1831 1784 - ( مالك عن عبد الرحمن بن حرملة ) بن عمرو الأسلمي المدني صالح الحديث لا بأس به ، مات سنة خمس وأربعين ومائة ، ولأبيه صحبة ورواية ،
( عن عمرو ) بفتح العين ( ابن شعيب ) القرشي صدوق ، مات سنة ثمان عشرة ومائة ( عن أبيه ) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق ، ثبت سماعه من جده ، فالضمير في قوله : ( عن جده ) عبد الله بن عمر ، ولشعيب وإن كان لعمر ، وحمل على الجد الأعلى عبد الله الصحابي هذا [ ص: 619 ] الأكثر وهو الصحيح ، أي : لا احتجاج بهذه الترجمة .
( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الراكب ) الواحد ، قال ابن عبد البر : وفي معناه الراجل الواحد ، ( شيطان ) ، أي : بعيد عن الخير في الأنس والرفق ، وهذا أصل الكلمة لغة ، يقال : بئر شطون ، أي : بعيدة ، انتهى .
وقال ابن قتيبة : بمعنى أن الشيطان يطمع في الواحد ، كما يطمع فيه اللص ، والسبع ، فإذا خرج وحده ، فقد تعرض للبلاء به ، فكان شيطانا .
وقال المنذري : شيطان ، أي : عاص ، كقوله تعالى : ( شياطين الإنس والجن ) ( سورة الأنعام : الآية 112 ) ، فإن معناه عصاتهم .
وقال البيضاوي : سمي الواحد والاثنين شيطانا لمخالفة النهي عن التوحد في السفر ، والتعرض للآفات التي لا تندفع إلا بالكثرة ، ولأن المسافر تنبو عنه الجماعة ، وتعسر عليه المعيشة ، ولعل الموت يدركه فلا يجد من يوصي إليه بإيفاء ديون الناس ، وأماناتهم ، وسائر ما يجب ، أو يسن على المحتضر أن يوصي به ، ولم يكن ثم من يقوم بتجهيزه ودفنه .
وقال الطبري : هذا زجر أدب وإرشاد لما يخاف على الواحد من الوحشة ، وليس بحرام ، فالسائر وحده بفلاة والبايت في بيت وحده ، لا يأمن الاستيحاش ، ولا سيما إن كان ذا فكرة ردية ، وقلب ضعيف ، والحق أن الناس يتفاوتون في ذلك ، فوقع الزجر لحسم المادة ، فيكره الانفراد سدا للباب ، والكراهة في الاثنين أخف منها في الواحد .
وعن مالك : أن ذلك في سفر القصر ، فأما من قصر عنه ، فلا بأس أن ينفرد الواحد فيه .
وقال أبو عمر : لم تختلف الآثار في كراهة السفر للواحد ، واختلف في الاثنين ، ووجه الكراهة أن الواحد إن مرض لم يجد من يمرضه ، ولا يقوم عليه ، ولا يخبر عنه ونحو هذا .
( والثلاثة ركب ) لزوال الوحشة ، وحصول الأنس ، وانقطاع الأطماع عنهم ، وخروجه - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكر مهاجرين لضرورة الخوف على أنفسهما من المشركين ، أو لأن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - عدم كراهةالانفراد في السفر وحده ، لأمنه من الشيطان بخلاف غيره ، كما ذكره الحافظ العراقي .
وأنكر مجاهد رفع الحديث وقال : لم يقله النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بعث ابن مسعود ، وخباب بن الأرت سرية ، وبعث دحية سرية وحده ، ولكن قال عمر يحتاط للمسلمين : كونوا في أسفاركم ثلاثة ، إن مات واحد وليه اثنان ، الواحد شيطان والاثنان شيطانان ، أخرجه ابن عبد البر ، وقال : لا معنى لإنكاره ؛ لأن الثقات نقلوه مرفوعا ، انتهى .
وأجيب بأنه إنما أرسل البريد وحده لضرورة طلب السرعة في إبلاغ ما أرسل به على أنه كان يأمره أن ينضم في الطريق بالرفقاء ، والحديث أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي من طريق مالك وغيره ، وصححه ، وابن خزيمة ، والحاكم ، وغيرهما .