1817 1770 - ( مالك عن ابن شهاب عن حمزة ) العمري المدني شقيق سالم ، تابعي ، ثقة من رجال الجميع .
( وسالم بن عبد الله بن عمر ) ، واقتصر شعيب ، ويونس من رواية عثمان بن عمر عنه كلاهما عند البخاري ، وابن جريج عند أبي عوانة عن الزهري عن سالم ، ونقل الترمذي أن ابن عيينة ، قال : لم يرو الزهري هذا الحديث إلا عن سالم ، قال الحافظ : وهو حصر مردود ، فقد حدث به مالك عنه عن حمزة ، وسالم ، وهو من كبار الحفاظ ، ولا سيما في [ ص: 602 ] الزهري ، وتابعه يونس من رواية ابن وهب عنه عند البخاري ، وصالح بن كيسان عند مسلم ، وأبو أويس عند أحمد ، ويحيى بن سعيد ، وابن أبي عتيق ، وموسى بن عقبة ثلاثتهم عند النسائي الستة عن الزهري عنهما .
وقد رواه ابن أبي عمر عن سفيان نفسه عن الزهري عنهما عند مسلم ، والترمذي ، وهو يقتضي رجوع سفيان عن ذلك الحصر ، ورواه إسحاق بن راشد عند النسائي ، وأحمد عن معمر ، خمستهم عن الزهري ، عن حمزة وحده ، والظاهر أن الزهري كان يجمعهما تارة ، ويفرد أحدهما أخرى ، وله أصل عن حمزة من غير رواية الزهري ، أخرجه مسلم من طريق عتبة بن مسلم عن حمزة ، ( عن ) أبيهما ( عبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=10354524أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الشؤم ) الذي هو ضد اليمن ، يقال : تشاءمت بكذا ، وتيمنت بكذا ، قال الطيبي : واوه همزة خففت ، فصارت واوا ، ثم غلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة ، انتهى .
ومقتضى كلام الحافظ خلافه ، فإنه قال بضم المعجمة ، وسكون الهمزة ، وقد تسهل فتصير واوا .
وقال الخطابي : اليمن والشؤم علامتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر ، ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء الله ، وهذه الأشياء الثلاثة ظروف جعلت مواقع لأقضية ليس لها بأنفسها وطبائعها فعل ، ولا تأثير في شيء إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الإنسان ، وكان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها ، وزوجة يعاشرها ، وفرس مرتبطة ، ولا يخلو عن عارض مكروه في زمانه أضيف اليمن والشؤم إليها إضافة مكان ، وهما صادران عن مشيئة الله - عز وجل - انتهى .
واتفقت طرق الحديث على الثلاثة المذكورة .
وروى جويرية بن أسماء ، وسعيد بن داود عن مالك عن الزهري عن بعض أهل nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، عنها : والسيف أخرجه الدارقطني ، والبعض المبهم بين في ابن ماجه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن أبي عبيد بن عبد الله بن زمعة عن أمه nindex.php?page=showalam&ids=170زينب ابنة أم سلمة عن أمها : أنها حدثت بهذه الثلاثة ، وزادت : والسيف ، ثم اختلف في معنى الحديث ، فقيل هو على ظاهره ، ولا يمتنع أن يجري الله العادة بذلك في هؤلاء ، كما أجرى العادة بأن من شرب السم مات ، ومن قطع رأسه مات ، وقد روى أبو داود عن ابن القاسم عن مالك : أنه سئل عنه فقال : كم من دار سكنها ناس فهلكوا .
قال المازري : فحمله مالك على ظاهره ، والمعنى أن قدر الله ربما وافق ما يكره عند سكنى الدار ، فيصير ذلك كالسبب ، فيتشاءم في إضافة الشؤم إليه اتساعا .
وقال ابن العربي : لم يرد مالك إضافة الشؤم إلى الدار ، وإنما هو عبارة عن جري العادة ، فأشار إلى أنه ينبغي الخروج عنها صيانة لاعتقاده عن التعلق بالباطل ، وكذا حمله ابن قتيبة [ ص: 603 ] وغيره على ظاهره .
قال القرطبي : ولا يظن بمن حمله على الظاهر أنه يحمله على معتقد الجاهلية أن ذلك يضر وينفع بذاتهم ، وأن ذلك خطأ ، وإنما عنى أن هذه الثلاثة هي أكثر ما يتطير به ، فمن وقع في نفسه شيء منها أبيح له تركه ، ويستبدل به غيره ، وقيل : معنى الحديث أن هذه الأشياء يطول تعذيب القلب بها مع كراهية أمرها لملازمتها بالسكنى والصحبة ، ولو لم يعتقد الإنسان الشؤم فيها ، فأشار الحديث إلى الأمر بفراقها ليزول التعذيب ، قال الحافظ : والأولى ما أشار إليه ابن العربي في تأويل كلام مالك ، وهو نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى ، والمراد بذلك حسم المادة ، وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر ، فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى ، أو من الطيرة ، فيقع في اعتقاد ما نهي عن اعتقاده ، فأشير إلى اجتناب مثل ذلك ، والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلا أن يبادر إلى التحول منها ؛ لأنه متى بقي فيها ربما حمله اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم ، وقيل : شؤم الدار : ضيقها وسوء جوارها ، وبعدها من المسجد لا يسمع فيها الأذان ، والمرأة : أن لا تلد ، وسوء خلقها ، أو غلاء مهرها ، أو عدم قنعها ، أو بسط لسانها ، والفرس : أن لا يغزو عليها ، أو حرونها .
