كأن مغايرة هذه الترجمة للتي قبلها العمل في جامع الصلاة اعتبارية ، وهي أن الأحاديث التي أوردها في تلك تتعلق بذات الصلاة ، ومنه ندب إيقاعها بمسجد قباء ، وهذه تتعلق بما ليس من ذاتها كحمل الصبية وتعاقب الملائكة وتقديم الأفضل للإمامة وغير ذلك .
- ( مالك ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ) ابن العوام القرشي الأسدي أبي الحارث المدني التابعي ، ثقة عابد ، مات سنة إحدى وعشرين ومائة .
( عن عمرو ) بفتح العين ( ابن سليم ) بضم السين ( الزرقي ) بضم الزاي وفتح الراء وقاف الأنصاري ( عن أبي قتادة ) [ ص: 585 ] الحارث ، ويقال : عمرو أو النعمان بن ربعي بكسر الراء وسكون الموحدة فمهملة ( الأنصاري ) صحابي شهير ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352109أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة ) بضم الهمزة وتخفيف الميمين كانت صغيرة في عهده - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها علي بعد فاطمة بوصية منها ولم تعقب ، والمشهور في الروايات تنوين حامل ونصب أمامة وروي بالإضافة كما قرئ قوله تعالى : إن الله بالغ أمره ( سورة الطلاق : الآية 3 ) بالوجهين ويظهر أثرهما في قوله : ( بنت زينب ) فتفتح وتكسر بالاعتبارين ( بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أكبر بناته ، والإضافة بمعنى اللام فأظهر في المعطوف وهو قوله : ( ولأبي العاصي ) ما هو مقدر في المعطوف عليه قاله الكرماني ، وأشار ابن العطار إلى أن حكمة ذلك كون والد أمامة كان إذ ذاك مشركا فنسبت إلى أمها تنبيها على أن الولد ينسب إلى أشرف أبويه دينا ونسبا ، ثم بين أنها بنت أبي العاصي تبيينا لحقيقة نسبها .
قال الحافظ : وهذا السياق لمالك وحده .
وقد رواه غيره ، عن عامر بن عبد الله فنسبوها إلى أبيها ثم بينوا أنها بنت زينب كما في مسلم وغيره .
ولأحمد من طريق المقبري ، عن عمرو بن سليم يحمل nindex.php?page=showalam&ids=219أمامة بنت أبي العاصي ، وأمها nindex.php?page=showalam&ids=437زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاتقه ، وكذا رواه عبد الرزاق ، عن مالك بإسناده فزاد " على عاتقه " ، وكذا لمسلم وغيره من طرق أخرى ، ولأحمد من طريق ابن جريج " على رقبته " .
( ابن ربيعة ) كذا ليحيى وجمهور الرواة .
ورواه يحيى بن بكير ومعن بن عيسى وأبو مصعب وغيرهم ابن الربيع وهو الصواب ، وادعى الأصيلي أنه ابن الربيع بن ربيعة فنسب إلى جده ، ورده عياض والقرطبي وغيرهما لإطباق النسابين على خلافه ؛ نعم نسبه إلى جده في قوله : ( ابن عبد شمس ) وإنما هو ابن عبد العزى بن عبد شمس بإطباق النسابين أيضا ، واسم أبي العاصي لقيط ، وقيل : مقسم ، وقيل : القاسم ، وقيل : مهشم ، وقيل : هشيم ، وقيل : ياسر ، أسلم قبل الفتح وهاجر ، ورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب وماتت معه وأثنى عليه في مصاهرته وتوفي في خلافة الصديق .
( فإذا سجد وضعها ) كذا لمالك أيضا .
ولمسلم من طريق عثمان بن أبي سليمان ومحمد بن عجلان ، والنسائي من طريق الزبيدي ، وأحمد من طريق ابن جريج ، وابن حبان من طريق أبي العميس ، كلهم عن عامر شيخ مالك : إذا ركع وضعها ( وإذا قام حملها ) ولمسلم : فإذا قام أعادها ، ولأحمد من طريق ابن جريج : وإذا قام حملها فوضعها على رقبته ، ولأبي داود من طريق المقبري ، عن عمرو بن سليم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352110حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها مكانها " وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه لا منها ، بخلاف ما أوله الخطابي وابن دقيق العيد بأن الفعل الصادر منه هو الوضع لا الرافع لتعلقها به إذا سجد فينهض فتبقى محمولة فيضعها فيقل [ ص: 586 ] العمل .
لكن أعل ذلك ابن عبد البر بأن أبا داود رواه من طريق ابن إسحاق عن المقبري ، وقد رواه الليث عن المقبري فلم يقل في الظهر أو العصر فلا دلالة فيه على أنه في فريضة ، انتهى .
ورواية الليث أخرجه البخاري في الأدب ، والاستبعاد لا يمنع الوقوع وقد أم في النفل في قصتي مليكة وعتبان وغيرهما ، وعند الزبير بن بكار ، وتبعه السهيلي : الصبح ، ووهم من عزاه للصحيحين .
قال القرطبي : وروى أشهب وعبد الله بن نافع ، عن مالك أن ذلك لضرورة ، حيث لم يجد من يكفيه أمرها .
وقال بعض أصحابه : لأنه لو تركها لبكت وشغلت سره في صلاته أكثر من شغله بحملها .
وقال الباجي : إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة ، وإن لم يجد جاز فيهما .
قال القرطبي : وروى عبد الله بن يوسف ، عن مالك أن الحديث منسوخ ، قال الحافظ : روى ذلك الإسماعيلي صحيح ، ولفظه : قال التنيسي : قال مالك من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ناسخ ومنسوخ وليس العمل على هذا .
وقال ابن عبد البر : لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال وبأن هذه القصة كانت بعد قوله - صلى الله عليه وسلم - : إن في الصلاة لشغلا ؛ لأنه كان قبل الهجرة بمدة مديدة .
وذكر عياض عن بعضهم أنه من خصائصه لعصمته من أن تبول وهو حاملها ، ورد بأن الأصل عدم الاختصاص ، وبأنه لا يلزم من ثبوته في أمر ثبوته في غيره بلا دليل ولا دخل للقياس في مثله ، وحمله أكثر العلماء على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان صلاته .
وقال النووي : ادعى بعض المالكية أنه منسوخ ، وبعضهم من الخصائص ، وبعضهم أنه لضرورة وكله دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها ، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع ؛ لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه ، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة ، والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت وتفرقت ، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك ، وإنما فعله - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز ، وقال الفاكهاني : كأن السر فيه دفع ما ألفته العرب من كراهة البنات وحملهن فخالفهم حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم ، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول ، وفيه ترجيح العمل بالأصل على الغالب .
وفي التمهيد : حمله العلماء على أن أمامة كانت عليها ثياب طاهرة وأنه أمن منها ما يحدث من البول ، والحديث رواه البخاري في الصلاة عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن عبد الله بن مسلمة ، وقتيبة ويحيى التميمي أربعتهم ، عن مالك به ، وتابعه عثمان بن سليمان وابن عجلان ، عن عامر به عند مسلم .