ألا ليت شعري هل تغير بعدنا قباء وهل زال العقيق وحاضره .
وأنكر بعضهم قصره لكن حكاه صاحب العين ، قال البكري : من العرب من يذكره فيصرفه ، ومنهم من يؤنثه فلا يصرفه ، وفي المطالع على ثلاثة أميال من المدينة ، وقال ياقوت : على ميلين على يسار قاصد مكة ، وهو من عوالي المدينة سمي باسم بئر هناك ، قال أبو عمر : اختلف في سبب إتيانه فقيل : لزيارة الأنصار ، وقيل : للتفرج في حيطانها ، وقيل : للصلاة في مسجدها وهو الأشبه ، وفي مسلم من رواية ابن عيينة والبخاري من رواية عبد العزيز بن مسلم ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352091كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي مسجد قباء كل سبت " ، ( راكبا ) تارة ( وماشيا ) أخرى بحسب ما تيسر ، والواو بمعنى أو ، زاد مسلم من رواية عبيد الله ، عن نافع : ( فيصلي فيه ركعتين ، وزاد الشيخان في الطريق المذكورة ، وكان عبد الله بن عمر يفعله وخص السبت لأجل مواصلته لأهل قباء وتفقده لحال من تأخر منهم عن حضور الجمعة معه - صلى الله عليه وسلم - في مسجده بالمدينة ، قال أبو عمر : لا يعارضه [ ص: 578 ] حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351648لا تعمل المطي إلا لثلاثة مساجد " لأن معناه عند العلماء في النذر إذا نذر أحد الثلاثة لزمه إتيانه ، أما إتيان مسجد قباء وغيره تطوعا بلا نذر فيجوز ، وإعمال المطي معناه الكلفة والمعونة والمشقة .
وقال الباجي : ليس إتيان قباء من المدينة من إعمال المطي ؛ لأنه من صفات الأسفار البعيدة ، ولا يقال لمن خرج من داره إلى المسجد راكبا أنه أعمل المطي ، ولا خلاف في جواز ركوبه إلى المسجد قريب منه في جمعة أو غيرها ، ولو أتى أحد إلى قباء من بلد بعيد لارتكب النهي .
وروى عمر بن شيبة في أخبار المدينة بإسناد صحيح ، عن سعد بن أبي وقاص قال : لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل ، انتهى .
وعلى هذا فالسر في جوابه - صلى الله عليه وسلم - بأنه مسجده ، رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء .
قال الداودي وغيره : ليس هذا اختلافا ؛ لأن كلا منهما أسس على التقوى ، وكذا قال السهيلي : وزاد ، لكن قوله : من أول يوم ( سورة التوبة : الآية 108 ) يقتضي مسجد قباء ؛ لأن تأسيسه في أول يوم حل النبي - صلى الله عليه وسلم - بدار الهجرة ، انتهى .
والحديث رواه مسلم ، عن يحيى ، عن مالك ، عن ابن دينار به ، وتابعه عبد العزيز بن مسلم في البخاري ، وإسماعيل بن جعفر [ ص: 579 ] وسفيان بن عيينة في مسلم ثلاثتهم ، عن ابن دينار ، وتابعه في روايته عن نافع أيوب السختياني في الصحيحين ، وعبيد الله بن عمر وابن عجلان كلاهما في مسلم .