وقال المهلب ما حاصله : المخاطب بقوله : الشؤم من التزم التطير ، ولم يستطع صرفه عن نفسه ، فقال لهم : إنما يقع ذلك في هذه الثلاثة التي تلازم في غالب الأحوال ، فإذا كان كذلك فانزعوها عنكم ، ولا تعذبوا أنفسكم بها ، ويدل على ذلك تصديره في بعض طرق الحديث بنفي الطيرة ، واستدل لذلك بما رواه ابن حبان بإسناد فيه مقال عن أنس رفعه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354531لا طيرة ، والطيرة على من تطير " ، وقيل : الحديث سيق لبيان اعتقاد الناس في [ ص: 604 ] ذلك لا أنه إخبار من النبي - صلى الله عليه وسلم - بثبوت ذلك ، وسياق الأحاديث الصحيحة ببعده ، بل قالابن العربي : إنه ساقط ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية ، أو الحاصلة ، وإنما بعث ليعلمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه ، وما رواه الترمذي عن حكيم بن معاوية : " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=10354532لا شؤم ، وقد يكون اليمن في المرأة والدابة والفرس " ، ففي إسناده ضعف مع مخالفته للأحاديث الصحيحة .
وروى أبو داود الطياليسي عن مكحول أنه قيل لعائشة : إن أبا هريرة قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : الشؤم في ثلاثة .
قال الحافظ : ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة ، مع موافقة جمع من الصحابة له على رواية ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وغيرهما ، وقيل : كان قوله ذلك في أول الأمر ، ثم نسخ بقوله تعالى : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ) ( سورة الحديد : الآية 22 ) الآية ، حكاه ابن عبد البر ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال ، لا سيما مع إمكان الجمع ، خصوصا وقد ورد في نفس هذا الحديث نفي التطير ، ثم إثباته في الثلاثة المذكورة في بعض طرقه عند الشيخين ، " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354342لا عدوى ولا طيرة ، وإنما الشؤم في ثلاثة " ، فذكرها .
وقال التقي السبكي في هذا الحديث ، وسابقه مع قوله تعالى : ( إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم ) ( سورة التغابن : الآية 14 ) ، إشارة إلى تخصيص الشؤم بالمرأة التي تحصل منها العداوة ، والفتنة لا كما يفهمه بعض الناس من التشاؤم بكعبها ، وإن لها تأثيرا في ذلك ، وهو شيء لا يقول به أحد من العلماء ، ومن قال ذلك فهو جاهل ، وقد أطلق الشارع على من نسب المطر إلى النوء الكفر ، فكيف من نسب ما يقع من الشر إلى المرأة مما ليس لها فيه مدخل ؟ وإنما يتفق موافق قضاء وقدر ، فتنفر النفس من ذلك ، فمن وقع له ذلك فلا يضره أن يتركها من غير اعتقاد نسبة الفعل إليها ، انتهى .
ثم لا يشكل هذا مع الحديث السابق في الجهاد : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353325الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " ، لاحتمال أن الشؤم في غير التي ربطت للجهاد والتي أعدت له هي المخصوصة بالخير والبركة ، أو يقال : الخير والشر يمكن اجتماعهما في ذات واحدة ، فإنه فسر الخير بالأجر والمغنم ، ولا يمنع ذلك أن يكون الفرس مما يتشاءم به أو [ ص: 605 ] المراد جنس الخير ، أي : أنها بصدد أن فيها الخير ، فلا ينافي حصول غيره عارض ، قاله عياض .
وسأل بعضهم : ما الفرق بين الدار يباح الانتقال منها ، وبين موضع الوباء ينهى عن الانتقال عنه ؟ وأجاب النووي بقول بعض العلماء : الأمور بالنسبة إلى هذا المعنى ثلاثة أقسام : قسم لم يقع به ضرر ، ولا اطردت به العادة كصريخ بوم على دار ، ونعيق غراب في سفر ، فهذا لا يصغى إليه ، وهو الذي أنكر الشرع الالتفات إليه ، وهو الذي كانت العرب تتطير به .
وثانيها : ما يقع به الطيرة ، ولكنه لا يعم كالدار والمرأة والفرس ، فيباح لصاحب ذلك أن يفارق ، ولما مر من وجه استثنائها .
الثالث : ما يقع ويعم ، ولا يخص ويندر ، ولا يتكرر كالوباء ، هذا لا يقدم عليه احتياطا ، ولا ينتقل عنه ؛ لأنه لا يفيد .
قال : فهذا التفسير الذي ذكره يشير إلى الفرق ، والحديث رواه البخاري عن إسماعيل ، ومسلم عن القعنبي ، ويحيى ، الثلاثة عن مالك به ، وتابعه جماعة في الصحيحين وغيرهما .