الصلاة لغة الدعاء ، قال تعالى : ( وصل عليهم ) ( سورة التوبة : الآية 103 ) أي ادع لهم ، والدعاء نوعان : دعاء عبادة ودعاء مسألة ، فالعابد داع كالسائل وبهما فسر قوله تعالى : ( ادعوني أستجب لكم ) ( سورة غافر : الآية 60 ) أي أطيعوني أثبكم أو سلوني أعطكم ، وترد بمعنى الاستغفار كقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352055إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم " فسر في رواية : أمرت أن أستغفر لهم ، وبمعنى القراءة ولا تجهر بصلاتك فيختلف حال الصلاة بحسب حال المصلي والمصلى له والمصلى عليه .
ونقل البخاري وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبي العالية أحد كبار التابعين صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه ثم ملائكته وصلاة الملائكة الدعاء .
ورجح الشهاب القرافي أنها من الله المغفرة .
وقال الرازي والآمدي الرحمة وتعقب بأنه غاير بينهما في قوله : ( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) ( سورة البقرة : الآية 157 ) وقال ابن الأعرابي : الصلاة من الله الرحمة ، ومن الآدميين وغيرهم من الملائكة والجن الركوع والسجود والدعاء والتسبيح ، ومن الطير والهوام التسبيح ، قال تعالى : ( كل قد علم صلاته وتسبيحه ) ( سورة النور : الآية 41 ) .
- ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ) بفتح المهملة وإسكان الزاي نسبة لجده .
وفي رواية ابن وضاح وغيره : أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على الأصل ( عن أبيه ) [ ص: 569 ] أبي بكر اسمه وكنيته واحد وقيل : يكنى أبا محمد ( عن عمرو ) بفتح العين ( ابن سليم ) بضم السين ( الزرقي ) بضم الزاي وفتح الراء وكسر القاف ( أنه قال : أخبرني ) بالإفراد ( أبو حميد ) بضم الحاء ( الساعدي ) الصحابي الشهير اسمه المنذر بن سعد بن المنذر أو ابن مالك ، وقيل : اسمه عبد الرحمن وقيل : عمرو ، شهد أحدا وما بعدها وعاش إلى أول سنة ستين ( أنهم ) أي الصحابة ( قالوا : يا رسول الله ) قال الحافظ : وقفت من تعيين من باشر السؤال على جماعة أبي بن كعب في الطبراني ، وبشير بن سعد عند مالك ، ومسلم وزيد بن خارجة الأنصاري عند النسائي ، وطلحة بن عبيد الله عند الطبراني ، وأبي هريرة عند الشافعي ، وعبد الرحمن بن بشير عند إسماعيل القاضي في كتاب فضل الصلاة ، وكعب بن عجرة عند ابن مردويه ، قال : فإن ثبت تعدد السائل فواضح ، وإن ثبت أنه واحد فالتعبير بصيغة الجمع إشارة إلى أن السؤال لا يختص به بل يريد نفسه ومن وافقه على ذلك ، وليس هو من التعبير عن البعض بالكل بل حمله على ظاهره من الجمع هو المعتمد لما ذكر .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352060وبارك على محمد وأزواجه وذريته ) قال العلماء : معنى البركة هنا الزيادة من الخير والكرامة ، وقيل : هي بمعنى التطهير والتزكية أي طهرهم ، وقد قال تعالى : ( ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ( سورة الأحزاب : الآية 33 ) وقيل : تكثير الثواب فالبركة لغة التكثير قاله الباجي ، وقيل المراد ثبات ذلك ودوامه من [ ص: 570 ] قولهم : بركت الإبل أي ثبتت على الأرض ، وبه جزم أبو اليمن بن عساكر فقال : وبارك أي أثبت لهم وأدم لهم ما أعطيتهم من الشرف والكرامة .
