330 327 - ( مالك عن أبي الزبير ) محمد بن مسلم بن تدرس بفتح الفوقية وسكون المهملة وضم الراء الأسدي مولاهم ( المكي ) صدوق روى له الجميع ، وله في الموطأ ثمانية أحاديث ومات سنة ست أو ثمان وعشرين ومائة .
( عن أبي الطفيل ) بضم الطاء المهملة [ ص: 503 ] وفتح الفاء ( عامر بن واثلة ) بمثلثة ابن عبد الله بن عمرو الليثي وربما سمي عمر ولد عام إحدى عشر ورأى النبي وروى عن أبي بكر فمن بعده ، وعمر إلى أن مات سنة عشر ومائة على الصحيح وهو آخر من مات من الصحابة ، قاله مسلم وغيره .
( أن معاذ بن جبل ) بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي ، مشهور من أعيان الصحابة شهد بدرا وما بعدها وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن ، مات بالشام سنة ثماني عشرة .
( أخبره أنهم ) أي الصحابة ( خرجوا مع رسول الله عام تبوك ) بمنع الصرف لوزن الفعل كتقول ( فكان رسول الله يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ) أي جمع تأخير كذا حمله الباجي .
( قال : فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ) جمع تأخير وحمله بعضهم على الجمع الصوري بأن صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أوله ، وتعقبه الخطابي وابن عبد البر وغيرهما بأن الجمع رخصة فلو كان صوريا لكان أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة في وقتها ، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلا عن العامة ، ومن الدليل على أن الجمع رخصة قول ابن عباس : أراد أن لا يحرج على أمته . رواه مسلم .
وأيضا فصريح الأخبار أن الجمع في وقت [ ص: 504 ] إحدى الصلاتين وهو المتبادر إلى الفهم من لفظ الجمع .
( ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ) قال الباجي : مقتضاه أنه مقيم غير سائر لأنه إنما يستعمل في الدخول إلى الخباء والخروج منه وهو الغالب إلا أن يريد دخل إلى الطريق مسافرا ثم خرج عن الطريق للصلاة ، ثم دخله للسير وفيه بعد وكذا نقله عياض واستبعده وقال ابن عبد البر : هذا أوضح دليل على رد من قال : لا يجمع إلا من جد به السير ، وهو قاطع للالتباس اهـ .
وفي هذه الأحاديث تخصيص حديث الأوقات التي بينها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم وبينها النبي للأعرابي بقوله في آخرها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351932الوقت ما بين هذين " ، ( ثم قال : إنكم ستأتون غدا إن شاء الله ) تبركا وامتثالا للآية ( عين تبوك ) التي بها ، ففيه دليل على عدم تسميتها بذلك لوقوع هذا القول قبل إتيانها بيوم .
( وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار ) يرتفع قويا ( فمن جاءها ) أي قبلي بدليل قوله ( فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي ) بالمد : أجيء ، قال الباجي : وفيه أن للإمام المنع من الأمور العامة كالماء والكلأ للمصلحة ( فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين تبض ) بضاد مهملة رواه يحيى وجماعة أي تبرق ، ورواه ابن القاسم والقعنبي بمعجمة أي تقطر وتسيل يقال بض الماء وضب على القلب بمعنى والوجهان معا صحيحان .
( بشيء من ماء ) يشير إلى تقليله اهـ .
وقال أبو عمر : الرواية الصحيحة المشهورة في الموطأ تبض بالضاد المنقوطة وعليها الناس .
( فسألهما رسول الله : هل مسستما ) بكسر السين الأولى على الأفصح وتفتح ( من مائها شيئا ؟ فقالا : نعم ) قال الباجي : لأنهما لم يعلما نهيه أو حملاه على الكراهة أو نسياه إن كانا مؤمنين .
وروى أبو بشر الدولابي أنهما كانا من المنافقين ( فسبهما رسول الله وقال لهما ما شاء الله أن يقول ) لنفاقهما أو عمل النهي على الكراهة ، فإن كانا لم يعلما أو نسيا فكأنه سبهما إذ كانا سببا لفوات ما أراده من إظهار [ ص: 505 ] المعجزة كما يسب الساهي والناسي ويلامان إذا كانا سببا لفوات محروس عليه اهـ .
( ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلا قليلا ) بالتكرار دليلا على نهاية القلة ( حتى اجتمع ) الماء الذي غرفوه ( في شيء ) من الأواني التي كانت معهم ولا قلب فيه ، وأن أصله غرفوا في شيء حتى اجتمع ماء كثير كما توهم ( ثم غسل رسول الله فيه ) أي الشيء أي الإناء ( وجهه ويديه ) للبركة ، والأظهر أن فيه ضمير فيه للماء أي به وعبر بفي لمشاكلة قوله ( ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ) وفي مسلم : بماء منهمر ، أو قال : غزير ، شك أبو علي أي راويه عن مالك .
( فاستقى الناس ) شربوا وسقوا دوابهم فهو إخبار عن كثرة الماء وهم جيش كثير عددهم .
( ثم قال رسول الله يوشك ) يقرب ويسرع من غير بطء ( يا معاذ إن طالت بك حياة ) أي إن أطال الله عمرك ورأيت هذا المكان ( أن ترى ) بعينك فاعل يوشك وأن بالفتح مصدرية ( ما ) موصولة أي الذي ( هاهنا ) إشارة للمكان ( قد ملئ ) بالبناء للمفعول ونائبه الضمير أي هو ( جنانا ) نصب على التمييز بكسر الجيم جمع جنة بفتحها أي يكثر ماؤه ويخصب أرضه فيكون بساتين ذات أشجار كثيرة وثمار ، قال الباجي : وهذا إخبار بغيب قد وقع ، وخص معاذا بذلك لأنه استوطن الشام وبها مات ، فعلم صلى الله عليه وسلم بالوحي أنه سيرى ذلك الموضع كما ذكر ، وأنه يمتلئ جنانا ببركته صلى الله عليه وسلم ، ولو لم يكن له معجزة غير هذه لتبين صدقه وظهرت حجته .
وقال ابن عبد البر : قال ابن وضاح : أنا رأيت ذلك الموضع كله حوالي تلك العين جنانا خضرة نضرة ولعله يتمادى إلى قيام الساعة وهكذا النبوة ، وأما الشجر فلا يبقى بعد مفارقة صاحبه اهـ .
وهذا الحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال : حدثنا أبو علي الحنفي قال : حدثنا مالك به سوى الشك الذي ذكرته .