1751 1702 - ( مالك عن يزيد ) - بتحتية فزاي - ( ابن خصيفة ) - بخاء معجمة ، فصاد مهملة - مصغر ، نسبة إلى جده ، وأبوه عبد الله بن خصيفة بن عبد الله بن يزيد الكندي المدني ثقة من رجال الجميع ، ( عن عروة بن الزبير أنه قال : سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يصيب المؤمن من مصيبة ) أصلها الرمي بالسهم ، ثم استعملت في كل نازلة .
وقيل : الإصابة في الخير مأخوذة من الصوب ، وهو المطر الذي ينزل بقدر الحاجة من غير ضرر ، وفي الشر مأخوذة من إصابة السهم .
وقال الكرماني : المصيبة لغة : ما ينزل بالإنسان مطلقا ، وعرفا : ما نزل به من مكروه خاصة ، وهو المراد هنا .
وفي رواية مسلم من طريق مالك ويونس جميعا عن الزهري : " ما من مصيبة يصاب بها المسلم " ، ولأحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري : " ما من وجع أو مرض يصيب المؤمن " ، ( حتى الشوكة ) المرة من مصدر " شاكه " بدليل جعلها غاية للمعاني ، وقوله في رواية : يشاكها ، ولو أراد الواحدة من النبات ، لقال : يشاك بها ، قاله البيضاوي .
وقال الحافظ : جوزوا فيه الحركات الثلاث ، فالجر بمعنى الغاية ، أي ينتهي إلى الشوكة ، أو عطفا عن لفظ " مصيبة " ، والنصب بتقدير عامل ، أي حتى وجدانه الشوكة ، والرفع عطفا على الضمير في " يصيب " .
وقال القرطبي : قيده المحققون بالرفع والنصب ، فالرفع على الابتداء ، ولا يجوز على المحل ( إلا قص ) بالقاف والصاد المهملة ، أي أخذ ( بها ) ، وأصل القص : الأخذ ، ومنه القصاص ، أخذ حق المقتص له ، وفي رواية : " نقص " وهما متقاربا المعنى ، قاله عياض .
( أو كفر بها من خطاياه ، لا يدري يزيد ) بن خصيفة ( أيهما ) ، أي اللفظين : قص أو كفر ، ( قال عروة ) وفي رواية لأحمد : " إلا كان كفارة لذنبه " ، أي لكون ذلك عقوبة بسبب ما كان صدر منه من المعصية ، ولكون ذلك سببا لمغفرة ذنبه .
وما في مسلم من طريق عمرة عنها : " إلا كتب له بها حسنة ، أو حط عنه بها خطيئة " ، فيحتمل أن يكون " أو " شكا من الراوي ، ويحتمل التنويع وهو أوجه ، ويكون المعنى : إلا كتب الله بها حسنة إن لم يكن عليه خطايا ، أو حط عنه إن كانت له خطايا ، وعلى هذا فمقتضى الأول أن من ليست عليه خطيئة يزاد في رفع درجته بقدر ذلك ، والفضل واسع .
وفي هذا الحديث تعقب على قول العز بن عبد السلام : ظن بعض الجهلة أن المصاب مأجور ، وهو خطأ صريح ، فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب ، والمصائب ليست منها ، بل الأجر على الصبر والرضا ، ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة ، وأما الصبر والرضا ، فقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة .
قال الشهاب القرافي : المصائب كفارات جزما ، سواء اقترن بها الرضا ، أم لا ، لكن إن اقترن الرضا عظم التكفير وإلا فلا ، كذا قال ، والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها وبالرضا يؤجر على ذلك ، فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه .
وزعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب : جعل الله هذه المصيبة كفارة لذنبك ; لأن الشارع قد جعلها كفارة ، فسؤال التكفير طلب لحصول الحاصل وهو إساءة أدب على الشارع ، وتعقب بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وسؤال الوسيلة له .
وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء ، وأما ما ورد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر على ذلك .