وحدثني عن مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أنه قال قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة
179 177 - ( مالك عن حميد ) بضم الحاء ، ابن أبي حميد البصري يكنى أبا عبيدة مولى طلحة بن عبد الله الخزاعي الذي يقال له طلحة الطلحات ، واسم أبيه طرخان أو مهران أو غير ذلك إلى نحو عشر أقوال ، وهو من الثقات المتفق على الاحتجاج بهم ، إلا أنه كان يدلس حديث أنس ، وكان سمع أكثره من ثابت وغيره من أصحاب أنس ، قال شعبة : لم يسمع [ ص: 311 ] حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا ، والباقي سمعها من ثابت أو ثبته فيها ، وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الخلفاء ، وجملة الذي رواه مالك في الموطأ عنه سبعة أحاديث ، مات وهو قائم يصلي في جمادى الأولى سنة اثنتين ، ويقال ثلاث وأربعين ، ويقال سنة أربعين ومائة ولقب ( الطويل ) قيل لطول يديه ، وقال الأصمعي : رأيته ولم يكن بالطويل ، ولكن كان له جار يعرف بحميد القصير ، فقيل حميد الطويل ليعرف من الآخر .
وكذلك رواه ابن أخي ابن وهب عن عمه عبد الله بن وهب قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ومالك وابن عيينة عن حميد عن أنس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351408أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم " وهو خطأ عندهم من ابن أخي ابن وهب في رفعه ذلك عن عمه عن مالك ، والصواب عنه ما في الموطأ خاصة ، وذكر الحافظ في نكته على ابن الصلاح أن حميدا سمع هذا الحديث من أنس وقتادة إلا أنه سمع الموقوف من أنس ، ومن قتادة عنه المرفوع ، قال ابن أبي عدي : فكان حميد إذا قال عن أنس لم يرفعه ، وإذا قال عن قتادة عنه رفعه انتهى .
ولا يعارضه ما رأيت أن طائفة روته عن مالك ، فرفعته بدون ذكر قتادة لقول أبي عمر : إنه ليس بمحفوظ .
نعم يرد عليه رواية ابن عيينة والعمري له بدون ذكر قتادة ، فإن أبا عمر لم يعللها لكن قد أعلها غيره أيضا .
ومنهم من قال : كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ، وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء .
قال الحافظ : طريق الجمع بين هذه الألفاظ حمل نفي القراءة على نفي السماع ، ونفي السماع على نفي الجهر ، ولا يلزم من قوله : كانوا يفتتحون بالحمد ، وهو بضم الدال على الحكاية أنهم لم يقرؤوا البسملة سرا .
ولا يخفى تعسفه ، فإنه لم يذكر رواية كانوا يجهرون ورواية كانوا لا يتركونها ، إذ جمعه لا يمكن معهما ، فالحق مع ابن عبد البر ومن وافقه ، ثم كيف يحمل نفي السماع على نفي الجهر ، ويقدم عليه رواية من أثبته مع كون أنس صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين ، ثم صحب أبا بكر وعمر وعثمان خمسا وعشرين سنة فلا يسمع الجهر بها منهم في صلاة واحدة ، وهذا من البعد بمكان ، وتأييده بما جاء أن سعيد بن يزيد سأل أنسا عن ذلك فقال : إنك لتسألني عن شيء لا أحفظه ، ولا سألني عنه أحد قبلك ، رواه ابن خزيمة وغيره ، وبه أعل حديث الباب ليس بناهض ؛ لأن أحمد روى بإسناد الصحيحين أن قتادة سأل أنسا مثل سؤال سعيد ، فأجابه بقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=10351411صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم .
والإنصاف قول السيوطي قد كثرت الأحاديث الواردة في البسملة إثباتا ونفيا ، وكلا الأمرين صحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ بها وتركها وجهر بها وأخفاها ، والذي يوضح صحة الأمرين ويزيل إشكال من شكك على الفريقين معا أعني من أثبت أنها آية من أول الفاتحة ، وكل سورة ، ومن نفى ذلك قائلا إن القرآن لا يثبت بالظن ولا ينفى بالظن ، ما أشار إليه طائفة من المتأخرين أن إثباتها ونفيها كلاهما قطعي ولا يستغرب ذلك ، فإن القرآن نزل على سبعة أحرف ، ونزل مرات متكررة ، فنزل في بعضها بزيادة وفي بعضها بحذف ، كقراءة ملك ومالك ، وتجري تحتها ، ومن تحتها في براءة ، وأن الله هو الغني ، وأن الله الغني في سورة الحديد ، فلا يشك أحد ولا يرتاب في أن القراءة بإثبات الألف ، ومن وهو ونحو ذلك متواترة قطعية الإثبات ، وأن القراءة بحذف ذلك أيضا متواترة قطعية الحذف ، وأن ميزان الإثبات والحذف في ذلك سواء ، وكذلك القول في البسملة أنها نزلت في بعض الأحرف ولم تنزل في بعضها ، فإثباتها قطعي وحذفها قطعي ، وكل متواتر وكل في السبع ، فإن نصف القراء السبعة قرؤوا بإثباتها ونصفهم قرؤوا بحذفها ، وقراءات السبعة كلها متواترة ، فمن قرأ بها فهي ثابتة في حرفه متواترة إليه ثم منه إلينا ، ومن قرأ بحذفها فحذفها في حرفه متواتر إليه ثم منه إلينا ، والعطف من ذلك أن [ ص: 313 ] نافعا له راويان قرأ أحدهما عنه بها والآخر بحذفها ، فدل على أن الأمرين تواترا عنده بأن قرأ بالحرفين معا ، كل بأسانيد متواترة ، فبهذا التقرير اجتمعت الأحاديث المختلفة على كثرة كل جانب منها ، وانجلى الإشكال وزال التشكيك ، ولا يستغرب الإثبات ممن أثبت ، ولا النفي ممن نفى ، وقد أشار إلى بعض ما ذكرته ، أستاذ القراء المتأخرين الإمام شمس الدين بن الجزري فقال : بعد أن حكى خمسة أقوال في كتابه النشر : وهذه الأقوال ترجع إلى النفي والإثبات ، والذي نعتقده أن كليهما صحيح وأن كل ذلك حق ، فيكون الاختلاف فيها كاختلاف القراءات انتهى .
وقرره أيضا بأبسط منه الحافظ فيما نقله الشيخ برهان الدين البقاعي في معجمه انتهى .