1757 1708 - ( مالك عن زيد بن أسلم ) مرسل عند جميع الرواة ، ( أن رجلا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابه جرح ) - بضم الجيم - ( فاحتقن ) ، أي احتبس الجرح ( الدم ) ، قال الباجي : أي فاض وخيف عليه منه ، ( وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار ) - بفتح الهمزة ، وإسكان النون ، وميم - بطن من العرب ، ( فنظرا إليه فزعما ) ، أي قالا : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما : أيكما أطب ؟ ) ، أي أعلم بالطب ( فقالا : أوفي الطب خير ) ، مثلث الطاء : علاج الجسم ، والنفس كما في القاموس ، ( يا رسول الله ؟ فزعم ) ، أي قال ( زيد ) بن أسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354320أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أنزل الدواء ) : ما يتداوى به ( الذي أنزل الأدواء ) ، جمع داء ، وهو المرض ، أي الأمراض ، وهو الله سبحانه ، واختلف في معنى الإنزال ، فقيل : إعلامه عباده به ، ومنع بأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بعموم الإنزال لكل داء ، ودوائه ، وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك ، كما صرح به في حديث ابن مسعود عند النسائي بقوله : علمه من علمه ، وجهله من جهله .
وقيل : إنزالهما إنزال الملائكة الموكلين [ ص: 520 ] بمباشرة مخلوقات الأرض ، فأنزل معهم الداء والدواء ، فيخبرون بذلك النبي مثلا ، أو إلهام لغيره ، وقيل : عامة الأدواء والأدوية بواسطة إنزال الغيث الذي تتولد منه الأغذية والأدوية وغيرهما ، وهذا من تمام لطف الرب بخلقه ، فكما ابتلاهم بالأدواء أعانهم عليها بالأدوية ، وكما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة والحسنات الماحية .
وفي الفردوس عن علي مرفوعا : " لكل داء دواء ، وداء الذنوب الاستغفار " ، وقال أبو عمر : فيه إباحة التداوي ، وإتيان الطبيب إلى العليل ، وأن الله هو الممرض والشافي ، وأنه أنزل الأمرين ، ولذا ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرقي ، ويقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354322اشف أنت الشافي يا رب لا شفاء إلا شفاؤك ، اشف شفاء لا يغادر سقما " ، وهذا يصحح أن المعالجة إنما هي لتطبيب نفس العليل ، وأنسه للعلاج ، ورجاء أنه من أسباب الشفاء كالتسبب بطلب الرزق المفروغ منه ، وفيه أن البرء ليس في وسع مخلوق تعجيله قبل حينه ، وقد رأينا الأطباء يعالج أحدهم اثنين علتهما واحدة في زمن واحد ، وسن واحد ، وبلد واحد ، وربما كانا توأمين فيعالجهما بعلاج واحد ، فيصح أحدهما ، ويموت الآخر ، أو تطول علته ، ثم يصح عند الأمد المعدود له ، انتهى .