وللبخاري في الطلاق عن ابن سيرين ومسلم عن محمد بن زياد كلاهما عن أبي هريرة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10351632يسأل الله خيرا ، والجمل صفات للمسلم أعربت أحوالا ويحتمل أن يكون يصلي حالا منه لاتصافه بقائم ويسأل حال مرادفة أو متداخلة .
قال الحافظ : وحكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضاح أنه كان يأمر بحذفها من الحديث ، وكأن سبب ذلك أنه يشكل على أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الساعة وهما حديثان ، أحدهما أنها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة ، والثاني nindex.php?page=hadith&LINKID=10351637أنها من بعد العصر إلى غروب الشمس ، وقد احتج أبو هريرة على ابن سلام لما ذكر له القول الثاني بأنه ليست ساعة صلاة ، وقد ورد النص بالصلاة فأجابه بالنص الآخر أن منتظر الصلاة في [ ص: 393 ] حكم المصلي ، فلو كان قوله قائم يصلي عند أبي هريرة ثابتا لاحتج به لكن سلم له الجواب وارتضاه وأفتى به بعده ، وأما الإشكال على الحديث الأول فمن جهة أنه يتناول حال الخطبة كله وليست صلاة على الحقيقة ، وقد أجيب عن الإشكال بحمل الصلاة على الدعاء والانتظار وبحمل القيام على الملازمة أو المواظبة ، ويؤيد ذلك أن حال القيام في حال الصلاة غير حال السجود والركوع والتشهد مع أن السجود مظنة إجابة الدعاء ، فلو كان المراد بالقيام حقيقته لأخرجه فدل على أن المراد مجاز القيام وهو المواظبة ومنه قوله تعالى : إلا ما دمت عليه قائما ( سورة آل عمران : الآية 75 ) فعلى هذا يكون التعبير عن المصلي بالقائم من باب التعبير عن الكل بالجزء ، والنكتة فيه أنه أشهر أحوال الصلاة اهـ .
ولا يظهر قوله فعلى هذا لأن الحديث جمع بينهما فقال وهو قائم يصلي ( وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده يقللها ) ترغيبا فيها وحضا عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها قاله الزين بن المنير وللبخاري من طريق سلمة بن علقمة عن ابن سيرين عن أبي هريرة : " وضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر قلنا يزهدها " وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع هو بشر بن المفضل راويه عن سلمة بن علقمة وكأنه فسر الإشارة بذلك ، وأنها ساعة لطيفة تنتقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله يزهدها أي يقللها .
ولمسلم في رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة : وهي ساعة خفيفة .
وللطبراني في الأوسط في حديث أنس : وهي قدر هذا يعني قبضه ، وفي الحديث فضل يوم الجمعة لاختصاصه بساعة الإجابة وأنها أفضل ساعاته .
قال الباجي : والفضائل لا تدرك بقياس وإنما فيها التسليم وفيه فضل الدعاء والإكثار منه ، قال الزين بن المنير : وإذا علم أن فائدة إبهام هذه الساعة وليلة القدر بعث الدواعي على الإكثار من الصلاة والدعاء ولو بين لاتكل الناس على ذلك وتركوا ما عداها ، فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها اهـ .
فإن قيل ظاهر الحديث حصول الإجابة لكل داع بشرطه مع أن الزمان يختلف باختلاف البلاد والمصلي فيتقدم بعض على بعض وساعات الإجابة متعلقة بالوقت فكيف تتفق مع الاختلاف ؟ باحتمال أن ساعة الإجابة متعلقة بفعل كل مصل كما قيل نظيره في ساعة الكراهة ، ولعل هذا فائدة جعل الوقت الممتد مظنة لها وإن كانت هي خفيفة ، ويحتمل أن يكون عبر عن الوقت بالفعل فيكون التقدير وقت جواز الخطبة أو الصلاة ونحو ذلك .
واستدل بالحديث على بقاء الإجمال بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعقب بأن الخلاف في بقاء الإجمال في الأحكام الشرعية لا في الأمور الوجودية كوقت الساعة فهذا لا خلاف في إجماله ، والحكم الشرعي المتعلق بساعة الجمعة وليلة القدر وهو تحصيل الأفضلية يمكن الوصول إليه والعمل بمقتضاه باستيعاب اليوم والليلة فلم يبق في الحكم الشرعي إجمال .
وهذا الحديث رواه البخاري عن القعنبي ، [ ص: 394 ] ومسلم عن يحيى ، وقتيبة بن سعيد الثلاثة عن مالك به .
ثم ذكر الإمام حديثا فيه بيان الساعة المبهمة في الأول وذلك من حسن التصنيف فقال : -