قال الحافظ : وظهر لي أن الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة ركعة أن التهجد والوتر مختص بصلاة الليل ، وفرائض النهار الظهر وهي أربع ، والعصر وهي أربع ، والمغرب وهي ثلاث وتر النهار ، فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة وتفصيلا .
وأما مناسبة ثلاثة عشر فبضم صلاة الصبح لكونها نهارية إلى ما بعدها انتهى .
( ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ) يعني أربعا في الطول والحسن وترتيل القراءة ونحو ذلك ، فلا ينافي أنه كان يجلس في كل ركعتين ويسلم لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351758صلاة الليل مثنى مثنى " ومحال أن يأمر بشيء ويفعل خلافه وإلى هذا ذهب فقهاء وجماعة من أهل العراق وذهب قوم إلى أن الأربع لم يكن بينهما سلام ، وقال بعضهم : ولا جلوس إلا في آخرها ويرد عليه أن في رواية عروة عن عائشة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351768أنه كان يسلم من كل ركعتين " ذكره في التمهيد اهـ .
( ثم يصلي ثلاثا ) يوتر منها بواحدة كما في حديثها فوقه والركعتان شفع ( فقالت عائشة : فقلت ) بفاء العطف على السابق ( يا رسول الله أتنام قبل أن توتر ؟ ) بهمزة الاستفهام الاستخباري لأنها لم تعرف النوم قبل الوتر لأن أباها كان لا ينام حتى يوتر وكان يوتر أول الليل ، فكان مقررا عندها أن لا نوم قبل الوتر فأجابها - صلى الله عليه وسلم - بأنه ليس كغيره ( فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10351769يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ) لأن القلب إذا قويت حياته لا ينام إذا نام البدن ولا يكون ذلك إلا للأنبياء كما قال - صلى الله عليه وسلم - " إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا " ولذا قال ابن عباس وغيره من العلماء : رؤيا الأنبياء وحي ولو سلط النوم على قلوبهم كانت رؤياهم كرؤيا من سواهم ، ولذا كان - صلى الله عليه وسلم - ينام حتى ينفخ ويسمع غطيطه ثم يصلي ولا يتوضأ لأن الوضوء إنما يجب بغلبة النوم على القلب لا على العين ، ولا يعارض نومه بالوادي لأن رؤية الفجر متعلق بالعين لا [ ص: 433 ] بالقلب كما مر مبسوطا .
قال ابن عبد البر : في هذا الحديث تقديم وتأخير لأن السؤال بعد ذكر الوتر ومعناه أنه كان ينام قبل صلاته وهذا يدل على أنه كان يقوم ثم ينام ثم يقوم ثم ينام ثم يقوم فيوتر ، ولذا جاء الحديث : " أربعا ثم أربعا ثم ثلاثا " أظن ذلك ، والله أعلم ، من أجل أنه كان ينام بينهن فقال : أربعا ثم أربعا تعني بعد نوم ثم ثلاث بعد نوم ولذا قالت : أتنام قبل أن توتر ؟ وقد قالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351771كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى ثم يصلي قدر ما ينام ثم ينام قدر ما صلى " الحديث ، يعني فهذا شاهد لحمل خبر عائشة على ما ذكر .
وأخرجه البخاري في الصلاة عن عبد الله بن يوسف ، وفي الصوم عن إسماعيل ، وفي الصفة النبوية عن القعنبي ومسلم عن يحيى وأصحاب السنن الثلاثة عن قتيبة ، ومن طريق ابن القاسم وابن مهدي والترمذي من طريق معن الثمانية عن مالك به .