أخرج الطبراني ، والبيهقي عن عبد الله [ ص: 530 ] بن أبي رافع : رأيت أبا سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، وابن عمر ، ورافع بن خديج ، وأبا أسيد الأنصاري ، وسلمة بن الأكوع ، وأبا رافع ينهكون شواربهم كالحلق ، ولذا ذهب ابن جرير إلى التخيير ، فإنه لما حكى قول مالك والكوفيين ، ونقل عن أهل اللغة أن الإحفاء : الاستئصال ، قال : دلت السنة على الأمرين ، ولا تعارض ، فالقص يدل على أخذ البعض ، والإحفاء يدل على أخذ الكل ، فكلاهما ثابت ، فيخير فيما شاء .
( وإعفاء اللحى ) ، بكسر اللام وحكي ضمها ، وبالقصر والمد : جمع لحية بالكسر فقط ، اسم لما ينبت على الخدين والذقن ، ومعناه توفرها لتكثر ، قاله أبو عبيدة .
وقال الباجي : يحتمل عندي أن يريد إعفاءها من الإحفاء ; لأن كثرتها أيضا ليس مأمورا بتركه .
وقد روي أن ابن عمر ، وأبا هريرة كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة .
وسئل مالك عن اللحية إذا طالت جدا ، قال : أرى أن يؤخذ منها ويقص ، انتهى .
وروى الترمذي ، وقال : غريب .
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354349أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها بالسوية " ، أي ليقرب من التدوير من كل جانب ; لأن الاعتدال محبوب ، والطول المفرط قد يشوه الخلق ، ويطلق ألسنة المغتابين ، ففعل ذلك مندوب ما لم ينته إلى تقصيص اللحية ، وجعلها طاقات فيكره ، أو يقصد الزينة والتحسين لنحو النساء ، فلا منافاة بين فعله وأمره ; لأنه في الأخذ منها لغير حاجة ، أو لنحو تزين ، وفعله فيما احتيج إليه لتشعث أو إفراط طول يتأذى به .
وقال الطيبي : المنهي عنه قصها كالأعاجم ، أو وصلها كذنب الحمار .
وقال الحافظ : المنهي عنه الاستئصال ، أو ما قاربه بخلاف الأخذ المذكور .
والحديث رواه مسلم عن قتيبة بن سعيد ، والترمذي من طريق معن بن عيسى كليهما عن مالك به .