وقد حكي أن عمر بن عبد العزيز بعث مالا يفرق بالرقة ، فقال له الذي بعث معه : يا أمير المؤمنين تبعثني إلى قوم لا أعرفهم ، وفيهم غني وفقير ، فقال كل من مد يده إليك فأعطه .
وزعم أن المراد وإن جاء على فرس يطلب علفه وطعامه ، تعسف ركيك .
قال الحراني : ولو في مثله تجيء منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء ، وما بعدها جاء نصا على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها ، فكونه على فرس يؤذن بغناه فلا يليق إعطاؤه دفعا للتوهم .
وقال أبو حيان : هذه الواو لعطف حال على حال محذوفة تضمنها السابق ، والمعنى أعطوه كائنا من كان ، ولا تجيء هذه الحال إلا منبهة على ما يتوهم أنه لا يندرج تحت عموم الحال المحذوفة ، فأدرج تحته : ألا ترى أنه لا يحسن أعط السائل ، ولو كان غنيا أو فقيرا ، انتهى .
ومقصود الحديث : الحث على إعطاء السائل وإن جل ، ولو ما قل كما يفيده حذف المتعلق ، لكن إذا وجده ولم يعارضه ما هو أهم ، وإلا فلا ضير في رده كما يفيده أحاديث أخر .
قال ابن عبد البر : لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا عن مالك ، وليس فيه مسند يحتج به فيما أعلم ، انتهى .
وقد وصله ابن عدي من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة ، ولكن عبد الله ضعيف ، نعم له شاهد أخرجه أحمد ، وأبو داود ، وقاسم بن أصبغ عن الحسين بن علي مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354672للسائل حق وإن جاء على فرس " ، وسنده جيد ، قاله العراقي وغيره .
ولكن قال ابن عبد البر : سنده ليس بالقوي .
وجاء بلفظ الموطأ وجه آخر ، عن أبي هريرة عند ابن عدي ، وضعفه ، ومن وجه آخر عند الدارقطني ، والحاصل أن المرسل صحيح ، وتتقوى رواية الوصل بتعدد الطرق ، واعتضادها بالمرسل .