1715 1665 - ( مالك عن أبي الزناد ) - بكسر الزاي ، وخفة النون - ( عن الأعرج عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يأكل المسلم في معى واحد ) - بكسر الميم ، مقصور - كما اقتصر عليه شراح الحديث ، إما لأنه الرواية ، أو لأنه أشهر ، وإلا ففيه الفتح والمد ، وجمع المقصور : أمعاء ، كعنب وأعناب ، والممدود أمعية ، كحمار ، وأحمرة وهي المصارين ، وعدي بفي على معنى دفع الأكل فيها ، وجعلها مكانا للمأكول كقوله تعالى : ( إنما يأكلون في بطونهم نارا ) ( سورة النساء : الآية : 10 ) أي ملء بطونهم .
قال ابن عبد البر : لا سبيل إلى حمله على ظاهره ; لأن المشاهدة تدفعه ، فكم من كافر يكون أقل أكلا وشربا من مسلم وعكسه ، وكم من كافر أسلم ولم يتغير أكله وشربه ، انتهى .
وجملة ما قيل فيه عشرة أوجه : فقيل : ليست حقيقة العدد مرادة ، بل المراد قلة أكل المؤمن ، وكثرة أكل الكافر ، ويؤيده قوله تعالى : ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ) ( سورة محمد : الآية 12 ) ، وتخصيص السبعة للمبالغة في التكثير ، كقوله تعالى : ( والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ) ( سورة لقمان : الآية 27 ) ، والمعنى أن شأن المؤمن التقلل في الأكل لاشتغاله بأسباب العبادة وعلمه أن قصد الشرع من الأكل سد الجوع والعون على العبادة ، ولخشيته من حساب ما زاد على ذلك ، والكافر بخلاف ذلك .
قال القرطبي : وهذا أرجح .
وقيل : المعنى أن الكافر لكونه يأكل بشرهه لا يشبعه إلا ملء أمعائه السبعة ، والمؤمن يشبعه ملء معى واحد لقلة حرصه وشرهه على الطعام .
وأشار النووي إلى اختياره ، ولا يلزم اطراده في كل مؤمن وكافر ، فإذا وجد مؤمن أو كافر على خلاف هذا الوصف لا يقدح في الحديث ، وقيل : المراد أن المؤمن يسمي الله عند طعامه وشرابه ، فلا يشركه الشيطان ، بخلاف الكافر لا يسمي ، فيأكل معه الشيطان والثلاثة على أن المراد مطلق مسلم وكافر ، وقيل : المراد بالمسلم الإسلام التام ; لأنه من حسن إسلامه كمل إيمانه اشتغل [ ص: 459 ] فكره بالموت وما بعده ، فيمنعه شدة الخوف وكثرة الفكرة ، والخوف على نفسه من استيفاء شهوته ، ويشير إلى ذلك حديث الصحيح : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354173إن هذا المال خضرة حلوة ، فمن أخذه بإشراف نفس كان كالذي يأكل ، ولا يشبع " ، فدل على أن المراد من يقتصد في مطعمه .
وأما الكافر فشأنه الشره ، فيأكل كالبهيمة لا بمصلحة قيام البنية .
وقد رد هذا الخطابي ، وقال : قد ذكر عن غير واحد من السلف الأكل الكثير ، فلم يكن ذلك نقصا في إيمانهم .
وقال القرطبي : شهوات الطعام سبع : الطبع ، والنفس ، والعين ، والفم ، والأنف ، والأذن ، والجوع ، وهي الضرورية التي يأكل بها المسلم .
وأما الكافر فيأكل بالجميع .
وقال النووي : يحتمل أن يريد بالسبعة في الكافر صفات هي الحرص ، والشره ، وطول الأمل ، والطمع ، والحسد ، وحب السمن ، وسوء الطبع ، وبالواحد في المسلم سد خلته .
وقال ابن العربي : السبعة كناية عن الحواس الخمس ، والشهوة ، والحاجة .
والقول العاشر : أن اللام في الكافر عهدية ، فهو خاص بمعنى كان كافرا فأسلم بدليل الحديث التالي ، ويأتي تفسير الرجل فيه .
أخبر الصحابة أن قريشا جمعت لهم ، وجاء اللفظ على العموم ، ومثله كثير لا يجهله إلا من لا عناية له بالعلم ، وهذا الحديث أخرجه البخاري عن إسماعيل عن مالك ، ورواه مسلم وغيره ، وطرقه كثيرة في الصحيحين وغيرهما .