تأنيث الأوسط وهو الأعدل من كل شيء ، قال أعرابي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم :
يا أوسط الناس طرا في مفاخرهم وأكرم الناس أما برة وأبا
وليس المراد التوسط بين شيئين لأن معنى فعلى التفضيل ولا يبنى منه إلا ما يقبل الزيادة والنقص ، والوسط بمعنى الخيار والعدل يقبلهما بخلاف المتوسط فلا يقبلهما فلا يبنى عليه أفعل تفضيل .
315 312 - ( مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم ) الكناني المدني تابع ثقة روى له مسلم والأربعة ( عن أبي يونس مولى nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين ) من ثقات التابعين لا يعرف اسمه ( أنه قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ) مثلث الميم والأشهر الضم ( ثم قالت : إذا بلغت هذه الآية فآذني ) بالمد وذال مكسورة ونون ثقيلة أعلمني ( حافظوا على الصلوات ) الخمس بأدائها في أوقاتها ( والصلاة الوسطى ) أفردها بالذكر لفضلها ( وقوموا لله قانتين ) قيل معناه مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351916كل قنوت في القراءة فهو طاعة " رواه أحمد وغيره ، وقيل ساكتين لحديث زيد بن أرقم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10351917كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ، رواه الشيخان ( فلما بلغتها آذنتها فأملت علي : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ) قال ابن عبد البر : فقوله وصلاة العصر بالواو [ ص: 490 ] الفاصلة التي لم يختلف في ثبوتها في حديث عائشة هذا بخلاف حديث حفصة بعده قال : وثبوتها يدل على أنها ليست الوسطى ، قال الباجي : لأن الشيء لا يعطف على نفسه ، قال : وهذا يقتضي أن يكون بعد جمع القرآن في مصحف وقبل أن تجمع المصاحف على المصاحف التي كتبها عثمان وأنفذها إلى الأمصار لأنه لم يكتب بعد ذلك في المصاحف إلا ما أجمع عليه وثبت بالتواتر أنه قرآن .
( قالت : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال الباجي : يحتمل أنها سمعتها على أنها قرآن ثم نسخت كما في حديث البراء ، فلعل عائشة لم تعلم بنسخها أو اعتقدت أنها مما نسخ حكمه وبقي رسمه ، ويحتمل أنه ذكرها صلى الله عليه وسلم على أنها من غير القرآن لتأكيد فضيلتها فظنتها قرآنا فأرادت إثباتها في المصحف لذلك ، أو أنها اعتقدت جواز إثبات غير القرآن معه على ما روي عن أبي وغيره من الصحابة أنهم جوزوا إثبات القنوت وبعض التفسير في المصحف وإن لم يعتقدوه قرآنا اهـ .
واحتماله الثاني ليس بظاهر وقال أبو عمر : النسخ في القرآن ثلاثة أوجه : نسخ رسم فلا يقرأ به إلا أنه ربما جاءت منه أشياء لا يقطع بأنها قرآن .
وحديث عائشة هذا رواه مسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والترمذي عن قتيبة ، الثلاثة عن مالك به .
وروى مسلم عن عقبة عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال : نزلت هذه الآية : حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله فنزلت : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ( سورة البقرة : الآية 238 ) فقال رجل كان جالسا عند شقيق له : هي إذا صلاة العصر ، فقال البراء : قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله ، فالله أعلم .
قال القرطبي : وهذا أقوى حجة لمن قال : العصر ، لأنه يشعر بأنها أبهمت بعدما عينت ، قال الحافظ : وفي إشعاره بذلك نظر بل الذي فيه أنها عينت ثم وصفت ، ولذا قال الرجل فهي إذا العصر ولم ينكر عليه البراء ، نعم جواب البراء يشعر بالتوقف لما يطرقه من الاحتمال اهـ .
وعبارة المفهم يظهر منه التردد لكن في ماذا هل نسخ تعيينها فقط ؟ وبقيت هي الوسطى أو نسخ كونها الوسطى ؟ فيه تردد وإلا فقد أخبر بوقوع النسخ .
وقال الأبي : لا يعترض على أنها العصر بقول البراء قد أخبرتك . . . . إلخ ، لاحتمال أن المنسوخ النطق بلفظ العصر وقد أشار البراء إلى الاحتمال بقوله فالله أعلم .