قال الراغب : الحياء انقباض النفس عن القبيح وهو من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي فلا يكون كالبهيمة ، وهو مركب من خير وعفة ، ولذا لا يكون المستحي هجاعا ، وقلما يكون الشجاع مستحيا ، وقد يكون لمطلق الانقباض في بعض الصبيان انتهى ملخصا .
وقال غيره : هو انقباض النفس خشية ارتكاب ما يكره ، أعم من أن يكون شرعيا أو عقليا أو عرفيا ، ومقابل الأول فاسق ، والثاني مجنون ، والثالث أبله .
وقال الحليمي : حقيقة الحياء خوف الذم بنسبة الشر إليه ، قال غيره : فإن كان في محرم فهو واجب ، وفي مكروه فمستحب ، وفي مباح فهو العرفي ، المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354039الحياء لا يأتي إلا بخير " ويجمع ذلك كله أن المباح [ ص: 405 ] إنما هو ما يقع على وفق الشرع إثباتا ونفيا .
1678 1628 - ( مالك عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي ) بضم الزاي وفتح الراء وقاف الأنصاري المدني الثقة ، روى عن أبي سلمة وغيره وعنه مالك وغيره ( عن زيد ) كذا ليحيى .
وقال القعنبي وابن القاسم وابن بكير وغيرهم : يزيد ، بياء أوله ، قال ابن عبد البر : وهو الصواب ( ابن طلحة بن ركانة ) بضم الراء ابن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي ، تابعي معروف ، ذكره بعضهم في الصحابة غلطا ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال : وروى عن أبيه وأبي هريرة ومحمد ابن الحنفية وغيرهم .
وعنه : سلمة وابن وهب وهو أخو محمد بن طلحة ، ومات في أول خلافة هشام ، قال ابن الحذاء : وهو من الشيوخ الذين أكتفي في معرفتهم برواية مالك عنهم ، قال الحافظ : وهو كلام فارغ وإنما يقال ذلك في من لم يعرف شخصه ولا نسبه ولا حاله ولا بلده وانفرد عنه واحد وهذا بخلاف ذلك كله .
وقال ابن عبد البر : رواه جمهور الرواة عن مالك مرسلا .
وقال وكيع وحده عن مالك عن سلمة عن يزيد بن طلحة عن أبيه ، فعلى قوله يكون الحديث مسندا ، وقد أنكره يحيى بن معين ، وقال : ليس فيه عن أبيه فهو مرسل . قال في الإصابة : كذا قال ، ولم يذكر طلحة في الاستيعاب ، وعليه تعقب آخر ، فإن الذي أخرجه الدارقطني في غرائب مالك ، أي : وابن عبد البر نفسه في التمهيد من طريق وكيع عن مالك عن سلمة عن يزيد بن ركانة عن أبيه ، فعلى هذا الصحبة لركانة .
قال الدارقطني : ورواه علي بن يزيد الصدائي عن مالك كذلك ، لكن قال يزيد : طلحة بن ركانة ( يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354040قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل دين خلق ) سجية شرعت فيه وحض أهل ذلك الدين عليها ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354041وخلق الإسلام الحياء ) أي : طبع هذا الدين وسجيته التي بها قوامه ومروءة الإسلام التي بها جماله الحياء وأصله من الحياة فإذا حيي القلب بالله ازداد منه حياء ، ألا ترى أن المستحيي يعرق وقت الحياء فعرقه من حرارة الحياء التي هاجت من الروح ، فمن هيجانه تفور منه الروح فيعرق منه الجسد ويعرق منه أعلاه ; لأن سلطان الحياء في الوجه والصدر وذلك من قوة الإسلام ; لأن الإسلام تسليم النفس ، والدين خضوعها وانقيادها ، فلذا صار الحياء خلقا للإسلام فيتواضع ويستحيي ، ذكره الحكيم محمد بن علي الترمذي ، وقال غيره [ ص: 406 ] يعني : الغالب على أهل كل دين سجية سوى الحياء ، والغالب على أهل الإسلام الحياء ; لأنه متمم لمكارم الأخلاق التي بعث صلى الله عليه وسلم لإتمامها ، ولما كان الإسلام أشرف الأديان أعطاه الله أسنى الأخلاق وأشرفها .
قال الباجي : فيما شرع فيه الحياء بخلاف ما لم يشرع فيه كتعلم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكم بالحق والقيام به وأداء الشهادات على وجهها .