قال القرطبي : أشكلت روايات عائشة على كثير من العلماء حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب ، وهذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحدا وأخبرت عن وقت واحد .
والصواب أن كل شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز ، ذكره في فتح الباري .
وقال الباجي : ذكر بعض من لم يتأمل أن رواية عائشة اضطربت في الحج والرضاع وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل وقصر الصلاة في السفر قال : وهذا غلط ممن قاله فقد أجمع العلماء على أنها [ ص: 434 ] أحفظ الصحابة أي من أحفظهم فكيف بغيرهم ، وإنما حمله على هذا قلة معرفته بمعاني الكلام ووجوه التأويل ، فإن الحديث الأول إخبار عن صلاته المعتادة غالبا ، والثاني إخبار عن زيادة وقعت في بعض الأوقات أو ضمت ما كان يفتتح به صلاته من ركعتين خفيفتين قبل الإحدى عشرة .
وقال ابن عبد البر : ذكر قوم من رواة هذا الحديث عن هشام أنه كان يوتر ذلك بخمس لا يجلس في شيء من الخمس ركعات إلا في آخرهن ، رواه حماد بن سلمة وأبو عوانة ووهيب وغيرهم ، وأكثر الحفاظ رووه عن هشام كما رواه مالك ، والرواية المخالفة له إنما حدث بها عن هشام أهل العراق وما حدث به هشام قبل خروجه إلى العراق أصح عندهم .
( ثم يصلي إذا سمع النداء ) أي الأذان ( بالصبح ركعتين خفيفتين ) رغيبتي الفجر .
وفي رواية عمرة عن عائشة : " حتى إني لأقول : هل قرأ بأم الكتاب أم لا ؟ " واختلف في حكمة تخفيفها فقيل ليبادر إلى صلاة الصبح في أول الوقت وبه جزم القرطبي ، وقيل ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما كان يصنع في صلاة الليل ليدخل في الفرض أو ما شابهه في الفضل بنشاط واستعداد تام ، والله أعلم .
وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف وأبو داود عن القعنبي والثلاثة عن قتيبة ثلاثتهم عن مالك به .