قال السخاوي : ولم يصرح أحد بوجوب قوله : وبارك على محمد فيما عثرنا عليه غير أن ابن حزم ذكر ما يفهم منه وجوبها في الجملة ، فقال : على المرء أن يبارك عليه ولو مرة في العمر ، وظاهر كلام صاحب المغني من الحنابلة وجوبها في الصلاة ، قال المجد الشيرازي : والظاهر أن أحدا من الفقهاء لا يوافق على ذلك .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352061كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد ) فعيل من الحمد بمعنى مفعول وهو من تحمد ذاته وصفاته أو المستحق لذلك ، أو بمعنى حامد أي يحمد أفعال عباده حول للمبالغة وذلك مناسب لزيادة الإفضال وإعطاء المراد من الأمور العظام ، ( مجيد ) بمعنى ماجد من المجد وهو الشرف ، واستشكل بأن المشبه دون المشبه به والواقع هنا عكسه لأن محمدا وحده أفضل من إبراهيم وآله ، وقضية ذلك أن الصلاة المطلوبة له أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل لغيره .
وقوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352063اللهم صل على محمد " مقطوع عن التشبيه فهو متعلق بقوله : وعلى آل محمد ، وتعقب بأنه مخالف لقاعدة الأصول في رجوع المتعلقات إلى جميع الجمل ، وبأن التشبيه قد جاء في بعض الروايات من غير ذكر الآل ، وبأن غير الأنبياء لا يمكن أن يساووا الأنبياء ، فكيف يطلب لهم صلاة مثل الصلاة التي وقعت لإبراهيم والأنبياء من آله ؟ ورد هذا بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصفات التي كانت سببا للثواب ، أو أن كون المشبه به أرفع من المشبه لا يطرد بل قد يكون بالمثل بل بالدون كقوله تعالى : ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ) ( سورة النور : الآية 35 ) وأين يقع نور طاقة فيها مصباح من نور العليم الفتاح ؟ لكن لما كان المراد من المشبه به أن يكون شيئا ظاهرا واضحا للسامع حسن تشبيه النور بالمشكاة ، وكذا هنا لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهورا واضحا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب لمحمد وآله بالصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآله ، ويؤيده ختم الطلب المذكور بقوله في العالمين ، ولذا لم يقع في العالمين إلا في ذكر إبراهيم [ ص: 571 ] دون ذكر آل محمد على ما في الحديث التالي .
وقال عياض : أظهر الأقوال أنه سأل ذلك لنفسه ولأهل بيته ليتم النعمة عليهم كما أتمها على إبراهيم وآله ، وقيل : بل سأل ذلك لأمته ، وقيل : بل ليبقى له ذلك دائما إلى يوم القيامة ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كإبراهيم ، وقيل : سأل صلاة يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم ، وقيل : هو على ظاهره والمراد اجعل لمحمد وآله صلاة بمقدار الصلاة التي لإبراهيم وآله ، والمسئول مقابلة الجملة بالجملة ، فإن المختار في الآل أنهم جميع الأتباع ، ويدخل في آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء ، ولا يدخل في آل محمد نبي ، فطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء .
قال النووي : وهذا وكون المشاركة في أصل الصلاة لا قدرها ، وكون المسئول له مثل إبراهيم وآله هم آل محمد لا نفسه هي الأقوال الثلاثة المختارة .
وقال ابن القيم : الأحسن أن يقال هو صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم ، وقد ثبت ذلك عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم ) ( سورة آل عمران : الآية 33 ) قال : محمد من آل إبراهيم فكأنه أمرنا أن نصلي على محمد وعلى آل محمد خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموما ، فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له ، وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم وتظهره فائدة التشبيه ، وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ .
وقال الحليمي : سبب هذا التشبيه أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ، وقد علم أن محمدا وآل محمد من أهل بيت إبراهيم فكأنه قال : أجب دعاء الملائكة الذين قالوا ذلك في محمد وآل محمد كما أجبتها عندما قالوها في آل إبراهيم الموجودين حينئذ ، ولذا ختم بما ختم به هذه الآية وهو قوله : إنك حميد مجيد .
وهذا الحديث رواه البخاري في أحاديث الأنبياء عن عبد الله بن يوسف وفي الدعوات عن عبد الله بن مسلمة ، ومسلم في الصلاة من طريق روح وعبد الله بن نافع ، والنسائي من طريق ابن القاسم خمستهم عن مالك به .