جمع مسكين من السكون ، وكأنه من قلة المال سكنت حركاته ، ولذا قال تعالى : ( أو مسكينا ذا متربة ) ( سورة البلد : الآية 16 ) ، أي ألصق بالتراب ، قاله القرطبي .
1713 1663 - ( مالك عن أبي الزناد ) عبد الله بن ذكوان ، ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز [ ص: 456 ] ( عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس المسكين ) - بكسر الميم ، وقد تفتح - أي الكامل في المسكنة ( بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ) يسألهم الصدقة عليه ، ( فترده اللقمة ، واللقمتان والتمرة والتمرتان ) - بفوقية فيهما - أي عند طوافه ; لأنه قادر على تحصيل قوته ، وربما يقع له زيادة عليه ، وليس المراد نفي المسكنة عن الطواف ، بل المراد أن غيره أشد حالا منه ، والإجماع على أن الطواف المحتاج المسكين ، فهو كقوله تعالى : ( ليس البر ) ( سورة البقرة : الآية 177 ) الآية .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354171أتدرون من المفلس ؟ ( قالوا فما ) كذا ليحيى وحده ، ولغيره فمن ، كذا ، قيل : وقد رواه قتيبة أيضا عن مالك بلفظ ما ، وهي رواية مسلم من طريق الحزامي عن أبي الزناد نظرا إلى أنه سؤال عن الصفة ، وهي المسكنة ، وما يقع عن صفات العقلاء يقال فيه ما نحو : ( ما طاب لكم من النساء ) ( سورة النساء : الآية 3 ) ، فالروايتان صحيحتان ، ( المسكين ) : الكامل في المسكنة ، ( يا رسول الله ؟ قال ) ، وسقط ذلك في رواية إسماعيل عن مالك ، وقال عقب اللقمتان : ولكن المسكين : ( الذي لا يجد غنى ) - بكسر المعجمة مقصور - أي يسارا ، ( يغنيه ) صفة زائدة على اليسار المنفي ، إذ لا يلزم من حصوله للمرء أن يغتني به بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر ، واللفظ محتمل لأن يكون المراد نفي أصل اليسار ، ولأن يكون نفي اليسار المقيد بأنه يغنيه مع وجود أصله ، فلا دلالة فيه على أنه أحسن حالا من الفقير .
( ولا يفطن ) - بضم الطاء ، وفتحها - أي لا يتنبه ( الناس له فيتصدق عليه ) - بالرفع والنصب - ( ولا يقوم فيسأل الناس ) ، وفي بعض طرقه في البخاري : " ويستحي أن يسأل ، ولا يسأل الناس إلحافا " ، قال بعض الشراح : المضارع الواقع بعد الفاء في الموضعين بالرفع عطفا على المنفي المرفوع ، فينسحب النفي عليه ، أي لا يفطن فلا يتصدق ، ولا يقوم فلا يسأل ، وبالنصب فيهما بأن مضمرة وجوبا ، لوقوعه في جواب النفي بعد الفاء ، انتهى .
واقتصر الحافظ على النصب ، وقد يستدل بقوله : ولا يقوم فيسأل على أحد محملي قوله تعالى : ( لا يسألون الناس إلحافا ) ( سورة البقرة : الآية 273 ) ، أن معناه نفي السؤال أصلا ، أو نفي السؤال بالإلحاف خاصة ، فلا ينفى السؤال بغيره ،
والثاني أكثر استعمالا .
وقد يقال : لفظة يقوم تدل على التأكيد في السؤال ، فليس فيه نفي أصله ، والتأكيد في السؤال هو الإلحاف ، وهو الإلحاح ، مشتق من اللحاف لاشتماله على وجوه الطلب في المسألة كاشتمال اللحاف في التغطية .
وزاد في بعض طرقه [ ص: 457 ] في الصحيحين : إنما المسكين المتعفف اقرءوا إن شئتم : ( لا يسألون الناس إلحافا ) ، وانتصابه على أنه مصدر في موضع الحال ، أي لا يسألون في حال الإلحاف ، أو مفعول لأجله ، أي لا يسألون لأجل الإلحاف .
وهذا الحديث أخرجه البخاري في الزكاة ، عن إسماعيل ، والنسائي عن قتيبة كليهما عن مالك به ، وتابعه المغيرة الحزامي عن أبي الزناد عند مسلم وله طرق .