وقال الشيخ أبو حامد : فرضت بمكة وهو غريب ، قال الزين ابن المنير : وجه الدلالة من الآية الكريمة على وجوبها مشروعية النداء لها إذ الأذان من خواص الفرائض ، وكذا النهي عن البيع لأنه لا ينهى عن المباح يعني نهي تحريم إلا إذا أفضى إلى ترك واجب ويضاف إلى ذلك التوبيخ على قطعها .
- 240 237 ( مالك أنه سأل ابن شهاب عن قول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة ) أذن لها عند قعود الإمام على المنبر ( من يوم الجمعة ) بيان وتفسير لإذا ، وقيل من بمعنى في ( فاسعوا إلى ذكر الله ) موعظة الإمام بالخطبة أو الصلاة أو هما معا أي سألته عن معنى فاسعوا ( فقال ابن شهاب : ) معناه فامضوا لأنه ( كان عمر بن الخطاب يقرؤها إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله ) والزهري لم يدرك عمر ، وقد وصله عبد بن حميد في تفسيره : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : لقد توفي عمر وما يقرأ هذه الآية التي في سورة الجمعة إلا " فامضوا إلى ذكر الله " ، وأخرج مثله عن أبي وابن مسعود وكان يقول : لو قرأتها فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي ، قال أبو عمر : فيه دليل على الاحتجاج بما ليس في مصحف عثمان على جهة التفسير ، وإن لم [ ص: 390 ] يقطع بأنه كتاب الله كالسنن الواردة بنقل الآحاد .
وقال الباجي : ما جاء من القراءات مما ليس في المصحف يجري عند جماعة من أهل الأصول مجرى الآحاد سواء أسندها أم لم يسندها .
وقال آخرون : إنما تجرى مجرى الآحاد إذا أسندت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلا فهي بمنزلة قول القارئ لاحتمال أنه أتى بها على وجه التفسير .
وقال أبو بكر بن الطيب : لا يجوز القراءة بها ولا العمل بمضمونها وهو أبين .
روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : " لما أصيبت السرية التي فيها عاصم ومرثد قال رجلان من المنافقين : يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا لا هم قعدوا في أهليهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم ، فأنزل الله : ومن الناس من يعجبك قوله ( سورة البقرة : الآية 204 ) الآية " .
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : نزلت في الأخنس بن شريق أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأظهر الإسلام فأعجبه ذلك منه ثم خرج فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله الآية ، لكن تاب الأخنس بعد ذلك وحسن إسلامه وشهد حنينا .
( وقال تعالى : وأما من جاءك يسعى ) حال من فاعل جاء ( وهو يخشى ) الله حال من فاعل يسعى وهو الأعمى ( وقال ثم أدبر ) فرعون عن الإيمان ( يسعى ) في الأرض بالفساد ( وقال إن سعيكم ) عملكم ( لشتى ) مختلف فعامل للجنة بالطاعة وعامل للنار بالمعصية .
( قال مالك : فليس السعي الذي ذكر الله في كتابه بالسعي على الأقدام ولا الاشتداد ) أي الجري ( وإنما عنى العمل والفعل ) ومن ذلك أيضا قوله تعالى : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ( سورة الإسراء : الآية 19 ) وقوله : الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ( سورة الكهف : الآية 104 ) وهو كثير في القرآن فتكون آية الجمعة مثله .