( فقال : من هذه فقيل له ) القائل عائشة ، ففي مسلم من رواية الزهري عن عروة عن عائشة فقلت : ( هذه الحولاء ) بالحاء المهملة والمد وهو اسمها فكنت عنها بفلانة في رواية هشام وصرحت في رواية الزهري وفي هذا البلاغ باسمها واسم أبيها فقالت : ( بنت تويت ) بفوقيتين مصغر ابن حبيب بفتح المهملة ابن أسد بن عبد العزى بن قصي من رهط nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة أم المؤمنين أسلمت وبايعت ( لا تنام الليل ) تصلي كما زاده أحمد ومسلم من رواية يحيى القطان عن هشام ، وفي مسلم من طريق الزهري ، وزعموا أنها لا تنام الليل وهذا يوافق رواية أن عائشة حكت ذلك عن غيرها ( فكره ) ذلك ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عرفت الكراهية ) بخفة الياء ( في وجهه ) قال الباجي : تعني أنه رؤي في وجهه من التقطيب وغير ذلك ما عرفت به كراهيته لما وصفت به ، ولمسلم من رواية الزهري فقال : لا تنام الليل ( ثم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10351752إن الله تبارك - وتعالى - لا يمل حتى تملوا ) بفتح الميم فيهما ، قال ابن عبد البر : أي أن من مل من عمل قطع عنه جزاءه فعبر عنه بالملال لأنه بحذائه وجواب له فهو لفظ خرج على مثال لفظ ، والعرب تفعل ذلك إذا جعلوه جوابا له أو جزاء ذكروه مثل لفظه وإن كان مخالفا له في المعنى كقوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها ( سورة الشورى : الآية 40 ) و فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ( سورة البقرة : الآية 194 ) ومكروا ومكر الله ( سورة آل عمران : الآية 54 ) و إنما نحن مستهزءون الله يستهزئ بهم ( سورة البقرة : الآية 14 ، 15 ) و يكيدون كيدا وأكيد كيدا ( سورة الطارق : الآية 15 ، 16 ) .
وقال الحافظ : الملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على الله - تعالى - باتفاق ، قال [ ص: 428 ] الإسماعيلي وجماعة من المحققين : إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازا كما قال تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها وأنظاره .
وقال القرطبي : وجهة مجازه أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن قطع العمل ملالا عبر عن ذلك بالملال من تسمية الشيء باسم سببه .
وقال الهروي : معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهد في الرغبة إليه .
وقال غيره : معناه لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم ، وهذا كله بناء على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم ، وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل : معناه لا يمل الله إذا مللتم وهو مستعمل في كلام العرب يقولون : لا أفعل كذا حتى يبيض القار وحتى يشيب الغراب .
ومنه قولهم في البليغ : لا ينقطع حتى ينقطع خصومه لأنه لو انقطع لم يكن له عليهم مزية .
وهذا المثال أشبه من الذي قبله لأن شيب الغراب ليس ممكنا عادة بخلاف الملل من العابد .
وقال المازري : قيل حتى بمعنى الواو فالتقدير لا يمل وتملون فنفى عنه الملل وأثبته لهم ، قال : وقيل حتى بمعنى حين والأول أليق وأجرى على القواعد وأنه من باب المقابلة اللفظية ، ويؤيده ما ورد في بعض طرق حديث عائشة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351753إن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل " أخرجه ابن جرير لكن في سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف .
وفي بعض طرقه ما يدل على أن ذلك من قول بعض رواة الحديث .
وقال ابن حبان : هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد بما يخاطب به إلا بها وهذا رأيه في جميع المتشابه .
( اكلفوا ) بسكون الكاف وفتح اللام أي خذوا وتحملوا ( من العمل ) أي عمل البر من صلاة وغيرها ( ما لكم به ) أي بالمداومة عليه ( طاقة ) قوة فمنطوقه الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادة ، ومفهومه النهي عن تكلف ما لا يطاق .
وقال عياض : يحتمل أن هذا خاص بصلاة الليل ، ويحتمل أنه عام في الأعمال الشرعية .
وقال الحافظ : سبب وروده خاص بالصلاة لكن اللفظ عام وهو المعتبر وقد عبر بقوله أي في حديث عائشة : عليكم ، وبقوله هنا : اكلفوا ، مع أن المخاطب النساء طلبا لتعميم الحكم فغلب الذكور على الإناث انتهى .
وقال الباجي : الأظهر أنه أراد به عمل البر ; لأنه ورد على سببه ، والصحيح وهو قول مالك أن اللفظ الوارد على سبب غير مقصور عليه ولأنه لفظ ورد من الشارع فوجب أن يحمل على الأعمال الشرعية ، وقد أخذ بظاهر الحديث جماعة من الأئمة فقالوا : يكره قيام جميع الليل وبه قال مالك مرة ثم رجع فقال : لا بأس به ما لم يضر بصلاة الصبح ، فإن كان يأتي وهو ناعس فلا يفعل ، وإن كان إنما يدركه كسل وفتور فلا بأس بذلك ، وكذا قال الشافعي : لا أكرهه إلا لمن خشي أن يضر بصلاة الصبح .