه وسلم ذمه وأخبر بأن من كان كذلك كان شر الناس .
ورده الحافظ بأن الحديث ورد بلفظ العموم ، وشرط من اتصف بالصفة المذكورة أن يموت على ذلك ، وقد ارتد عيينة في زمن الصديق وحارب ثم رجع وأسلم وحضر بعض الفتوح في عهد عمر .
وفي الأم للشافعي : أن عمر قتل عيينة على الردة ، قال في الإصابة : ولم أر ذلك لغيره ، فإن كان محفوظا فلا يذكر في الصحابة لكن يحتمل أنه أمر بقتله فبادر إلى الإسلام فعاش إلى خلافة عثمان .
وقال أيضا في ترجمة طليحة نقلا عن الأم : أن عمر قتل طليحة وعيينة على الردة فراجعت جلال الدين البلقيني فاستغربه وقال : لعله قبلهما بموحدة ، أي : قبل منهما الإسلام بعد الارتداد .